رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

منظومة الخبز

لمنع الإهدار.. كيف تحمي الدولة خبز الفقراء من السرقة؟

الخبز
الخبز

«مش معقول نبيع عشرين رغيف بثمن 20 سيجارة».. كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال حفل افتتاح المدينة الصناعية الغذائية "سايلو فودز" بمدينة السادات بمحافظة المنوفية وعدد من المشروعات الأخرى بمدن الدلتا.

 "الدستور" في السطور التالية تواصلت مع كافة أطراف القضية للوقوف على دور منظومة الخبز في حماية حقوق المواطنين من خلال منع سرقة الخبز المدعم، وكيف تؤثر القرارات الجديدة على المواطنين.

 

حسن محمدي: 3 مليارات جنيه حجم الإهدار في منظومة الخبز 

 حسن محمدي رئيس شعبة المخابز بغرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية؛ قال إن قرار تحريك سعر رغيف العيش جاء متأخراً خمس سنوات؛ وذلك لانعدام قيمة رغيف الخبز المدعم لدى المواطن.

وتابع محمدي قبل زيادة الدعم كان الدقيق المستخدم استخراج ٧٦٪؜ وسعر الرغيف من ١٠ إلى ٢٠ قرشا؛ وبعد توجيهات رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي بإضافة نقاط الخبز لبطاقة التموين تم زيادة جودة الدقيق المستخدم إلى ٨٢٪؜ وانخفض سعره لـ٥ قروش؛ واقترح رئيس شعبة المخابز بغرفة الحبوب أن يكون نسبة الاستخراج ٨٠٪؜ مع تحريك عادل لسعر الرغيف للقضاء على الإهدار.

وقدر محمدي حجم الإهدار في منظومة الخبز بنحو ٥٠٪؜ من حجم الإنتاج فيما يعادل ٣ مليارات جنيه؛ وعن أشكال الأهدار يقول محمدي إنه يتمثل في استخدام رغيف العيش كعلف للحيوانات والدواجن؛ أو التواطؤ مع أصحاب المخابز ومكتب التموين لإعادة بيعه مرة أخرى؛ وفي كثير من الأحيان يتم استبدال نقاط الخبز بسلع استهلاكية بما يعني عدم أهمية رغيف العيش عند المواطن واستبداله بالعيش السياحي.

وشرح لـ"الدستور" أن تعديل سعر رغيف العيش سيجبر المواطن على الحفاظ على الدعم ووصوله لمستحقيه؛ والقضاء على ما تبقى من إهدار في شكل علف الحيوانات.

رئيس شعبة المخابز: القرار متأخر وأنادي بتحرير سعر الرغيف

يرى رئيس شعبة المخابز عطية حماد أن قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيادة سعر رغيف العيش جاء متأخرًا ثلاثون عاماً، موضحاً أن وزارة التموين لا تعمل بمنأى عن الوزارات الأخرى، ولا عن التغييرات والتأثيرات العالمية التي تطرأ على مدخلات صناعة رغيف الخبز، من قمح ودقيق وكهرباء، مشيراً إلى أن أسعار كافة تلك المدخلات قد ارتفعت عالميًا، وهو ما بالطبع يجب أن يكون له تأثيرًا كذلك على سعر الرغيف الذي يعد إنتاجه وصناعته مثلها مثل أي صناعة أخرى تخضع لعدة عوامل تؤثر على تكلفتها كما أضاف عطا-وحسب قوله- إنه كان من بين المنادين ليس فقط بتحريك سعر الرغيف ولكنه نادى بتحريره بشكل كامل، ليتم إخضاعه لعمليات العرض والطلب فهو مثله مثل أي سلعة أخرى يتعرض لمعايير العرض والطلب، مشيرًا إلى أن هناك فئة ليست بالقليلة تشتري رغيف الخبز خارج البطاقة بسعر جنيه كامل للرغيف الواحد، كما تابع أن المواطن سيدرك مستقبلًا أن ارتفاع سعر رغيف الخبز هو من بين القرارات التي تهدف في مصلحته وليس ضده على الإطلاق.

