رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وكيل وزارة الأشغال فى غزة: بناء 3 مدن على الطراز المصري (حوار)

ناجى سرحان
ناجى سرحان

قال وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية فى غزة، ناجى سرحان، الذى ترأس وفدًا حكوميًا زار القاهرة مؤخرًا لمدة ٤ أيام، إن الوفد الفلسطينى لمس خلال زيارته إلى القاهرة اهتمامًا فائقًا بسرعة إتمام عملية إعمار غزة، مع تأكيد مصرى أن بناء القطاع سيكون بأيدى أبنائه، وأن الشركات المصرية ستشارك نظيرتها الفلسطينية دون منافسة أو إلغاء.

وأضاف «سرحان»، فى حواره مع «الدستور»، أن المناقشات تضمنت عرضًا للأضرار التى تعرض لها قطاع غزة جراء التصعيد الإسرائيلى الأخير، مع المطالبة بدعم مصرى من أجل تطوير غزة حضاريًا، مشيرًا إلى الاتفاق على بناء ٣ مدن جديدة، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية، وإعادة تأهيل الطرق وشبكة الكهرباء.

■ بداية.. ما أبرز الملفات التى ناقشها الوفد الحكومى لغزة، خلال زيارته إلى القاهرة، فى الأيام الأخيرة؟

- أولًا، أريد القول إننا وجدنا ترحيبًا كبيرًا من المسئولين فى القاهرة، وكانت اللقاءات إيجابية للغاية، ووجدنا أيضًا أن مصر مهتمة بعملية إعادة إعمار غزة، وتضمنت النقاشات عرض الأضرار التى تعرضت لها غزة فى القطاعات المختلفة، وكذلك مطالب عملية إعادة الإعمار.

وتم الاتفاق، خلال الزيارة، على أن يأتى وفد مصرى لزيارة غزة، لتقييم الأوضاع على الأرض تمهيدًا لعملية إعادة بناء العمارات والأبراج التى دمرت، وكذلك الطرقات، وقطاعات البنية التحتية، مثل الزراعة والكهرباء والاقتصاد، ومن ثم يجرى وضع تصور كامل بآليات للحل، وكيفية البدء فى العملية بشكل شامل، وذلك عبر أموال المنحة التى قدمها الرئيس عبدالفتاح السيسى، التى تبلغ قيمتها ٥٠٠ مليون دولار.

■ ما أبرز خسائر البنية التحتية فى القطاع التى دار الحديث عنها فى الاجتماعات؟

- على مستوى المبانى، هناك ما يزيد على ٢٠٠٠ وحدة سكنية تضررت بشكل جزئى وأصبحت غير صالحة للسكن، و٢٠ ألف وحدة أخرى كانت أضرارها متوسطة، و٣٥ عمارة سكنية تم تدميرها بشكل كامل، ويتراوح عدد الطوابق فى تلك العمارات بين ٨ و١٥ طابقًا.

وهناك أيضًا طرق كاملة تم تدميرها، وكذلك خسائر مباشرة فى المحولات والكابلات الرئيسية، «ضغط عال ومنخفض»، وشبكات خطوط الكهرباء، والمحولات بلغت تكلفتها أكثر من ١٥ مليون دولار، بالإضافة إلى تدمير كامل لما يزيد على ١٠٠٠ منشأة اقتصادية، منها ١١٥ مصنعًا، وأكثر من ١٠٠ مبنى حكومى، فيما بلغت خسائر البنية التحتية فى المجال الاقتصادى نحو ١٣٠ مليون دولار، ما بين شبكات صرف صحى ومياه، وإجمالى الخسائر حتى الآن فى كل المجالات، يبلغ ٤٠٠ مليون دولار فى هذه الحرب فقط، علمًا بأن هناك خسائر من الحروب السابقة التى اندلعت فى أعوام ٢٠١٤ و٢٠١٢ و٢٠٠٨، تبلغ تكلفة المهام المتبقية منها ما يزيد على ٦٠٠ مليون دولار. 

