رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أي رئيس هذا؟

لم يقتصر معنى الحياة الكريمة التي أراد الرئيس عبدالفتاح السيسي تحقيقها للمواطن المصري على تأمين هذا المواطن في عيشه ومسكنه، بإتاحة العديد من فرص العمل أمام من يرغب المشاركة في بناء الدولة العصرية، أو كما اسماها الرئيس (الجمهورية الجديدة)، وتوفير مساكن حضارية، نقلت المواطنين من مناطق الخطر وحياة البؤس التي كانوا يعيشونها داخل المنازل غير الآدمية والآيلة للسقوط على رؤوسهم في أي وقت، إلى تجمعات سكنية تعكس الكثير من مظاهر الحداثة والأمان، وتحقق لهم إنسانيتهم.

بل تجاوزت ذلك إلى إتاحة منظومة تعليمية تُخرّج مواطن مؤهل وقادر على مواجهة سوق العمل، متسلحاً بمناهج تتواكب ومفهوم العصر.. ثم يعمد إلى تهيئة منظومة صحية تحافظ على حياة الإنسان المصري، وتصنع منه المواطن المعافى في بدنه، الآمن من غائلة المرض.. وقد شاهدنا العديد من المبادرات في هذا الصدد، تحملت فيها الدولة أعباءً مالية ضخمة، هانت أمام ما تحققه من سعادة للمواطن، عندما يكون آمناً من شر الأمراض ومخاطرها.. لكن مالم يخطر ببالي يوماً، أن ينتصر الرئيس لهذا المواطن، في مواجهة مرض ضمور العضلات الشوكى، المرض الوراثى الذي يدمر بشكل تدريجى الخلايا العصبية الحركية فى جذع الدماغ والحبل الشوكى، التى تتحكم فى نشاط العضلات الهيكلية الأساسية مثل، التحدث، المشى، التنفس، البلع، مما يؤدى إلى ضعف العضلات وضمورها، وينتهي الأمر في النهاية بحالات الوفاة، كما رواها المواطن بلال خليفة، الذي فقد طفليه جراء إصابتهما بهذا المرض العضال، لأنه لم يقدر على تكاليف العلاج، التي كانت تقترب من الثلاثة ملايين دولار لكل حالة، وغيره العديد ممن لايزال أبناؤهم يرزحون تحت وطأة هذا المرض.
الرئيس الإنسان، عبد الفتاح السيسي، قرر تحمل الدولة تكلفة علاج هذا المرض الذي يصيب الأطفال حديثي الولادة، والتي تبلغ ثلاثة ملايين دولار لكل طفل، انتصاراً للأسر على المرض الباهظ علاجه.. وأوضح (أن هذه المشكلة الإنسانية كانت محل اهتمام كبير من الدولة، بسبب المعاناة التي تتحملها الأسر لفقدان أطفالهم، وبالتالي تحركت الدولة ووقعت اتفاقاً مع عدة شركات عالمية متخصصة لعلاج هذا المرض)، مؤكداً أن الدولة ستبدأ بالكشف عن هذا المرض لجميع الأطفال، حتى يتم التشخيص والعلاج مبكراً، لأن (فيه وسائل للكشف المبكر عن ضمور العضلات في الشهور الأولى من ميلاد الطفل، وممكن يبقى فيه علاج والدولة تتحمل ده.. وبطالب كل من له قلب ومنظمات المجتمع المدني، عملنا اتفاق والأمور ماشية والأطفال إللى ممكن يتم علاجهم، لكن الأفضل العلاج حتى سنة من ميلاد الطفل لأن بعد كده الأمور بتتصعب.. اختبار وفحص ما بعد الولادة زى ما عملنا في السمع والقوقعة للحصول على أفضل نتيجة).
بلال خليفة، الذي فقد ولديه، عمر ويوسف، وهما أطفالاً، كتب على حسابه الشخصي، على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: (عمر ويوسف ـ الله يرحمهم ـ مرضهم بقى له علاج.. ومش بس كده، ده كمان مجاني.. عشت وشفتك يا وطني بتدفع ثلاثة ملايين دولار لابنك او بنتك عشان يعيشوا.. والله والله ما كنت أتخيل إني أشوف اليوم ده في حياتي كلها.. ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾).. وهكذا، جاء توجيه الرئيس السيسى مؤسسات الدولة بتوفير علاج ضمور العضلات للأطفال، قراراً إنسانياً، أعاد الأمل أمام نجاة الأطفال من هذا المرض العضال، وطمأن قلوب أسرهم، وأكد أن مصر بخير، مادام فيها رئيس إنسان، يشعر بآلام مواطني بلده، ويسارع إلى تخفيفها رغم المسئوليات الجسام التي يتحملها، ورغم التحديات التي تواجهها البلاد، في الوقت الراهن.. فأي رئيس هذا؟.
