رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رئيس وزراء السودان: تبنى برنامج للإصلاح الاقتصادى خيار وحيد وواعٍ

حمدوك
حمدوك

أكد رئيس وزراء السودان الدكتور عبدالله حمدوك، أنه لم يكن أمام الحكومة خيار غير تبنى برنامج للإصلاح الاقتصادي.


وقال حمدوك - في خطاب مساء اليوم الثلاثاء - إن برنامج الإصلاح الاقتصادي "هو خيارنا الوحيد، الذي لم يفرضه علينا أحد أو تصر عليه جهة، ولسنا مرغمين على ذلك، لكنه الخيار الواعي الذي وجدنا أنه كفيل بإصلاح الوضع الاقتصادي، ونعلم قسوته وصعوبته، لكنه كان الدواء الوحيد لمثل ظروفنا وواقعنا".


وأضاف حمدوك أن الحكومة تسلمت خزينة فارغة، وديونًا مهلكة وحالة حصار سياسي واقتصادي، حيث كان الاقتصاد يُعاني من خلل هيكلي، لافتًا إلى أن جائحة كورونا تسببت في كساد اقتصادي عالمي وانخفضت إيرادات الحكومة بنسبة 40%.


ونوه بأن هناك ضوءًا في آخر النفق، حيث إن هذا الدواء ليس فعلًا معزولًا بل هو جزء من تصور عام، موضحًا أن تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية وأعباء الإصلاح الشامل يتم على مراحل.


وأشار إلى وقف الحرب وتحقيق السلام بما يوسع قاعدة الانتقال ويمتنه ويوفر فرصًا أفضل للبلاد لتوجيه طاقاتها نحو البناء عوضًا عن الصراع، فضلًا عن فك العزلة الدولية عن السودان وإنهاء العقوبات والحصار الذي كبل إمكانيات السودان الوطنية.


وأوضح أنه تم وضع عدد من التدابير والمعالجات لتخفيف آثار الإجراءات الاقتصادية، منها برامج الدعم الاجتماعي، وبرنامج الدعم الأسري ثمرات، المعني بتقديم دعم نقدي مباشر لملايين المواطنين.


وقال إن لدى برنامج ثمرات رصيدًا يقدر بحوالي 820 مليون دولار تمّ استخدام 15% منها حتى الآن، وأقر بأن هناك خللًا إداريًا في قاعدة المعلومات أعاق هذا العمل الكبير، وهو ما تعمل الحكومة على معالجته مع جميع الجهات المعنية.


وأشار إلى استمرار دعم الحكومة للعديد من السلع والخدمات الضرورية، منها الكهرباء والدقيق والغاز والأدوية، مضيفًا أنه برغم المصاعب فإن هذا الطريق أدى إلى نتائج إيجابية وكبيرة.


وأوضح أنه تمّ الالتزام بإعفاء 15.5 مليار دولار من أصل 60 مليارًا من الدين المستحق على السودان، في خطوة شجعت الدول أعضاء نادي باريس على الالتزام بالعمل على إعفاء ديونهم البالغة 23 مليار دولار.


وأضاف أن هناك معالجات وقرارات لإجراء إصلاحات حقيقية في الجهاز المصرفي والجمارك والضرائب وسياساتها، وستحدث إعفاءات جمركية وضريبية على السلع الضرورية ومدخلات الإنتاج، والسلع الرأسمالية، وفرض ضرائب وجمارك مرتفعة على السلع غير الضرورية، لافتا إلى أن هذا النوع من السياسات سيساعد في توفير السلع الضرورية بأسعار تنافسية، ولن يمنع الحصول على السلع غير الضرورية بقيمتها الحقيقية، كما أنه يشجع الإنتاج المحلى والتوظيف.


وقال رئيس وزراء السودان: "لقد رأيتم ما آلت إليه الأمور في الأيام الماضية من أجواء تنذر بالفوضى وإدخال البلاد في حالة من الهشاشة الأمنية"، محذرًا من أن السودان "مهدد بالدخول في حالة من التشظي والانقسام بسبب تدهور الأوضاع الأمنية".


