رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف أسهم المفكر المصري عبد الرحمن بدوي في نشر فكرة «الوجودية» قبل سارتر؟

عبد الرحمن بدوي
عبد الرحمن بدوي

يعتبر عبد الرحمن بدوي، الذي حلت أمس الذكرى الـ19 لرحيله، أحد أهم وأبرز فلاسفة العالم، وأغزرهم إنتاجًا، إذ شملت أعماله أكثر من 150 كتابًا تتوزع ما بين تحقيق وترجمة وتأليف، ويعتبره بعض المهتمين بالفلسفة من العرب أول فيلسوف وجودي مصري، وذلك لشده تأثره ببعض الوجوديين الأوروبيين وعلى رأسهم الفيلسوف الألماني مارتن هايدجر.

يكشف حوار وزير الثاقافة المغربي السابق،  بنسالم حميس، مع المفكر الراحل عبد الرحمن بدوي، عن اقتران اسم المفكر المصري  بـ«الوجودية»، وهل مازلت مذهبه الفكري أم ودعها وأهملها؟ والذي جاء رده: “لاأزال أؤمن بالوجودية مذهبًا فلسفيًا اتخذته منذ أكثر من أربعين عامًا. وكلما تأملت ما ظهر بعد ذلك من مذاهب فلسفية ازددت اقتناعًا بأن الفلسفة الوجودية لاتزال هي آخر فلسفة حتى اليوم، وإلا فما الذي صدر بعدها؟ أما البنيوية فليست فلسفة بل هى مجرد منهج طبق في علمي الاجتماع واللسانيات، ثم أوشك نجمه على الأفول لأنه لم يأت بنتائج ذات قيمة فلسفية، على الرغم من الدعاية الهائلة التي أحيط بها أصحابة”. 

وأوضح أن ما يسمى بـ«الفلسفة الجديدة» فإنها هي الأخرى تلاعب بالألفاظ، ولم يظهر لها أي قيمة حتى الآن مشيرًا إلى مقال له نشر في مجال عالم الفكر، وقال: «من الواضح أني بدأت أسهم في الوجودية قبل سارتر وغيره، ممن شاءت الدعاية الزائفة ربط الوجودية بهم. فقد كانت شهادتي للماجستير بالفرنسية، تحت إشراف لالاند وكويري، حول مشكلة الموت في الوجودية، وكان ذلك 1939، ثم بعد ذلك أوضحت مذهبي داخل الوجودية في رسالة للدكتوراة بالعربية والفرنسية وعنوانها: الزمان الوجودي،  وقد طبعت 4 طبعات حتى الآن بينما أول كتاب لسارتر في الوجودية هو الوجود والعدم والذي صدر في أواخر سنة 1943».

ويضيف “بدوي” المفكر المصري، خلال حواره: “أما عن اتجاهي في الوجودية فهو أقرب ما يكون إلى هيدجر، مؤسس المذهب، وإلى حد ما يقترب من إسهام كارل ياسبرس.ز، وما يميز وجوديتي بخاصة هو الاتجاه الديناني في مقولات الوجود وتفسير انطولوجيا الوجود، وربما كمن في هذا بنيتشه الذ كان كتابي عنه هو أول انتاج لي”.

يتابع: “في 1939 ظهر على أنني حاولت أن اربط بين الوجودية وبين التراث الفلسفي الصوفي العربي، وذلك في كتاب لي بعنوان: الإنسانية والوجودية في الفكر العربي الصادر في سنة 1947. أما سعة انتشار مؤلفات في الوجودية في العالم العربي يدل على مدى اهتمام المثقف العربي بهذا المذهب خصوصًا وقد عرضت بلغة بسيطة مذاهب الفلاسفة الوجودين ككيركجورد وهيدجر وياسبرز وسارتر ومارسل وأونامونو وأرتيجا أي جراسي وبارديف في كتابي دراسات في الفلسفة الوجودية الذي ظهر سنة 1962، وفي كل طبعة تالية يزداد المؤلف حجما أحيانا أكثر من الضعف”.