رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عالمة إيطالية تتحدث عن: عبقرية الفراعنة.. وموكب المومياوات

عالمة الآثار الإيطالية
عالمة الآثار الإيطالية بجوار أحد التوابيت

50 عامًا هو عُمر عالمة الآثار الإيطالية سابينا مالجورا، التي قضت أكثرها في البحث في أسرار الأجداد، فذهبت بسفينة العِلم إلى الماضي، عابرة آلاف السنوات، لتكشف لعُشاق التاريخ أسرارًا جديدة، ومفاجآت عن إناس عاشوا في عصور بدائية، لكن عقولهم تخطت حدود الإمكانيات التي كانت بعصورهم.. كان للفراعنة نصيبًا أكبر من شغف سابينا منذ صِغرها، فتعمقت في التاريخ... رحلة طويلة روتها العالمة الإيطالية لـ«الدستور» في لقاء ترجمه الباحث المصري في الشأن الإيطالي أسامة فوزي، عبر تطبيق المحادثات عن بُعد (Zoom).

 

«أنا سابينا مالجورا، من بييمونتي، شمال إيطاليا.. من مدينة صغيرة اسمها كزالي مونفيراتو.. عمري 50 عامًا، متخصصة في علوم الآثار.. منذ الصِغر وأنا مُغرمة بمصر القديمة آثارها، وكان والداي يأخذونني معهم في زيارات للمتاحف والمعارض الفنية، وحينما ذهبت للمتحف المصري بمدينة تورينو، انبهرت للغاية، حيثُ شاهدت المومياوات المصرية» ـ تقول العالمة الإيطالية.

 

دراسة.. وشغف.. وأبحاث

تحول الانبهار إلى شغف للتعمق في تاريخ الفراعنة.. هكذا تقول العالمة الإيطالية: بعد شغفي بالآثار المصرية؛ قررت أن أستكمل دراستي الجامعية في جامعة بولونيا، وهي واحدة من أولى الجامعات، حيث بدأ نشاطها منذ عام 1000 ميلاديًا، وتلقيت دورات في علم الآثار المصرية القديمة، وكذلك الرومانية والإفريقية، تخصص علم البرديات، وحصلت على الماجستير وحصلت على لقب عالمة آثار، حيث عمقت معرفتي بعلم المصريات، وقدمت بحثًا عن هرم زوسر بسقارة، ثم حصلت على الدكتوراه من جامعة نابولي للشرقيات (العلوم الشرقية) في حفريات المقابر لحقبة ما قبل التاريخ بين مصر والسودان.

 

عبقرية الفراعنة

أكثر ما جذب «سابينا» في الآثار المصرية، عن الآثار الأخرى التي درستها، هو «تميزها بالعبقرية، فمنذ قِدم السنين، والحضارة المصرية قدمت اختراعات عظيمة للبشرية. المصري القديم عبّر عن إمكانياته قبل الحضارات الأخرى، فالمصريون القدماء قدّموا أول طبيب في التاريخ من الأسرة الثالثة، وقدموا أول عمل معماري وأول إنتاج للنبيذ، واختراعات من الفلك، الطب، والهندسة.. قدموا كل شئ قبل الحضارات الأخرى» ـ كمال تقول.

 

مشروع المومياوات

أنشأت مركز للآثار باسم «مشروع المومياوات» ـ والحديث على لسانها ـ ونقوم بعمل أبحاث خاصة بالمومياوات والبحث العلمي، ونُساعد أيضًا المتاحف لكي تُعظم قيمة القطع الآثرية ويزداد عدد زوار المتاحف. نُحاول أن نحكي عن الحضارة المصرية بطريقة ممتعة، ليذهب الناس للمتاحف، وإن ذهبوا للمتاحف، فبالتأكيد سوف يذهبون إلى مصر بعد ذلك.

 

تُضيف: ونقوم بعمل أبحاث في مركز المومياوات، هي أبحاث تخص مومياوات محفوظة في متاحف ولم تُعرض للجمهور من قبل، مثال لهذا درسنا مومياء مصرية محفوظة في متحف ميرانو، وندرس أخرى في متحف العلوم الطبيعية في مدينة بريشيا، حيثُ يوجد به 7 قطط واثنين من الصقور، وتمساحين، وثعبان، و2 جسم بشري، ومومياوات لرجل وامرأة بمتحف داخل جامعة بافيا.. في كل مرة أدرس فيها مومياء؛ هي حالة خاصة لي، تاريخ المومياوات معقد، ولكنه مثير ورائع.

 

نقل المومياوات الملكية

شاهدت حدث نقل المومياوات (من التحرير) الملكية للمتحف القومي للحضارة المصرية، عبر التلفاز.. كان حدثًا رائعًا.. المصريون فقط هم من يستطيعون تقديم مثل هذا الحدث العظيم.

 

أنا سعيدة للغاية بما يحدث في مصر من إنشاء متاحف جديدة ونقل المومياوات، والمتاحف الجديدة تعرض قطعًا أثرية لها قيمة عظيمة، وبطبيعة الحال تُنقل للأجيال القادمة، فالمتاحفظ تحفظ القطع الأثرية والمومياوات وتنقل للأجيال التالية معرفة عميقة وحب واحترام للقطع الأثرية.

 

لغز التابوت المسروق

أكثر المواقف المثيرة التي عشتها أثناء دراسة المومياء المصرية، كان حينما كنا نقوم بدراسة لمومياء مصرية موجودة في متحف آستي بإيطاليا، وكانت المومياء محفوظة داخل تابوت يعود للأسرة الثانية والثالثة. درسناها واكتشفنا أن جسم المومياء هي عبارة عن هيكل عظمي فقط، وقمنا كذلك بعمل أشعة وتحاليل، ومنظار للجثة، فاكتشفنا أن مالك التابوت ليست للمومياء، واكتشفنا أن أحدًا سرق التابوت لنفسه، وهذا اللغز قمت بـ 50 بحثًا حوله، وفيلمين وثائقيين في التلفزيون الإيطالي، وكتبت أيضًا رواية عن المومياء.

 

الإيطاليون يُحبون مصر

أعتقد أن حب إيطاليا لمصر، منذ قديم الأذل، نرى أن ثاني أهم متحف في العالم، موجود في إيطاليا، وهو المتحف المصري مدينة تورينو، كذلك في كل إيطاليا توجد متاحف بها آثار مصرية قديمة.. حب المصريين للآثار المصرية قوي جدًا، واليوم لديهم الرغبة في العودة لمصر، كذلك أنا، أتمنى العودة للعمل من جديد في مصر بعد جائحة كورونا.. لدي حماس في العودة أكثر من أي وقت مضى لزيارة مصر والعمل فيها، فإنها تُعجبني، وأشعر بالراحة فيها ـ تقول سابينا.

 

الثقافة هي مُفتاح أبواب العلاقات الاقتصادية والسياسية بين مصر وإيطاليا.. لدينا نفس الاهتمامات.

عالمة الآثار الإيطالية تتحدث لـ«الدستور» عبر تطبيق «Zoom»