رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مفتي الجمهورية السابق يتحدث عن أهمية اللغة

علي جمعة: اللغة مهمة في بناء الحضارة وجسر التواصل بين الإنسان وأقرانه

د. على جمعة
د. على جمعة

قال الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية السابق، وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إنه قد يغفل الكثير من الناس عن أهمية اللغة في بناء الحضارة، رغم أنها الجسر الوحيد للتواصل بين الإنسان وأقرانه المحيطين به أو أجداده من الأجيال السابقة أو أحفاده من الأجيال القادمة، فاللغة هي الأداة التي جعلت فكرة بناء الحضارة عبر الأجيال قائمة وفعالة والتحدث عن اللغة وعلاقتها بالحضارة الإسلامية يتمحور حول عدد من الأسئلة: “هل هناك لغة مقدسة؟ وما معنى قداستها؟ وإلى أي مدى نتمسك بتلك القداسة؟”.

وَتابع جمعة، عبر صفحتة الرسمية “فيس بوك”: “اللغة المقدسة عند علماء اللغويات توصف بها اللغات التي بها نص مقدس له أتباع يأخذونه كمصدر لمعرفتهم وأحكام حياتهم، أو إطار لسلوكهم، وبهذا التعريف فإن اللغة العبرية التي كُتب بها (التوراة)، واللغة السنسكريتية التي بها كُتب (الفيدا)، واللغة العربية التي بها نزل وكُتب (القرآن الكريم) هي لغات مقدسة، قال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [يوسف:٢]، وقال تعالى: (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ) [الشعراء:١٩٥]، وقال سبحانه: (قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [الزمر:٢٨]، فلا يقبـل الناطقـون بهـذه اللغـات، والذين آمنوا بمرجعية هذه النصوص أن يتركوها، لا للتطور، ولا للتدهور، ولا يغيرون فيها دلالات الألفاظ، ولا وسائل الفهم من نحو وصرف، حيث إن استنباط الأحكام من النص يقتضي ذلك”.

وأضاف: “هذا مبني على أن اللغة لها وظيفتان: الوظيفة الأولى: هي الأداء، وفيه يعبر المتكلم عما في ذهنه من معان بألفاظ لها دلالة متفق عليها بين أهل اللغة الواحدة، حيث وضعت هذه الألفاظ مقابل هذه المعاني، وواضع ذلك عند بعضهم هو الله، قال سبحانه: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا) [البقرة:٣١]، وعند آخرين هم البشر، وفريق ثالث يرى أن أصول اللغات وقوانينها من عند الله، وأن الألفاظ المولَّدة من وضع البشر، وليس هذا مهماً الآن، ولكن المهم أن الوضع بمعنى جعل الألفاظ بإزاء المعاني أمر لابد منه حتى يتم التفاهم بين البشر، وذلك أن المتكلم يقوم بنقل المعاني التي قامت في ذهنه إلى السامع الذي يحمل هذه الألفاظ على مقابلها من المعاني التي سبق للواضع أن تواضع عليها، وبذلك الحمل من السامع تتم الوظيفة الثانية للغة، وهي وظيفة التلقي. فتحصل عندنا ثلاث عمليات: الأولى الوضع، والثانية الاستعمال، والثالثة الحمل، حتى قال علماء أصول الفقه: إن الاستعمال من صفات المتكلم، والحمل من صفات السامع، والوضع قبلهما”.


وأكمل: “يرى بعض الناس من مدارس ما بعد الحداثة أن عملية الوضع ينبغي أن تكون مرنة لا تتقيد بالموروث، فيجب تغيير دلالات الألفاظ بحيث تزداد مساحة الحرية الفكرية، وعند هؤلاء الحداثيين تم اختصار وظيفة اللغة إلى التلقي فقط، ومعنى هذا أن السامع يحمل الكلام على ما يشاء من معنى بغضِّ النظر عن مراد المتكلم من كلامه، وبذلك يفتح باب التأويل من غير ضابط ولا رابط، ونصل إلى النسبية المطلقة، حيث يفهم كل سامع ما يشاء أن يفهم ولا ينظر إلى حمل الكلام على ما وُضع له، ولا إلى حمله على مراد المتكلم”.