رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على جمعة: تغير الفتوى بالمكان يعود إلى اختلاف البيئة

على جمعة
على جمعة

واصل الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، حديثه حول الفتوى عبر صفحته الرسمية، حيث يناقش أهمية الفتوى في المجتمع في حلقات يتم نشرها بشكل يومي عبر صفحته الرسمية بالفيس بوك، حيث تم مناقشة العديد من أمور الفتوى خلال الفترة القادمة.

وقال الدكتور على جمعة عبر صفحته الرسمية على «فيس بوك»: «أما عن تغير الفتوى بتغير المكان، فيعود إلى إختلاف البيئة، حيث إن له أثراً مهماً في تغير الأحكام الشرعية لأن الناس يأخذون بعض الخصائص من البيئة، وهذه الخصائص تؤثر في العادات والعرف والتعامل، لذلك تظهر عيوب القوانين بوضوح بانتقالها من أمة إلى أخرى».


وتابع: «طلب أبو جعفر المنصور من الإمام مالك، أن يكتب للناس كتاباً يتجنب فيه رخص ابن عباس وشدائد ابن عمر، فكتب الموطأ، وأراد المنصور أن يحمل الناس في الأقطار المختلفة على العمل بما فيه، فأبى الإمام مالك وقال: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فقد سبقت إلى الناس أقاويل، وسمعوا أحاديث، وأخذ كل قوم بما سبق إليهم، فدع الناس وما اختار أهل كل بلد لأنفسهم، فعدل المنصور عن عزمه. (راجع أصول التشريع الإسلامي د. علي حسب الله ص85).. وهكذا يقرر الإمام مالك ترك الناس في الأقطار المختلفة أحراراً في الأخذ بما سبق إليهم، أو اختيار ما يطمئنون إليه من أحكام ما دام هدف الجميع إقامة الحق والعدل في ضوء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم».

وأضاف: «هناك تأثر ليس من خصائص الناس بل من خصائص البيئة، مثل الأحكام التي خرجت للاستفادة من ماء دجلة والفرات في العراق في المذهب الحنفي، وقد تتأثر البيئة بالعوامل الجوية كالمطر والقحط والحرارة والبرودة وغيرها، وهذا يؤثر في حياة الناس وأعرافهم وعاداتهم وتعاملهم، ونتيجة لهذا التغير تختلف الأحكام مثل اختلاف أوقات العمل على حسب درجة البرودة والحرارة أو الاختلافات الأخرى مثل الحال في القطبين الشمالي والجنوبي حيث تختلف أوقات الصلاة والصوم هناك، وأيضاً يختلف البلوغ عادة في الأقطار الحارة عن الأقطار الباردة، فالصبي في سن الرابعة عشرة في بلد ما يبلغ الحلم فيصير مكلفاً، ونظيره في بلد آخر لا يبلغ فلا يكون مكلفاً، فسقوط التكليف عن أحدهما وقيامه بالآخر ليس لاختلاف الموجه إليهما، بل الخطاب واحد، ولكن الاختلاف في متعلقه وهو وقوع التكليف على من عاش في بلد حار فظهرت عليه أمارات البلوغ، وعدم التكليف على من عاش في بلد آخر ولم تظهر عليه الأمارات نفسها،هذا عرض مفصل لتأثير عاملي الزمان والمكان على الفتوى الشرعية فتتغير بتغيرهما وعلى المفتي أن يراعيهما قبل إصدار فتواه، رزقنا الله حسن الفهم وصدق القول والإخلاص في العمل».