رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الثقافة في عهد السيسي.. سلاح القوة الناعمة يقهر الإرهاب

السيد الرئيس عبد
السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي

«تلقيت الخبر وقتها بسعادة بالغة، وهو حينها لم يمت مباشرة، بل نقل إلى المستشفى مصابًا في محاولة لإنقاذه، تابعت أخباره بشغف متمنيًا موته، والخلاص منه، لأنّه أحد أعداء الإسلام، فقد كنا نكرهه جدًا في جماعات الإسلام السياسي عامة».. كلمات أطلقها عضو الجماعة الإسلامية السابق أسامة عثمان، تشفيا في اغتيال المفكر فرج فودة، بعد مناظرة أغضبت جماعة الإخوان الإرهابية، عن الدولة الدينية والدولة المدنية، نظمها معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 1992.

سر غضب الإخوان الإرهابية من مناظرة فكرية أقيمت في معرض للكتاب يفسره ما حدث بعد سنوات، لنفس الشخص الذي تلقى خبر اغتيال فودة بسعادة بالغة، وهو بين جدران السجن: لم أكن أعلم أنّ كتابه "الحقيقة الغائبة"، الذي قرأته عام 1998، في أوج انتمائي للفكر السلفي، سوف يبهرني بأسلوبه، وجرأة أفكاره، وكيف أنّه وضع البذرة الأولى في تحولي من الفكر السلفي المتخلف إلى العلمانية، ولم أكن أعلم أيضًا أنني سوف أحضر حفل تأبينه الـعشرين في الجمعية المصرية للتنوير.

بين اغتيال فودة، وصحوة السعيد بقتله، كتاب. وبين اغتيال فودة، وخوف الإخوان الإرهابية من كلماته معرضا للكتاب، يضم أناس أعملوا عقولهم. وهى الحقيقة التي أدركها الرئيس عبد الفتاح السيسي عقب ثورة يونيو 2013.

أدرك الرئيس السيسي منذ اللحظة الأولى للثورة أن الثقافة هي العمود الأساسي في نهضة مصر الحديثة، تحرك سريع سار بالتوازي مع التحرك العسكري لإنقاذ سيناء من مخططات الإخوان الإرهابية، وتحرك اقتصادي سعى لإنقاذ مصر من مخطط إفقارها، ومقابلات عقدها الرئيس عام 2014 مع المثقفين، في محاولة لبحث عن الداء والدواء.

تقريرا للحالة الدينية أعده مركز مؤمنون بلا حدود رصد بشكل واضح محاولات السيطرة على الثقافة التي تزعمتها أيادي تابعة للجماعة الإرهابية داخل المؤسسات الثقافية. يوضح المعركة الحقيقية التي خاضها الرئيس عبد الفتاح السيسي لإنقاذ مصر من براثن تلك السيطرة، ومحاولات تغييب الهوية والقومية المصرية.

يشير التقرير إلى أن مصر دخلت مرحلة ما بعد يناير والفكر الديني يحتل مكانة مهمة لدى منتجي ومروجي الثقافة؛ وهو الأمر الذي يعني امتلاك القوى الإسلامية منافذ فعالة للتأثير في المناخ الثقافي وجماعات المثقفين، ناهيك عن تأثيرها القوي في ثقافة رجل الشارع العادي. فهناك نحو 450 دارا للنشر تنتج نحو 90% منها كتبا إسلامية.

ورصد التقرير أكثر من 70 دار نشر تابعة بشكل مباشر لجماعة الإخوان الإرهابية قبل عام 2013، اثنان منهما يملكهما القيادي الإخواني خيرت الشاطر، النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان.

ويشير التقرير إلى خروج هذه الجماعات بخطابها الثقافي والإعلامي إلى النور بعد يناير 2011، بشكل واسع، وقد شهد العامان التاليان لعام 2011 إنتاج عروض مسرحية، وأفلام سينمائية، وتسجيلات غنائية، معبرة عن بعض هذه الجماعات.

ويؤكد التقرير أن اتجاه تلك التيارات للسيطرة على المؤسسة الثقافية عائد إلى أن الجماعات الدينية المتطرفة تهدف إلى الانفراد بإدارة الدولة والمجتمع، وتعمل على بناء مجتمع منقاد لا يناقش، ولا يعترض، والمداخل الثقافية، والتعليمية، والإعلامية مداخل أساسية في هذا الجانب.

ومع وصول جماعة الإخوان إلى سدة الحكم في مصر، لم نعد أمام مخاوف؛ بل أمام ممارسات فعلية، وملاحقات قانونية، ومشروعات قوانين ودستور معيب.