وتابع أن ذلك التحريك لسعر الرغيف جاء بشكل مدروس للغاية لكي لا يؤثر سلبًا على محدودي الدخل، وبالطريقة التي يضمن لهم الحصول على رغيف آدمي مع تحقيق أدنى متطلبات تكلفته، واختتم أن الرئيس السيسي قد لخص الأمر بشكل صريح ومنطقي بقوله "مش معقول نبيع عشرين رغيف بثمن سيجارة".

وأوضح أن الدولة تقوم بدعم منظومة رغيف العيش بنحو ٥٣ مليار جنيه سنويا؛ ويقدر حجم الإهدار من هذا الدعم بنحو ٥٠ إلى ٦٠٪؜؛ لانخفاض قيمة رغيف العيش بالنسبة للمواطن الذي كان يطعمه للمواشي والدواجن لقيمته الغذائية العالية وسعره المنخفض مقارنة بالأعلاف الحيوانية.

وعن مواصفات رغيف العيش الذي يستخدمه كثير من المواطنين كعلف للحيوانات فهي استخدام دقيق استخراج ٨٢٪؜ ؛ وزن ٩٠ جرام؛ قطر ١٨ سم؛ بالإضافة لتدعيمه بكافة الفيتامينات المطلوبة لكبار السن وأصحاب أمراض الشيخوخة وهي المواصفات التي يفتقر إليها الرغيف السياحي؛ والذي يفضله المواطن ويهدر الرغيف المدعوم ويقدمه علف للحيوانات.

وعن قدرة الدولة في القضاء على نسبة كبيرة من الإهدار في حق رغيف الخبز المدعوم؛ يقول عطية حماد؛ أن إضافة نقاط الخبز على بطاقة التموين ساهم في القضاء على نسبة كبيرة من هذا الفساد؛ وقرارات الرئيس اليوم حول تحريك سعر الرغيف  تساهم بشكل كبير في القضاء على باقي الفساد.

قضايا الفساد في منظومة الخبز

الخبز 

في أوائل هذا العام تم ضبط صاحب مخبز استولى على 14 مليون جنيه نتيجة تلاعب في صرف الخبز وتصريف الدقيق، كما ضبط 10 آلاف رغيف مدعم في الشرقية قبل بيعهم في السوق السوداء، وكذلك تم ضبط 55 شيكارة دقيق مدعمة أثناء نقلها من المخبز لبيعها في السوق السوداء، كما تمكنت مباحث التموين من ضبط 4 مواطنين بالمطرية قاموا بالاستيلاء على 33 مليون جنيهًا من أموال الدعم من خلال 900 بطاقة تموينية و5 ماكينات صرف خبز، كما تمكنت وزارة التموين من الحد الكبير من نزيف إهدار المال بها والذي وصل حسب ما أعلنته إلى حوالى 12 مليار جنيه، كما قضت على احتكار توريد القمح المستورد.

المنسق العام لوزارة التموين: المواطن نفسه شعر بالفرق بالتغيير الإيجابي في منظومة الخبز 

الدكتور إبراهيم العراقي المنسق العام لوزارة التموين أكد في حديثه لـ"الدستور" أن الوزارة استطاعت في السنوات الأخيرة أن تقضي على الفساد بمنظومة الخبز، من خلال إحكام العمليات الرقابية المستمرة على المخابز والتفتيش عليها بصورة منتظمة وغير منتظمة، وكذا الرقابة على وزن الرغيف وجودته، وفي الوقت ذاته توقيع العقوبة القانونية للمخالفين، والتي تتحدد بين الغرامات والإغلاق للمخبز، بالإضافة إلى تفعيل منظومة الشكاوى بالوزارة واستجابتها لشكاوى المواطنين حول كل ما يخص المنظومة، مشيراً أن تلك هي الأمور التي كان له تأثيراً ايجابياً ملحوظًا في تحسين جودة رغيف الخبز في السنوات الأخيرة، والتي شعر بها المواطن نفسه، وذلك تم مع تطبيق الوزارة لمنظومة الخبز الجديدة.

