رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إلى المنظرين على السوشيال ميديا: ليسوا سواء


لا أرى ما يثير الدهشة أو يبرر ذهول البعض بإعلان وقوع عدد من رجال الأعمال تحت طائلة القانون متهمين - ما يزالون - بإرتكاب جرائم معينة مهما بلغت خستها و تغلظت عقوباتها، إذ أرى الأمر طبيعيًا أن يقع هؤلاء وأمثالهم تحت سيف العدالة في حال إدانتهم، بل إن تطبيق القانون عليهم دلالة على قوة الدولة وسلامة أجهزتها التي تسعى لتحقيق المساواة بين كل المواطنين وبمعايير واحدة وواضحة في حالتي الثواب وكذلك العقاب.
وأجهزة الدولة حين تكون قوية - كما هي الآن - لا تفرق بين مواطن وآخر، ولا تسمح لمدان بأن يفلت من العقاب لمجرد امتلاكه لحصانة أو لعلاقات أو لنسب شريف أو أي من تلك المعايير التي أصبحنا نحكم بها على الأشياء أو الأشخاص بدون أدنى موضوعية أو عقلانية.
لكن المدهش حقًا هو أن ننظر لكل من امتلك مالًا نظرة ريبة وأن تتهمه عيوننا - وإن لم تنطق بها ألسنتنا -  باللصوصية أو نهب المال العام، إذ ليس من العقل ولا من العدل أن تنسحب نظرتنا نحو قلة فاسدة من فصيل ما، على كل من ينتسب إلى هذا الفصيل فمن غير المنطقي مثلا أن نتهم كل المدرسين بالجشع أو الشره للمال، حتى وإن كان معظهم يستغل حاجة الطلاب وأولياء أمورهم لخدماتهم فيبالغون في مطالبهم وأجورهم نظير ما يقدمون من معلومات لطلابهم في دروس خصوصية، فكما أن هناك فئة تبتز أولياء الأمور وتجهز على آخر جنيه في جيوبهم، فإن الخيرين من المدرسين - وإن قلوا - ما يزالون يبذلون من وقتهم وجهدهم بإخلاص وتجرد دون انتظار مقابل مادي مباشر من البشر.
يقيننا أن خيرًا كثيرا مايزال موجودًا في كل قطاع وعلى كل شبر من هذا الوطن، حتى لو كانت الأحداث قادرة على أن تشكك البعض في هذا، وفي مثل هده الظروف لابد أن ينبري الإعلام  بل وكافة المؤسسات المعنية لإبراز الجوانب الخيرة في المجتمع ، حتى لا يتزعزع يقين الناس فينسحب حكمهم بالفساد على كل من وسع الله عليهم ورزقهم من فضله، إذ لا ينبغي أن نترك الشرفاء لنظرة حقد مجتمعية، ولا أن نترك أفراد المجتمع أنفسهم ليكونوا جلادين يأخدون الناس بالشبهات والظنون.
وقبل أن تكون أنت نفسك جلادًا يدفعك الحقد إلى الحكم الظالم الجائر على كل مقتدر بأنه جمع ثروته من حرام، عليك أن تراجع نفسك، فأنت لست من وهبه هذا المال ولا كنت سببًا مباشرًا أو غير مباشر في ثراء هذا الشخص أو ذاك.
ابحث فيمن حولك عن الشرفاء بحق وستجدهم، نقب عن الخيرين وستكتشف بالقرب منك أناسًا يدخرون من أقواتهم ما يهبوه لغيرهم، وحين تجد نموذجًا من هؤلاء الشرفاء، أرجوك أن تنشر سيرته بكل وسيلة تملكها، ففي ظني أن الخير عدوى تنتشر في المجتمع إن روجت له وكذلك الشر أيضًا، فروج للخير حتى يعم وينتشر ويكون هو القاعدة وما دونه الاستثناء.
وعلى الشرفاء من الأغنياء الذين يكاد يطالهم رذاذ الشبهات أو الاتهامات التي ضربت بعض رجال الأعمال مؤخرًا أن يجعلوا للمعوزين في المجتمع نصيبًا من خيرهم، عليهم أن يمدوا أياديهم في يد الدولة بالعطاء وبسخاء وكثيرة هي المشروعات الخيرية والخدمية التي تحتاج تكاتفًا صادقًا وحقيقيًا مع أجهزة الدولة ومؤسساتها بل مع مؤسسات المجتمع المدني أيضًا حتى يستقيم المعوج فيختفي الحقد من النفوس وتزول الكراهية من القلوب.
وها قد جاءت الدعوة واضحة صريحة من السيد الرئيس لكل المصريين بالمساهمة مع الدولة في مبادرة  "حياة كريمة" وهي المبادرة التي تسعى الدولة من خلالها لتحقيق العدالة الاجتماعية بين أبناء الوطن الواحد، وضمان الحياة اللائقة للمواطنين في ريف مصر كما في حضرها.
وهو الأمر الدي لن يتحقق دون تكاتف كل الوطنيين مع مؤسسات الدولة في مشروع وطني هو الأول من نوعه والمبشر أن السيد الرئيس اختار يوم الثلاثين من يونيو كيوم للإعلان الرسمي عن تدشين المبادرة، في استدعاء لذكرى وقفنا فيها جميعا وقفة رجل واحد سعى ونجح في استعادة الدولة المصرية والحفاظ عليها من أن تضيع للأبد. وفي اختيار يوم تدشين المبادرة إشارة واضحة أيضًا تقول إن احتفالنا بحدث ما لا يكون بمجرد أغنيات وطنية وتذكر مجد قديم أنجزناه وفقط ولكن الاحتفال الحقيقي يكون بتدشين أمل جديد يدفع المواطنين لمزيد من العطاء ويرسم ملامح مجد جديد نسعى لتحقيقه.
وها هي الفرصة متاحة أمام الشرفاء في هذا الوطن من الأغنياء، فكونوا أيها القادرين مثل تلك النماذج الوطنية الممتازة من المستورين الذين يجودون بقليل يدخرونه ليسترهم فيبذلونه رخيصا تلبية لنداء الوطن.