وأضاف: "تحول الأمر في بعض الحالات من تحركات للتعبير عن الرأي إلى أحداث سلب ونهب للممتلكات وترويع المواطنين في عدد من المناطق، واعتداءات مباشرة، سبقتها حوادث قتل وتعدٍ على عدد من الثوار، وهناك حالات عنف واعتداء على النساء بصورة غير معهودة".
 

وشدد على أن "ما يحدث الآن لا يشبه الثورة ولا الثوار، ومن الجيد أن الثوار الحقيقيين انتبهوا لما يحدث، وتصدت لجان المقاومة الحقيقية لمحاولات تشويه صورتهم وعملوا على تصحيح الأوضاع والمشاركة في استتباب الأوضاع الأمنية، ونحن ندعوهم لمواصلة ذلك المجهود، فنحن مؤمنون أن السند الحقيقي لحكومة الفترة الانتقالية هذه الجماهير".
 

وقال إنه "في الثالث من يونيو الجاري خرجت جماهير الثورة للتعبير عن رأيها بطريقة سلمية ومتحضرة، رغم أن بعض المخربين وأعوان النظام البائد حاولوا استغلال الفرصة لنشر الفوضى"، داعيًا الشباب إلى الابتعاد عن كل ما يجرهم نحو العنف.
 

وأكد أن "التدهور الأمني الآن يعود بالأساس للتشظي الذي حدث بين مكونات الثورة، والذي ترك فراغًا تسلَّل منه أعداؤها وأنصار النظام البائد، ولكن قوى الثورة لا مجال أمامها سوى أن تتوحد وتعيد تماسكها وتُنظم صفوفها، فهي بوحدتها فقط قادرة على حماية الثورة وقيمها وأهدافها".
 

وأضاف أن السودان "يواجه ظروفًا قاسية تهدد تماسكه ووحدته، وينتشر فيها خطاب الكراهية وروح التفرقة القبلية، وهذه التشظيات يمكن أن تقودنا لحالة من الفوضى وسيطرة العصابات والمجموعات الإجرامية، كما تساعد على تفشي النزاعات بين المجموعات السكانية كافة، مما قد يؤدي إلى حرب أهلية تقضي على الأخضر واليابس، وهذا الخطر لن يهدد بلادنا فحسب، بل سيجر كل الإقليم إلى حالةٍ من عدم الاستقرار، فأي تهديد للاستقرار في بلد مثل السودان، سيمثل حالة نوعية فريدة لم يسبق لها مثيل على مستوى العالم".
 

وقال حمدوك: "نحن لن نستسلم أو نركن للمصاعب والتحديات، وسنبذُل كل ما نملك من قوة وقدرة لمواجهة هذه المخاطر، ولا تزال أمامنا الفرصة"، مشددا على أننا "لن نستطيع تحقيق مهام الانتقال وإنجاز التحول الديمقراطي إلا عبر عودة الوحدة".
 

وأشار إلى أن الحل الواقعي لمشاكلنا الاقتصادية يتطلب، ضمن أشياء أخرى، مصالحة المؤسسات الدولية ولإجراء ما يمكن لإعفاء الديون ولعودة السودان للمجتمع الدولي، والاستفادة من الموارد المتاحة من هذه المؤسسات، فهذا حق لا يرتبط بأي ميزات أو أجندات غير واضحة، مؤكدا أنه ليس لدينا أي مصلحة غير تحقيق تطلعات الشعب السوداني.


وأوضح أن هناك أيدى خبيثة تسهم في تعطيل عجلة الإنتاج ودولاب العمل الحكومي وسير عمل القطاع الخاص، وكذلك تحرّض على الانفلات الأمني، مشددًا على أن الحكومة لن تتهاون في حسم تلك الجهات بما يقتضيه القانون والسلطة الممنوحة من قبل الوثيقة الدستورية.