رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علي جمعة: الإنسان يحتاج أدوات لتحويل ما حواه فكره إلى واقع عملي

د. على جمعة
د. على جمعة

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إن الإنسان يحتاج إلى مجموعة من الأدوات لتحويل ما حواه فكره من مفهوم محور حضارته وقواعدها وغاياتها والكامن وراءها من عقائد وإدراكات إلى واقع عملي معيش، وأولى هذه الأدوات، العلم  وهو في ظني رؤية كلية تنبثق عنها إجراءات، وهذه الرؤية الكلية هي النموذج المعرفي المتمثل في محور الحضارة، والقواعد والمقاصد، والعقائد والإدراكات، أما الإجراءات فهي منهج البحث العلمي الذي يتكون من ثلاثة عناصر رئيسة بيَّنها الإمام الرازي في تعريفه «أصول الفقه» بأنه: (معرفة دلائل الفقه إجمالا، وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد) فتكلم عن مصادر البحث الفقهي، ثم تكلم عن كيفية البحث وطرقه، ثم تكلم عن شروط الباحث، وهي الأركان الثلاثة بحالها التي اتخذت فيما بعد منهجا علميا كما قرره (روجر بيكون)، والمتمثل في: المصادر والطرق والباحث.

وتابع "جمعة" عبر صفحته الرسمية قائلا: «العلم كأداة يجب أن يستخدم في ظل حقيقتين واضحتين، هما: موقف الدين من العلم، والفرق بين العقلية العلمية ومنهاجها الرصين وعقلية الخرافة بمناهجها المختلفة، أما الحقيقة الأولى، فلا نقول إن الإسلام دين العلم فحسب، بل نرى موقفه من البحث العلمي، حيث أرى، أنه لا حرج ولا قيد مطلقا على البحث العلمي، فليبحث من شاء فيما شاء وليحاول أن يدرك حقيقة العالم كما شاء، ويكشف عن خلق الله في كونه كما يريد، وفي ذلك ضمانة للإبداع، وهذا مؤسس على أن الله قد أنزل أول ما أنزل: (اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) [العلق:1-4]، وذكر أن القراءة الأولى في الوجود والثانية في الوحي، وأنهما قد صدرا عن الله، الأولى من عالم الخلق، والثانية من عالم الأمر: (أَلاَ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ) [الأعراف:54] وعلى هذا فلا نهاية لإدراك الكون، حيث إنه يمثل الحقيقة، لأنه من عند الله، ولا نهاية لإدراك الوحي فقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لا تنتهي عجائبه، ولا يَخلق من كثرة الرد) «رواه الترمذي والدارمي»، وأيضاً لا تعارض بينهما، حيث إن كلاً من عند الله، وهذا التأسيس يتأكد في قوله تعالى على صفة الإطلاق: (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ)». [الزمر:9].

وأضاف: «إلا أن استعمال المعلومات يجب أن يكون تحت السقف الأخلاقي للتطبيق المأخوذ من مهمة الإنسان في الدنيا: العبادة، والعمارة، والتزكية، هذا السقف الذي يمنع من استعمال ما يوصلنا إليه مما يخالف الأوامر والنواهي الربانية أو يكر على المقاصد الكلية بالبطلان فنكون بذلك من أهل التعمير، لا من أهل التدمير، وهذا السقف للاستعمال ذو أهمية قصوى، إذ هو الضمان الوحيد لتلك العمارة، وعلى ذلك فإن الفصل بين حرية البحث للوصول إلى صحيح المعرفة، وتقييد الاستعمال للوصول إلى العمارة أمر قد اختلط على كثير من الناس مع وضوحه وتأكده، أما الحقيقة الثانية فتتمثل في التخلص من عقلية الخراف».