رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عن تنظيم النسل.. رجال الكنيسة: لن ننقرض ولا نخالف وصية الله

الكنيسة القبطية الارثوذكسية
الكنيسة القبطية الارثوذكسية

تنظيم الأسرة.. لغزًا حيرَّ المصريين كثيرًا، وبينهم الأقباط، الذين تشتتوا بين وصية الله الواردة في أول فصول الكتاب المُقدس «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضِ»، وبين الدعوات المُطالبة الشعب المصري بتنظيم الأسرة، فهل تتعارض تلك الدعوات مع وصية الله؟

 

الكنيسة القبطية الأرثوذكسية: تخريب أم تعمير

طرحت الدستور التساؤل السابق على القمص موسى إبراهيم المتحدث الرسمي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الذي قام بدوره بنفي الأمر قائلا: "لا يوجد أي مجال لفهم فكرة تنظيم الأسرة في أي سياق بشكل أنه يتعارض مع خطة الله".

وأضاف: "لان ما يتعارض مع خطة الله هو الامتناع عن الإنجاب بشكل مُطلق، أما تنظيم النسل فهو شكل من أشكال معرفة كل إنسان بقدر ظروفه".

وعن وصية الله «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضِ»، فأوضح مُتحدث الكنيسة الذي يشغل منصب وكيل قسم الرعاية الكنسية بمعهد الرعاية والتربية أيضًا، أن الله في ذلك النص الكتابي، قصد تعمير الأرض، لأن الحديث كان موجهًا إلى أدم وحواء في بداية الخليقة.

اختتم القمص موسى إبراهيم، حديثه قائلا: "إن كانت كثرة الإنجاب ستؤدي إلى مُشكلات للإنسان وللأسر والمجتمعات إذن فالأمر تخريب للأرض وليس تعميرًا لها".

 

مطران شبرا الخيمة: ليست مُجاملة للدولة ولن يقضى على الأقباط

قدم الأنبا مرقس مطران الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في شبرا الخيمة، بمحافظة القليوبية، دراسة عن تنظيم الأسرة، طرحها عبر الموقع الرسمي له ولإيبارشيته، وقال خلالها: "إن البعض قد يرى بشكل خاطئ أن دعوات تنظيم الأسرة تدخل في إرادة الله أو معارضة للطبيعة الإنسانية أو عدم إيمان بأن الله قادر أن يرعى مواليدنا مهما كان عددهم، أو مجرد مجاملة للدولة".

كما أوضح أن البعض يظن خطئًا أيضًا أن ثمار ذلك التناقص المستمر في "عددنا كمسيحيين مما قد يهددنا بالانقراض"- بحسب تعبيره نصًا.

وأشار المُطران القبطي الأرثوذكسي إلى أن تنظيم الآسرة يُقصد به أن تنظيم إنجاب الأطفال وفق الظروف الاقتصادية والاجتماعية؛ لأن مراعاة تلك الظروف هو الذي سيؤدي في النهاية إلى قدرة الأسرة على رعاية الأطفال رعاية صالحة، وهو ما يهم الأسرة والكنيسة والدولة.

وأضاف: "أن وجود الضرورة التي تجعل الأسرة غير قادرة على التربية المتكاملة للأبناء هو سبب هام لقبول مبدأ تنظيم الأسرة ، ومن أهم الأسباب التي تجعل مبدأ تنظيم الأسرة مقبولا هو الانفجار السكاني الذى يهدد مستقبل بلادنا يجعلنا ككنيسة وطنية تخلص لبلدها ووطنها أن تتصدى لهذه المشكلة التي تهدد بنسف كل مشروعاتنا واقتصادنا القومي، ولهذه الضرورة العامة نحن ككنيسة نوافق على تنظيم الأسرة من جهة المبدأ".

الأنبا موسى: تنظيم وليس تحديد

كان من أشد الحريصين على فتح ذلك الملف الأنبا موسى أسقف الشباب، الذي أراد طمأنة البعض بالإشارة إلى أن الكنيسة تُطالب بتنظيم النسل وليس تحديده، لأن التحديد يعنى الإنقاص باستمرار، ولكن التنظيم يعنى أن تتخذ كل أسرة قرارها الخاص، حسب ظروفها الروحية والصحية والاقتصادية والاجتماعية، بحيث يتحدد عدد الأولاد طبقاً لظروفها الخاصة.

وعن علاقة الأمر بالدولة، قال إن الدولة مسئولة عن ضروريات الحياة للسكان، إلا أن هناك مشاركة في المسئولية من جهة المواطن، ففكرة أن يُنجب الفرد بدون حدود، يضيف أعباء ثقيلة على كاهل الدولة، ومن غير المعقول أن تزداد مصر - مثلا - مليوناً وثلث مليون نسمة سنوياً، ثم نقول للدولة: دبرى لهم كل احتياجاتهم السابقة"- بحسب قوله نصًا.

