رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فتحي محمود يطرح كتابه الجديد «العلاقات العربية الكردية» في معرض القاهرة للكتاب

العلاقات العربية
العلاقات العربية الكردية

يصدر فى معرض القاهرة الدولى للكتاب عن مركز الأهرام للترجمة والنشر، كتاب "العلاقات العربية الكردية" للكاتب الصحفي بجريدة الاهرام فتحي محمود، وهو من غلاف الفنان سامح الكاشف.

 

ويقول الكاتب فى مقدمة كتابه:" يشكل الأكراد ظاهرة فريدة من نوعها فى الواقع والتاريخ العربى والإسلامى، فهم من أقدم شعوب منطقة الشرق الأوسط، مرتبطين بالإقليم الذى يعيشون على أرضه التى تتركز فى غرب آسيا شمال بلاد الرافدين وجنوب شرق الأناضول بمحاذاة جبال زاغروس، وتعرف باسم كردستان، لكن الاستعمار بعد الحرب العالمية الأولى نجح فى تقسيم هذه المنطقة على أربع دول مختلفة، لتشكل اليوم أجزاء من شمال العراق وشمال غرب إيران وشمال سوريا وجنوب شرق تركيا.

 

وتابع، نجح الإسلام عندما بسط سيطرته على تلك المنطقة بالكامل لقرون طويلة فى استيعاب الأكراد، لأنه لم يفرق بين قومية وأخرى وإنما تعامل مع الجميع على قدم المساواة، مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود، ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى (ولذلك لعب الأكراد دورا كبيرا فى التاريخ الإسلامى، فكان منهم الصحابة والتابعون وكبار العلماء فى الفقه والحديث والسنة والتاريخ، والمحاربون العظام وعلى رأسهم صلاح الدين الأيوبى الذى أسقط الدولة الفاطمية فى مصر، وقام بتحويل الجامع الأزهر من منبر لنشر المذهب الشيعى إلى أكبر جامعة سنية فى العالم، وتولى توحيد مصر والشام فى دولة قوية وتصدى للصليبيين وحرر القدس الشريف.

 

واستطرد، قائلاً : وعندما نجح الاستعمار فى تقسيم الإقليم التاريخى للأكراد على عدة دول، ووقعت صدامات بين بعض الأنظمة العربية والشرق أوسطية مع الأكراد الموجودين لديها لتمسكهم بهويتهم، انتصر قائد القومية العربية الزعيم الراحل جمال عبد الناصر لحقوق الأكراد، وأمر بفتح إذاعة كردية فى القاهرة لاستنهاض وتوعية الجماهير الكردية عام 1957م رغم الاحتجاجات التركية والشاهنشاهية الإيرانية والملكية العراقية، ووافق على استقبال وفد كردى عام للتنسيق النضالى مع مصر، وتعيين الشهيد شوكت عقراوى مندوبا للثورة الكردية فى مصر، ودعم الاعتراف بمبدأ وجود قومية كردية وحقها فى أن يكون لها حكمها الذاتى.

 

وتابع، واستمر الأكراد فى نضالهم المشروع لنيل حقوقهم حتى اليوم، رغم عمليات القمع والتدمير والقتل وتغيير الهوية التى يتعرضون لها من جانب الأنظمة المتتالية فى تركيا وسوريا والعراق وإيران، حتى بعد نجاحهم فى إقامة مناطق للإدارة الذاتية فى شمال سوريا وكردستان العراق، لكن الأغلبية الكردية والتى يصل عددها إلى نحو 20 مليون نسمة فى تركيا مازالت تتعرض لجرائم الإبادة الجماعية والتهجير القصرى.

 

وأشار الكتاب الى إن الأكراد بحكم موقعهم الجغرافى والتاريخى جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربى، يؤثرون فيه ويتأثرون به، ولذلك كان الاهتمام بالعلاقات العربية- الكردية فى وقت تمر فيه منطقة الشرق الأوسط بتطورات متلاحقة وصراعات عديدة، وتعانى فيه الأمة العربية من ثلاثة مشروعات لمحاولات الهيمنة على مقدراتها من جانب إيران وتركيا وإسرائيل، تستخدم كل منها أدوات وعناصر خاصة لإشاعة عدم الاستقرار فى بعض الدول العربية وتحطيم نموذج الدولة الوطنية، ويستلزم الحفاظ على الأمن القومى العربى التنسيق مع الأكراد لمواجهة التحديات المشتركة.

 

وتابع، ورغم العلاقات القوية التى ربطت بين الأكراد وبعض الشعوب العربية، والتى تعد مصر نموذجا مثاليا لها حيث ارتبط بها الأكراد فى مختلف العهود، منذ عهد صلاح الدين الأيوبى، وعندما خصص الأزهر الشريف رواقا للأكراد تخرج فيه الكثير من علماء الدين، كما صدرت بالقاهرة فى إبريل 1898 الجريدة الكردية الأولى باسم كردستان وباللغتين التركية والكردية، وحتى هجرة كثير من العائلات الكردية إلى مصر واندماجهم التام مع أهلها حتى أضحوا جزءا أصيلا من الشعب المصرى، وساهموا فى صنع حضارتها، مثل أسرة بدرخان السينمائية المعروفة وأمير الشعراء أحمد شوقى ورائد الإصلاح قاسم أمين والكاتب الكبير عباس العقاد وغيرهم، إلا أن قطاعا كبيرا من الرأى العام العربى، بما فى ذلك المثقفون، ليس لديهم صورة واضحة عن الأكراد والدور المهم الذى لعبوه فى التاريخ الإسلامى والعربى، وقضيتهم الوطنية ومعاناتهم من أجل الحصول على حقوقهم المشروعة، وعلاقتهم بالأمن القومى العربى.