وتضمنت النقاشات أيضًا الحديث عن معاناة القطاع من الحصار منذ ١٥ عامًا، ما أثر على مظاهر الحياة فيه، لذا فنحن بحاجة إلى الأمل والعمل، خاصة أن نسبة البطالة فى الداخل تجاوزت الـ٥٠٪، يمثل الخريجون منها نسبة ٧٠٪، ما يعنى أننا بحاجة لتوفير فرص للعمل عبر مشروعات إعادة الإعمار، وكذلك معالجة الأضرار غير المباشرة، بالإضافة إلى الأضرار المباشرة للحرب.

■ وماذا عن الأضرار غير المباشرة؟

- الحديث عن الأضرار غير المباشرة تضمن كيفية تنمية قطاع غزة فى عدة مجالات على أساس الشراكة الكاملة، وتحدثنا على سبيل المثال عن مجال الزراعة، وإقامة شراكة بين المستثمرين والمواطنين المتضررين، أى المزارعين، فى الزراعة والاستيراد والتصدير، بما يسمح بتكامل العملية، بدءًا من التعاون مع المزارع، حتى تصدير ما يحصده، مع خلق منظومة كاملة وخطة واضحة لتصدير المنتجات للخارج، ما يخلق فرص عمل للفلسطينيين، خاصة أن القطاع يعانى عدم القدرة على تصدير أى شىء من خلال المعابر الفلسطينية، لذا نريد التصدير عبر مصر، وقد وجدنا اهتمامًا كبيرًا من المسئولين المصريين بمساعدتنا فى هذا الجانب.

■ ذكرت أن نسبة البطالة بالقطاع وصلت إلى ٥٠٪.. فما خطط تقليلها وفقًا لمخطط الإعمار؟

- المسئولون فى مصر أكدوا لنا بوضوح شديد أنهم يعملون لمساعدة أبناء الشعب الفلسطينى وخلق فرص عمل له، وأن غزة ستبنى بسواعد أبنائها، وأن الشركات المصرية ستساعد وتشارك نظيرتها الفلسطينية ولن تعمل على منافستها أو إلغائها، وهو دور مقدر لمصر، لحرصها على استفادة أهالى قطاع غزة من مبادرة إعادة الإعمار.

والحقيقة أننا شعرنا بالحرج فى الحديث عن هذه النقطة، لكن الأشقاء فى القاهرة هم من أثاروا الحديث عنها خلال الاجتماعات الأخيرة للوفد، وأكدوا لنا أنهم أكثر منا حرصًا على توفير فرص عمل لأبناء غزة فى الداخل، وهو ما يسهم فى تحريك المياه الراكدة ودعم العاطلين من العمال، وممن فقدوا أعمالهم فى التصعيد العسكرى الأخير.

■ هل تضمنت المحادثات مخطط بناء مجمعات سكنية؟

- قدمنا لمصر تصورًا عن تجمعات سكنية وأماكن بنائها، وسيجرى الوفد المصرى معاينة لتلك الأماكن المقترحة لدراستها وإجراء التقييمات اللازمة لها، خلال الزيارة المقررة خلال أيام، وسيكون مطلوبًا منا فى غزة أن نجهز تلك الأراضى وأن نزيل ما يعوق التنفيذ.

ومن المقرر أن يتم وضع تصور شامل لهذه المبانى خلال الفترة القليلة المقبلة، كما أن المصريين عرضوا علينا نماذج للمدن التى أقاموها فى مصر، واتفقنا على عدد الطوابق والعمارات والمساحات المقترحة، وشكل المدن، على أن يجرى التأكيد على كل التفاصيل بشكل نهائى بعد زيارة الوفد المصرى.

■ ما الملامح الأولية لهذه المجمعات؟

- مساحة قطاع غزة صغيرة بالمقارنة بالكثافة السكنية العالية فيه، لذا تلزم إعادة هيكلة القطاع السكنى فى عدة مناطق، ومن المتوقع أن يضم كل مجمع سكنى عدد وحدات يتراوح بين ٥٠٠ و١٠٠٠ وحدة سكنية، خاصة أن المواطنين يفضلون أن يسكنوا بالقرب من مناطق نشأتهم.

