رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ضحايا يتحدثون

متى يعود قانون المسؤولية الطبية؟.. حكايات من دفتر الإهمال الطبي

المسؤولية الطبية
المسؤولية الطبية

انتاب طلّق الولادة زوجة محمود.ع، في إحدى ساعات ليل الرابع من يونيو العام الماضي، لينتقل بها سريعًا إلى مستشفى سوهاج العام، إذ قبعت داخل غرفة العمليات قرابة 7 ساعات، حاول فيهم الأطباء استخراج الجنين دون جدوى.

لجأ الأطباء إلى توسيع فتحة المهبل إلا أن الطفل خرج يعاني من نقص حاد في الأكسجين، إلا إنه لم يكن متوفرًا في المستشفى، فتم ترك الطفل فترة طويلة من أجل جلب إسطوانة أكسجين له داخل الحضانة.

ولكن بعد دقائق من وصول الإسطوانة ووضعه عليه في الحضانة فارق الطفل الحياة، وفقًا لـ"محمود": "ابني مات بسبب الإهمال الطبي في المستشفى، لأن طالما مفيش أكسجين مفروض كانوا يرفضوا عملية الولادة أو ينقلوا زوجتي لمستشفى تانية".

محمود وكثيرون هم ضحايا الإهمال الطبي في مصر والذي زادت وقائعه خلال الفترة الأخيرة، ما دفع أصوات عديدة تطالب بعودة قانون المسؤولية الطبية والذي منوط به حماية ضحايا الإهمال الطبي في مصر.

كانت آخر تلك الأصوات، للدكتور أسامة عبدالحي، أمين عام نقابة الأطباء، الذي طالب مؤخرًا بإصدار قانون المسؤولية الطبية في مصر أسوة بدول العالم الأخرى، مؤكدًا أن القانون يمثل درع الحماية للطبيب والمريض على حد سواء.

وأضاف أمين عام النقابة: "اللجنة الطبية هي التي تحكم عما إذا كان ما حدث للمريض خطأ، أم مجرد مضاعفة طبية، وتقريرها يرفع للمحكمة إذا تم تحويل القضية للمحكمة"، موضحًا أن المضاعفة لا تعنى التقصير من الطبيب.

وتابع عبدالحي: "ولا يمكن توقع نجاح أي عملية جراحية بنسبة 100%"، وأشار إلى أن الإقرار الذي يتم توقيعه من أقارب المريض قبل إجراء الجراحة لا يعفى الطبيب من المسؤولية حال حدوث خطأ.

يفسر محمود سبب وفاة ابنه الأول رغم وضعه على إسطوانة أكسجين هو أن الطبيبة وضعت له الأنبوب الحنجري دون توصيل الأوكسجين ما أدى إلى وفاته، وحرر محضر رقم 4325 إداري طما ضد المستشفى.

يختتم: "زوجتي حصل ليها مضاعفات وكانت هتشيل الرحم لولا رحمة الأطباء أن قدروا يوقفوا النزيف بدل ما يلجأوا لاستئصال الرحم، وده كان أول طفل لينا ومات يعني مكنش هيبقى فيه فرص للحمل تاني".

 

قانون المسؤولية الطبية كان أول ظهور له العام 2016، وهو عبارة عن 6 أبواب الأول عن الأحكام العامة، والثاني عن تشكيل هيئة تقرير المسئولية الصحية، والثالث عن إجراءات تقديم الشكوى للهيئة، والرابع عن العقوبات، والخامس عن التأمين على المسئولية الصحية، والسادس عن أحكام انتقالية.

وحدد القانون الحالات التي يقع فيها على الطبيب مسؤولية الضرر للمريض والعكس، وهي كالآتي: "إذا كان الضرر الواقع على المريض هو أحد الآثار والمضاعفات الطبية المعروفة فى مجال الممارسة الطبية،إذا اتبع مقدم الخدمة الطبية أسلوبًا معينًا فى الإجراء مخالفًا لغيره فى الاختصاص، وإذا كان الضرر قد وقع بسبب فعل المريض نفسه أو رفضه للعلاج".

لم يختلف الأمر مع الطفل عمرو.ع، الذي يقطن في محافظة كفر الشيخ، ويحكي والده أنه توفي نتيجة إهمال طبي، حين دخل أحد المستشفيات الخاصة لإجراء عملية جراحية "فتاق" إلا أنه لم ينجو منها.

يقول: "الخطأ كان في التخدير، الدكتور إداله حقنة غلط، وده يعتبر خطأ طبي كارثي، ووقتها معرفناش أية أضرار الحقنة دي عليه، ووقتها الدكتور طمنا إن مفيش حاجة هتحصله، ودفعت 5 آلاف جنيه".

حين خرج عمرو، لم يكن كالسابق ولكن حالته تدهورت بالرغم من محاولات طمأنة الطبيب لوالده، حتى أجرى له أشعة لدى طبيب آخر اكتشف بها أنه أصيب في خلايا المخ في مركز الحركة وبعد ثلاث أيام ملازم للفراش توفى.

تقدر وزارة الصحة عدد الأخطاء الطبية في مصر سنويًا بـ 180 ألف حالة، وحسب تصريحات نقابة الأطباء فإن نحو 20 طبيبًا يتم شطبهم من النقابة سنويًا بسبب الأخطاء الطبية، وتنص المادة رقم ٢٤٤ من قانون العقوبات، على أن عقوبة الخطأ الطبي الجسيم الحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز ٢٠٠ أو ٣٠٠ جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.