 

واستطر، وقد وصف الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين- رحمه الله- فى مجلة المصور فى إبريل 1970 القومية الكردية خلال تعليقه على الاتفاق العربى- الكردى بالعراق، قائلاً: هذه القومية العزيزة الملتحمة مع العرب عبر القرون والتى ساهمت فى التراث العربى الإسلامى مساهمات ثقافية وفنية وعسكرية ومادية – ألم يكن صلاح الدين كردياً؟ - هذه القومية العزيزة، كان اختباراً كبيراً للقومية العربية أن تجد صيغة عصرية تعيش بها معها فى إطار واحد، إطار حر خلاق وليس إطاراً ضيقا.

 

وعن فكرة الكتاب، قال الكاتب إن الكتاب يستهدف تعريف الرأى العام العربى بالقضية الكردية، وطبيعة العلاقات التاريخية بين العرب والأكراد، والدور الذى يمكن أن يلعبه المثقفون العرب فى دعم الحوار العربى- الكردى، كبداية مهمة لإزالة أى لبس موجود وتصحيح المفاهيم لدى الرأى العام حول كل الموضوعات المرتبطة بهذه القضية، مع دعم كل أشكال التعاون التى تحقق التقارب بين الشعبين العربى والكردى والتركيز على المشتركات الثقافية بينهما، مثل تنشيط حركة التواصل والنشر والترجمة والاطلاع على آداب وفنون وثقافات كل طرف بما لدى الطرف الآخر، وطرح كل المسائل العالقة والشبهات المثارة ومناقشتها بحرية كاملة للوصول إلى نقاط التقاء، والتعريف بالمصادر العربية الكثيرة والمنتشرة فى التراث العربى التى تتحدث عن الأكرد بشكل صحيح،  مع الحرص على مشاركة كل مكونات المجتمع خاصة المرأة والشباب.

 

وتابع، إن المدخل الثقافى هو الأساس الذى يمكن أن يتجمع حوله كثير من المفكرين والمثقفين والشباب والمرأة من الجانبين، بعيدا عن تأثيرات الخلافات السياسية، وفى هذا المدخل مشتركات كثيرة يمكن العمل عليها لتوطيد العلاقات بين المجتمع المدنى العربى والكردى، وأن يسعى كل طرف لتبديد مخاوف الآخر، وصولا إلى التوافق على أهمية التمسك بالحوار والسعى لمنح كل القوميات فى المنطقة حقوقها الأساسية كاملة على أساس المواطنة والشراكة والمساواة والإيمان بأن مصيرهم جميعا واحد. 

 

وعندما نتحدث هنا عن حوار عربى- كردى فنحن لا نقصد الحوارات التى تقتصر على دولة معينة فقط، مثل الحوار العربى- الكردى سوريا أو عراقيا، بل نتعدى ذلك إلى مفهوم أشمل للحوار العربى- الكردى بشكل عام، ونتعامل مع مفهوم الكرد كقومية وأمة وحالة عامة، بعيدا عن أى خلافات داخلية بين التيارات والحركات الكردية، وكذلك الأمر بالنسبة لمفهوم العرب، فإذا كان هناك اهتمام كبير بالقضية الكردية داخل سوريا والعراق بسبب التواجد الكردى المعروف فى الدولتين، فإن الأمر من وجهة نظرنا يتعدى ذلك إلى ضرورة الاهتمام بالقضية الكردية على مستوى الشرق الأوسط بأكمله، وخاصة الكرد فى تركيا الذين يمثلون كتلة كبيرة للغاية.

 

واستطرد، لقد أتيحت لى الفرصة بحكم عملى فى صحيفة الأهرام وتخصصى فى الشئون العربية بالتعرف على عدد كبير من الشخصيات الكردية والمعنية بالشأن الكردى، ووجدت تجاوبا كبيرا فى السعى من أجل تعزيز الحوار المشترك بين العرب والأكراد، وتصحيح الصورة والمفاهيم المغلوطة التى قد توجد لدى كل منهما عن الآخر، وأهمية دور المثقفين فى هذا الأمر، وإدراك كبير من شخصيات عربية كثيرة للدور الكردى فى الأمن القومى العربى، وقد ظهرت مبادرات عديدة بهذا الشأن كان آخرها المبادرة العربية لحرية عبد الله أوجلان، وأتمنى أن يكون هذا الكتاب لبنة على طريق الحوار العربى- الكردى من أجل خير وصالح الشعبين.

 

وفى النهاية وجه الكاتب الصحفي فتحي محمود الشكر إلى مركز الأهرام للنشر على دوره المهم فى  ظهور هذا الكتاب للنور، فى إطار الدور التنويرى الرائد الذى تلعبه مؤسسة الأهرام أعرق وأضخم مؤسسة صحفية فى الوطن العربى، وإلى أصحاب المراجع المختلفة التى استندت إليها فى هذا الكتاب، وكل من يساهم بكلمة أو موقف فى الدفاع عن الأمن القومى العربى، ومواجهة محاولات الهيمنة المشبوهة من جانب بعض القوى الإقليمية.