حجم الزيادة السكانية في مصر حتى 2013

وقال الأنبا موسى إنه في سنة 1800 كان تعداد الشعب 2,44 مليون نسمة، وفي سنة 1900 كان تعداد الشعب 10,00 مليون نسمة، وفي  سنة 1950 كان تعداد الشعب 20,00 مليون نسمة، وفي سنة 1960 كان تعداد الشعب 26,00 مليون نسمة، وفي سنة 1978 كان تعداد الشعب 40.00 مليون نسمة، وفي سنة 1989 كان تعداد الشعب 52,00 مليون نسمة، وفي سنة 1993 كان تعداد الشعب 56,50 مليون نسمة، وفي سنة 2000 كان تعداد الشعب 75,00 مليون نسمة، وفي  سنة 2013 كان تعداد الشعب 143,00 مليون نسمة، وإذا كانت نسبة الزيادة فى العالم هي 1,5% سنوياً؛ فإن نسبة الزيادة فى مصر تساوي 2,7% سنوياً.

بعيدًا عن الكنيسة الأرثوذكسية.. ماذا عن رؤية الكنيسة الكاثوليكية للأمر؟

دراسة رسمية قدمتها الكنيسة، عبر موقعها الرسمي "كنيسة الإسكندرية للأقباط الكاثوليك بمصر"، والذي يرأس تحريره الأب يؤانس لحظي، قالت خلالها الكنيسة: "لا يشكّل الإنجاب ولادة حقيقيّة ومشاركة في عمل الخلق مع الله، عندما يترافق هذه الإنجاب مع إهمال أو تقصير أو عجز عن تأمين التربية والتنشئة الضروريّة التي تجعل هذه الخليقة الجديدة تشترك في مجد الله وحياة الكنيسة بكفاءة".

وأضافت الكنيسة: "وإنّ إنجاب أولاد وحرمانهم الشروط الأساسيّة للحياة والنمو والتربية يُعدّ بمثابة "قتل" وليس ولادة، يرتبط الإنجاب بالعمق بمسؤوليّات عديدة أخرى غير "الولادة الجسديّة" وواجبات الأهل المطلوبة مع الإنجاب عديدة وكبيرة، التي يجب ألاّ تعوقها الحالات الماديّة والبيئيّة وسواها، وكلّ إنجاب يجب أن يؤمّن له ما يقابله من مسؤوليّات تربويّة ومسيحيّة من قبل الوالدَين".

 

الكنيسة السريانية: لما نستخدم أدوية القدرة الجنسية ونرفض أدوية تحديد النسل

كتب البطريرك الراحل مار إغناطيوس زكا الأول عيواص، بطريرك الكنيسة السريانية الشقيقة مقالًا في ذلك الشأن، قال فيه: "إن الزواج لا يهدف إلى إنجاب النسل فقط، بل أيضاً إلى الحفظ من الخطيئة، وحيث أننا نسعى إلى إيجاد الاسرة السليمة الصالحة والأسرة هي خلية المجتمع، لذلك لا نرى أي حرج على الزوجين من استعمال وسائل منع الحمل عند الضرورة سعياً إلى تنظيم الأسرة".

وأضاف: "إن بعض السلطات الروحية، تجيز أن يمتنع الرجل عن الاجتماع بالمرأة في الأيام التي تكون فيها المرأة مهيأة للإخصاب ليتحاشى إنجاب النسل حيث تموت البويضة المهيأة للإخصاب. فإذا كان ذلك كذلك فما هو المانع من استخدام وسيلة أخرى لبلوغ هذه الغاية بالذات أي جعل البويضة غير قابلة للإخصاب؟ عجبي لأولئك الذي يقيمون الدنيا ولا يقعدونها ضد استعمال موانع الحمل معتبرين ذلك تدخلاً في أمور اللّه وهم في الوقت نفسه يسمحون بل يوصون باستعمال الأدوية التي تعالج العقم وتقوي الغريزة التناسلية، ولا يعتبرون عملهم هذا تدخلاً في شؤونه تعالى".

واختتم: فإذا سمحنا لأنفسنا بوصف أدوية تقوية النسل جاز لنا حتماً وصف أدوية مضادة أي لمنع الحمل وبعبارة أفضل لتنظيم النسل من أجل صحة الأم وصحة الطفل نفسه بتوفير فترة متباعدة بين المواليد لتتاح الفرصة للوالدين لتربية الطفل جسداً وروحاً «لينمو بالقامة والنعمة لدى اللّه والناس».