واتفقنا مبدئيًا خلال الاجتماعات على بناء ٣ مدن سكنية، إلى جانب المدينة التى تم وضع حجر الأساس لها فى وسط غزة، وخلال الفترة المقبلة، سيزيد عدد هذه المدن حسب الأراضى المتاحة لدينا فى القطاع، وسنقترح مواقع أخرى لبناء مثل تلك التجمعات، خاصة بعدما رأينا النماذج الرائعة التى تم تنفيذها فى مصر وما فيها من تطور كبير.

■ ماذا عن تطوير البنية التحتية مثل الطرق وشبكة الكهرباء؟

- طلبنا من المسئولين المصريين أن يعملوا معنا على تطوير هذه المجالات، فى ظل ما وجدناه فى القاهرة من تطور كبيرة جدًا وطفرة ضخمة فى مجال الطرق والكبارى، فللأسف، لا يوجد لدينا فى قطاع غزة كوبرى واحد، لذا طلبنا من الأشقاء فى القاهرة أن يتم ندب خبراء مصريين لدراسة إقامة الكبارى فى غزة وإدخالها إلى القطاع، وهو ما تم الاتفاق على تنفيذه خلال الفترة القليلة المقبلة. كما طلبنا أن يتم إمداد غزة بمزيد من الكهرباء عبر مصر، وتعويض القطاع بكل ما يحتاجه فى هذا المجال وهو ما يمثل تقريبًا نحو ٥٠٠ ميجا وات، لأن ما يتوافر لدينا الآن هو الخطوط التى تأتى من إسرائيل، ولا تتجاوز قدرتها الـ١٥٠ ميجا وات، ما يجعلنا نعانى من نقص كبير فى الكهرباء التى تستمر بين ٤ و٨ ساعات فقط يوميًا.

■ ما المجالات الأخرى التى تطرقت إليها النقاشات؟

- طلبنا، حتى على مستوى القيادة، أن تكون هناك برامج سياحية، سواء من غزة إلى مصر، أو من القطاع للعالم عبر مصر أيضًا، خاصة أن الفلسطينيين فى القطاع المحاصر يحملون حبًا كبيرًا لمصر، ويريدون زيارة كل الأماكن بها، ونتمنى أن يجرى ذلك قريبًا، ونأمل أن تكون العلاقة أكثر امتيازًا، مع الانتقال من الإعمار إلى التجارة والصناعة والسياحة، وأن تكون لدينا علاقة متكاملة مع مصر.

■ كيف وجدتم الاستجابة المصرية للمطالب الفلسطينية؟

- لمسنا من المصريين اهتمامًا فائقًا، وجدية أكثر مما كنا نتوقع، وكان استقبالنا رائعًا، وهناك توجيهات بسرعة تنفيذ إعادة الإعمار، وبمجرد الحديث عن العديد من الملفات وجدنا تعليمات واضحة بأن يتوجه وفد مصرى فورًا إلى القطاع لدراسته. وهذه رسالة توضح أن مصر تقف إلى جانبنا وتتواجد معنا على الأرض، فمصر هى شقيقتنا الكبرى، وشعورنا تجاهها يتسم بالحب والتقدير، لأن علاقتنا بها ممتازة وممتدة طوال التاريخ.

■ أخيرًا.. ما الأعمال التى بدأ تنفيذها بالفعل فى غزة لرفع آثار العدوان الإسرائيلى الأخير؟

- منذ نحو أسبوع أو أكثر قليلًا، دخل أكثر من ٥٠ آلية وعدد من العمال المصريين إلى القطاع، وبدأوا العمل، ولا يزالون، فى مساعدة المقاولين الفلسطينيين على إزالة الأنقاض وركام المبانى التى دمرت فى التصعيد الأخير. والآليات المصرية تعمل فى أكثر من ٥ مواقع فى آن واحد، ولدينا خطة موضوعة لذلك، ونعمل مع المصريين فيها على توزيع المعدات وفق الاحتياجات الضرورية، ومن المقرر أن يجرى الانتهاء من هذه الأعمال خلال أقل من ٣ أشهر.