أما المعركة الكبرى التي شهدتها وزارة الثقافة؛ فجاءت مع تولي الإخواني علاء عبد العزيز منصب وزير الثقافة، في مايو 2013، في التعديل الوزاري الأخير في حكومة هشام قنديل؛ فعقب توليه المنصب بأيام قليلة بدأ الإطاحة بقيادات وزارة الثقافة، وتعيين مجموعة أغلبهم من الموالين للإخوان، وأصبحت أخونة وزارة الثقافة واقعا فعلياً وهو الأمر الذي استفز قطاعا من العاملين في الوزارة، وبدأت احتجاجاتهم؛ التي تطورت بسرعة إلى اعتصام للمثقفين بمكتب وزير الثقافة، ثم توالى انضمام مجموعات من المثقفين إلى الاعتصام، وتزايد التأييد للمعتصمين يوما بعد يوم، المسألة التي انتهت بخروج الملايين في ثورة 30 يونيو 2013 للإطاحة بحكم الإخوان.

بحسب مجلس الوزراء، ووزارة الثقافة الرسمية، بدأ الرئيس السيسي معركته الثقافية منذ اللحظات الأولى لحكمه، وكان لقاءه الأول بالمثقفين عام 2014، في محاولة للاقتراب من المشهد بعين أهله من المثقفين والأدباء، لقاء أبرز حضوره الراحل وحيد حامد، والكاتب الكبير يوسف القعيد.

خلال حكم الرئيس السيسي تم إحلال وتجديد بعض المنشآت الثقافية ورفع كفاءة وإعادة تأهيل وتأمين البعض الآخر إضافة إلى إدراج منشآت جديدة ضمن الخدمة الثقافية منها. وخلال الفترة الماضية افتتح وأعيد تشغيل 21 مركزا ثقافيا.

ومن أبرز المشاريع التوعوية التي عمل الرئيسي السيسي عليها تسهيل وصول الثقافة لجميع المناطق في مصر، مشروع بدأ منذ عام 2014، بتسيير قوافل ثقافية إلى القرى النائية والأماكن الحدودية وتهدف إلى تقديم الدعم الثقافي والمجتمعي للأسر المصرية في المناطق النائية وتوجيه الرعاية والتوعية إلى الشباب في مواقعهم لتعزيز المسئولية المجتمعية ونشر مكونات الثقافة الأدبية والفنية والتراثية بين فئات المجتمع حيث نفذت الوزارة 443 قافلة للمحافظات الحدودية وقرى محافظات إقليم غرب ووسط الدلتا وقرى محافظة المنيا بإقليم وسط الصعيد.

النهضة الثقافية التي أحدثها السياسي كانت يجب أن تكتمل بالانتقال إلى عصر التحول الرقمي، وتوظيف الذكاء الاصطناعي في تطوير الثقافة، من أجل إعادة بناء الشخصية المصرية، التي استطاعت في أكثر من موقف على مدار ألاف السنين، مواجهة كل محاولات تجريف هويتها، لذلك اهتم الرئيس في مبتدأ التخطيط للعاصمة الإرادية أن يدشن على أرضها أكبر مدينة للثقافة والفنون.

هي مدينة ثقافية عالمية تنفذ على أراضي العاصمة الإدارية الجديدة، ستكون بمثابة منبر للفن والثقافة للعالم كل خلال الفترة المقبلة. 

مدينة قال عنها رئيس شركة العاصمة الإدارية، إن نسب تنفيذ هذه المدينة، والمشروعات التي تتضمنها ستكون بمثابة عودة لريادة السينما المصرية، واستعادة روح الثقافة المصرية الأصيلة.

«ما يحدث في عهد السيسي هو إعادة بعث لحضارة مصر»، كلمة أطلقها عالم الآثار، ومدير المتاحف بمكتبة الإسكندرية، حسين عبد البصير، في مقابلة مع الدستور.

يوضح عبد البصير: "ما قام به الرئيس السيسي من مغادرة موكب المومياوات المتحف المصري بميدان التحرير إلى متحف الحضارة، يعد أكبر دليل على وعي ويقظة هذا القائد، وإحساسه بمصر القديمة، وأننا نعيد هذه الأمجاد؛ فالقائد العظيم يستقبل أجداده العظام، وجداته العظميات، وكل ذلك إعادة لبعث مصر القديمة من جديد، فدائما مصر القديمة هي التي تقود، بما فيها من القدوة والفكر.

أيضا ما قام به الرئيس عبد الفتاح السيسي من تصحيح المفاهيم من خلال نشر رسالة مصر، والدفع بالقوى الناعمة من خلال نهضة المتاحف، أيضا دعمتنا الدولة بأكثر من 22 مليار جنيه لدعم المشروعات المتحفية المتوقفة منذ 2011".