لقد ضرب الرئيس السيسى المثل والقدوة فى الاستجابة الفورية لمطالب الفقراء وبسطاء الناس، عندما أصدر قراره الأخير، وعندما أكد منذ أكثر من سبع سنوات، بأن الشعب المصرى لم يجد من يحنو عليه.. لقد صدق ما قاله، وكان قوله الحق.. فها هو يحنو دائماً ويستجيب لمثل هذه الحالات، حتى ولو حمّلت الدولة أعباءً ضخمة.. المهم صحة المواطن، الذي تعهد بحمايته في وطنه، وتحقيق الحياة الكريمة له، والحفاظ على حياته، مهما كانت التبعات.
لقد جاء الرئيس السيسى كأول قائد فى تاريخ مصر يفتح ملف هذا المرض الخطير، الذى كان يودى بحياة الأطفال لعدم قدرة أسرهم المالية على علاجهم.. وكسر قاعدة أن العلاج على نفقة الدولة، بمبالغ ضخمة، تُعد بملايين الدولارات، إنما هو للصفوة وأصحاب الحظوة، ممن كانوا قريبين من رئاسة الدولة فقط.. وهنا أذكر ما رواه لي زميل من محرري الرئاسة، أيام حكم الرئيس الراحل حسني مبارك.. قال لي أن زميلاً من محرري إحدى الصحف، طلب موافقة مبارك على علاج ابن أخيه الذي يعاني من مشكلة مستعصية في أمعائه، على نفقة الدولة بالخارج، بتكلفة تصل إلى مليون دولار.. وكان رئيس الوزراء ـ وقتها ـ رفض الموافقة على هذا الطلب، لأن قواعد العلاج على نفقة الدولة لا تسمح بذلك.. لكن مبارك وافق، كحالة فردية، جاءت بالمحسوبية، وليست إنتصاراً منه لحياة مواطن، يمكننا أن نشهد لها مثيلاً وتكراراً مع مواطنين آخرين، وكان ما أكثرهم، يتلقفهم الموت، لأن لا أحد يهتم بهم أو ينظر إلى علاجهم، مادام ظهرك عرياناً ممن يمكن أن يحصل لك على هذا الاستثناء المخل، بتساوي المواطنين في الحقوق والواجبات.
هذا الموقف الإنساني، رفيع المستوى من الرئيس السيسى، لقى ارتياحاً كبيراً وواسع النطاق من جميع المصريين بمختلف اتجاهاتهم وانتماءاتهم السياسية والشعبية والحزبية.. وبقى على مؤسسات المجتمع المدنى الاستجابة لنداء الرئيس بالمشاركة والمساهمة في هذا المشروع، من خلال صندوق تحيا مصر، لتخفيف الآلام ورسم البسمة على وجوه مرضى ضمور العضلات وكف معاناة أسرهم، خاصة وأن عدد الحالات المسجلة حتى الآن بلغ قرابة الـ 204 حالات، منها 57 حالة تحت سن السنتين، و32 حالة تستدعي العلاج الفوري.. وقد تم توقيع بروتوكول تعاون مع شركة الأدوية المنتجة للدواء، للبدء في علاج أول عشر حالات، تختارها لجنة متخصصة من وزارة الصحة، إضافة إلى تخصيص ثلاثة مراكز لعلاج هذا المرض.
كانت صحة المواطن ، ولاتزال، محل الاهتمام الكبير من الرئيس السيسي، بتوفير الرعاية الصحية الشاملة للجميع، وفى مقدمتهم البسطاء والفقراء، من خلال البدء في تنفيذ العديد من المبادرات الرئاسية فى مجال الصحة، وإطلاق منظومة التأمين الصحي الشامل، وتطوير العديد من المستشفيات ومراكز الرعاية الأساسية.. لأنه يؤمن بأن مواطناً صحيحاً يعني وطناً قوياً.. إنها إحدى تجليات ثورة الثلاثين من يونيو، التي أضاء نور شمسها حياة المصريين، وأحرق لهيب نارها الحاقدين.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.