رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«لغز الوفاة وتجارة العبيد» مآسى تعرض لها نجيب الريحانى

نجيب الريحاني
نجيب الريحاني

"إن الدنيا حين ضاقت في وجهي بعد سوء الحظ الذي حالفني عندما حاولت تقديم الريفوهات، وهي لون جديد من ألوان الروايات يخالف المعروف وقتها والتي لم يتقبلها الجمهور وباءت بالفشل، بعدها قررت السفر إلى خارج مصر".. هكذا حكى الفنان الراحل نجيب الريحاني في مذكراته.

الريحاني وقع ضحية لمتعهد حفلات أوهمه أنه ممول كبير ويستطيع أن ينظم له رحلة فنية إلى بعض البلاد العربية، فقام الريحاني بإقناع الفنانة بديعة مصابني بمصاحبته في تلك الرحلة، وسافرت فرقتهم المسرحية في باخرة، ولحقهم "الريحاني" و"مصابني" على متن باخرة صغيرة إلى دولة تونس.

وبعد رحلة شاقة، تبين أن الممول اتفق مع بعض الجمعيات الخيرية على أن تحيي الفرقة بعض حفلات مجانًا على سبيل الدعاية والمساعدة في الوقت الذي كانوا فيه أحوج الناس إلى المساعدة، إلا أن الفنان المصري نجيب الريحاني قد اقترح على هذه الجمعيات أن تدفع النفقات الضرورية لحفلاتها فرفضت وثارت عليهم، وحرضت الصحف فراحت تهاجمهم فرقة "الريحاني" بشدة وتصفهم بقلة الذوق، وهكذا قضي على الدعاية التي أنفق المتعهد في سبيلها ألفا من الجنيهات.

وبدأت الجمعية تشن هجومها على متعهد الحفلات وفرقة نجيب الريحاني، واتهموه بأنه يتخذ الفن ستارًا للتجارة في العبيد، بعد أن يقوم بخداع الفنانات اللاتي يجلبهن إلى تونس، لتلقي الحكومة التونسية القبض على الفرقة المسرحية، وتودعهم في السجن إلى أن ظهرت الحقيقة من خلال التحقيقات.

 

لغز الوفاة 

شكلت وفاة أسطورة الكوميديا نجيب الريحاني صدمة كبيرة في الوسط الفني ونعاه السياسيون والمفكرون بعد أن استطاع أن يحفر اسمه في تاريخ الفن المصري بأعماله المسرحية والسينمائية رغم عمره القصير.

في الغرفة رقم 48 بالدور الثاني رقد الفنان نجيب الريحاني حتى وافته المنية في الساعة 11 صباح يوم الأربعاء 8 يونيو عام 1949، ورغم مرور 72 عاما على الوفاة ما زالت تثير علامات استفهام.

كان نجيب الريحانى يستعد لتناول الدواء الجديد الذى وصل بالطائرة من الخارج، وما أن مرت 10 دقائق على تناوله العلاج، حتى اضطرب جسده فى الفراش، وأصيب بألم حاد فى كل جسده حتى فارق الحياة.

السبب الشائع لوفاة نجيب الريحانى هو حقنة بنسلين خطأ، حتى نشرت صحيفة "الأهرام العربى" وثائق ومستندات وشهادات حول الوفاة منها شهادة رفيق عمره بديع خيرى وزوجته بديعة مصابني.

لكن أخطر هذه الشهادات كانت شهادة أنور عبد الله الصحفي المقرب من الريحاني وقال فيها: "اختلف الناس فى وفاة المرحوم نجيب الريحانى، هل بسبب تصلب شرايين القلب، أم اشتداد حمى التيفويد التى أصيب بها فى الإسكندرية أم من المرضين معا". 

وأضاف "عبد الله": الواقع أن الأطباء الذين أشرفوا على تمريض نجيب الريحانى أنفسهم اختلفوا قبل الوفاة فيما إذا كانت الضرورة تقتضى الحذر فى علاج حمى التيفويد، نظرا لمرضه بالقلب، أم أن الحكمة تستوجب علاج الحمى بأسرع وقت.

كانت حالة الريحانى تسوء ساعة بعد ساعة، فلم يكن هناك مفر أمام الأطباء من الإسراع فى تقرير الطريقة التى يجب أن يوقف بها سريان الداء، برغم تباين الرأى بين ثلاثة أطباء.

يتابع أنور عبد الله فى شهادته، تسمع من الذين سهروا بجوار الريحانى فى الليلة التى سبقت وفاته، أنه كان قلقا ويسأل عن حبوب الكلورمايستين بمعدل مرة كل 10 ثوان، وأنه لم يقبل نصيحة السيدة نعوم مديرة أعماله باستدعاء الدكتور زاروا طبيب القلب، لأنه كان يثق ثقة عمياء فى طبيبه.

استكمل أنور عبد الله شهادته: "بعد الوفاة أبدى الدكتور اليونانى رأيه فقال إنه يعتقد أن الضرورة كانت تقضى بالحكمة فى استعمال الدواء، وأن الكمية التى تناولها الريحانى كانت من الكثرة بحيث أصبحت خطرا على رجل مريض بالقلب".

ويرى خبراء الطب الشرعي أن نجيب الريحاني مات نتيجة التسمم بهذه الأقراص التي كان يجب أن يأخذها على جرعات وليس دفعة واحدة.