رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من روائع الأدب العالمي

«السيدة صاحبة الكلب».. قصة «تشيخوف» عن فساد العلاقات الزوجية

تشيخوف
تشيخوف

«السيدة صاحبة الكلب»، هي واحدة من قصص الكاتب الروسي الكبير أنطوان تشيخوف، والتي بدأ فيها متأثرا برواية «أنا كارنينا» للعملاق تولستوى، حيث العلاقات الزوجية المعقدة في روسيا، وضرب نواقيس الخطر، بسبب خيانة الأزواج والزوجات وميل القلوب والانحدار في الهوى من ناحية، ومن ناحية أخرى الحض على الانفصال إذا تعقدت الأمور بفتور المشاعر الذي يصل إلى البغض والجنوح إلى الخيانة، ولم ينس تشيخوف ومن قبله تولستوى في قصتهما أن يبينا أن الطرفين يعيشان في صراع دائم بسبب العلاقة المحرمة.

حدث ذلك حين احتدم الألم في نفس «أنا كارنينا» وعشيقها فرونسكى، كما حدث أيضا بين أنا سيرجيفنا وعشيقها ديمترى في قصة السيدة صاحبة الكلب ، التي تبدأ من السيدة الغريبة عن مدينة يالطا والتي تتنزه بصحبة كلبها قرأها ديمترى الذي يبغض زوجته الأكبر منه سنا والتي تعامله بازدراء فخانها مرارا وتكرارا لدرجة جعلته يرى أن النساء جنس «منحط خلق لتفريغ شهوته».

يصل ديمترى إلى قلب «أنا سيرجيفنا» والتي تخبره أنها في نزهة وأن زوجها سيأتي إليها بعد شهر ورويدا رويدا بدأت البذرة المحرمة تنبت في قلبيهما ليقعا في الخطيئة، ثم ترحل إلى بلادها فيجد ديمترى نفسه متعلقا بها، كما يتعلق الجنين بالرحم، فيذهب إلى سيرجيفنا وتواعده على النزول إليه في يالطا، وفي المشهد الأخير يجلسا في غرفة النوم في الفندق ليخططا كيف يستمرا دون انقطاع أو منغصات، ليترك تشيخوف قصته مفتوحة، فهناك من يظن أنهما سيبحثا عن وسيلة إطلاق ديمترى لزوجته وطلاق أنا سيرجيفنا من زوجها، وهناك من يظن أنهما سيكملا في الخطيئة دون وازع من إيمان أو خوف من الله.

وهكذا يكون الكاتب صاحب استشراف لمستقبل بلاده، حيث أن التفكك الأسرى كفيل بأن يهدم المجتمع بأسره، فـ«الأسرة هى نواة المجتمع إذا فسدت فسدت الأمة، وإذا صلحت صلح حال الأمة».

وكلنا يعلم أن تولستوى وتشيخوف كانا يكتبا من أجل قضية أخلاقية وليس من أجل التسلية، فكلاهما كان مفكرا مهموما بقضايا المجتمعات وبما يحوك فى النفس البشرية من أقام يجب إصلاحها حتى لا يهلك الجميع.