 

7 سنوات على منظومة الخبز الجديدة 

الخبز 

منذ تطبيق منظومة الخبز الذكي بشكل كامل على مستوى الجمهورية أواخر 2014، لم ترصد الأجهزة الرقابية بوزارتي التموين والداخلية أي عمليات إهدار للدعم بشكل منظم، إلا أنه اكتشف في أغسطس 2017 ثغرات والحيل التي يستغلها ويستخدمها بعض أصحاب المخابز  لصرف حصص الخبز للمستفيدين، لتبدأ الوزارة ممثلة في هيئة الرقابة التموينية في مواجهتها.

ويستفيد منها 71 مليون و480 ألف مواطن إلى الآن، ينتج فيها 28 ألف مخبز 270.000.000 رغيف يوميًا بتكلفة 53 مليار جنيه سنويًا، وخلال هذه المنظومة يتم صرف الدقيق مجانًا للمخابز، فيحصل المخبز على 128 جنيه مقابل كل ألف رغيف تباع للمستفيدين. ويكون فيه وزن الرغيف القانوني 90 جرامًا بعد أن كان 110 جرامات حتى نوفمبر 2020.

أما عن الدعم المقدم للمواطن فيكون عبارة عن 5 أرغفة تقدم يومياً للمواطن، و5 قروش يدفعها مقابل الرغيف الواحد، وبذلك تتحمل الدولة وتكلفته 55 قرشا عن كل رغيف، و 10 قروش تستبدل بها سلع تموينية مقابل كل رغيف لا يصرف.

خالد الشافعي: منظومة الخبز أنقذت الأرواح لكن استغلها الفلاحين بشكل خاطيء

خالد الشافعي 

الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي، قال إن الهدف من إطلاق منظومة الخبز التي تسير عليها الدولة منذ ٢٠١٧، هُو إلزام أصحاب المطاحن والمخابز بدفع قيمة القمح والدقيق، ويحصلون على أموالهم بعد إنتاج الخبز، وهو ما ربط الإنتاج بالعائد على عكس ما سبق فكان يتلقى صاحب المخبز حصة الدعم كاملة ثم يقوم بالتوزيع دون رقابة، أي كان يُسمح له بالتلاعب وحجز أچولة من الدقيق لصاحبه دون إنتاج أرغفة توزع على المواطنين ومن هنا كنّا نجد مجازر ومشاحنات أمام المخابز وانتشار ظاهرة «شهداء رغيف الخبز».

وأكمل أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن إعادة هيكلة منظومة الخبز أحكم الرقابة وضيق دائرة إلقاء المسؤوليات داخل وزارة، التموين أي أنه ضمن وصول الدعم لمستحقيه فقط وهو ما لمسه المواطن خلال السنوات الأخيرة بشكل واضح.

وأضاف الشافعي في حديثه لـ"الدستور"، أن النجاح الحقيقي الذي حققته المنظومة هُوتقليل نسب الفساد بشكل واضح، فنادرًا ما نجد الآن شكوى من عدم وصول الخبز سواء من الموزعين أو المستحقين، لكن الدعم الكبير الذي تقدمه الدولة للرغيف خلال العقود الماضية كلفها مليارات دون عائد  خاصة مع ثبات حصة المواطن من عدد الأرغفة مع عدم زيادة سعره وهو ما لا يتناسب مع قيمة إنتاجه فوجدنا الفلاحين ومربي الدواجن يعتمدوا علىً الرغيف كوجبة تعليف لاحتوائه على نسبة عالية من الدقيق والردة لذا فإن الدعم يُصب في غير مكانه. 

منوهًا بأن سعر تكلفة رغيف الخبز الواحد حوالي 65 قرشا تتحمل الدولة 60 قرشا مقابل إنتاج كل رغيف، مع ثبات سعر بيع الرغيف بخمسة قروش، ويدفع المواطن 25 قرشا فقط مقابل حصته من الخبز يوميا المقدرة بـ ٥ أرغفة، تدعمها الدولة يوميًا بثلاث جنيهات، لذا تبلغ فاتورة دعم الخبز بنحو 53 مليار جنيه، ويغفل المواطن أن مصر تستورد حوالي 14 مليون طن قمح سنويا علاوة على شراء وزارة التموين القمح المحلي من المزارعين بقيمة 15 مليار جنيه، وكل هذا من خزينة الدولة مزودة مديونيتها.