رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف تطورت العلاقات المصرية الأوروبية خلال عهد الرئيس السيسي؟

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي

على مدار 7 سنوات من تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم البلاد، تكونت لدى مصر شبكة علاقات خارجية مع كبرى دول العالم، وشهدت العلاقات تطورا كبيرا على جميع المستويات والزيارات، حيث نجح الرئيس في إعادة شبكة علاقات مصر الإقليمية والدولية، والارتقاء مع الدول الكبرى منها فرنسا واليابان فضلا عن التعاون الثلاثي المصري اليوناني القبرصي.

العلاقات المصرية الفرنسية

وتحظى مصر بعلاقات قوية مع فرنسا على كافة المستويات، في ظل توافق بين البلدين على مواجهة التحديات الأمنية المشتركة والإرهاب والتطرف ما جعل مصر شريكًا قويا لباريس.

وتمثل العلاقات العسكرية بين مصر وفرنسا دفعة قوية لمجالات أخرى مرتبطة بالأزمات الإقليمية ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وتجارة المخدرات والسلاح، بخلاف عمليات التدريب المشترك المستمرة بشكل دوري، خاصة منذ عام 2014 مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية.

‏واستطاعت مصر وفرنسا التنسيق والتفاهم بشأن العديد من القضايا الدولية والإقليمية التي تهم الجانبين وعلى رأسها الأزمة الليبية التي تمثل أهمية استراتيجية وأمنية للقاهرة وباريس.

منذ تولي السيسي في 2014، استطاع إقامة علاقات قوية وخاصة مع باريس ليس فقط على مستوى التعاون الثنائي ولكن على مستوى التفاهم بشأن قضايا حيوية مثل ليبيا، وزاد هذا التنسيق بين البلدين مع زيادة تدفق المرتزقة والإرهابيين إلى ليبيا بدعم من دول إقليمية.

وشهد عام 2020 زخما قويا بشأن ليبيا بسبب التدخل الإقليمي المباشر والمرتزقة، فقد التقى وزراء خارجية مصر وفرنسا وقبرص واليونان في القاهرة لمناقشة التطورات الأخيرة في منطقة شرق المتوسط.

واستمرت الاتصالات بين فرنسا والقاهرة بشأن الأزمة سواء على مستوى وزراء الخارجية والدفاع أو مستوى رئيسي البلدين وتم التركيز فيها على خروج القوات الأجنبية من ليبيا ومحاربة الإرهاب ودعم الحل السياسي للأزمة والجهود الأممية وإعلان القاهرة وإعلان برلين بشأن حل الأزمة.

ولعبت مصر دورا كبيرا عبر علاقتها مع الاتحاد الأوروبي وفرنسا، خاصة في الحد من الهجرة غير الشرعية ومخاطرها عبر البحر المتوسط، وما تمثله من تحديات أمنية واجتماعية غير مسبوقة.

وأكد ستيفان روماتيه، سفير فرنسا بالقاهرة، في يناير 2020، أن مصر أدت دورًا مقدرًا لوقف موجات الهجرة غير الشرعية لأوروبا، مشيرا إلى أن بلاده عانت فى عام 2015 من موجات الهجرة عبر المتوسط عبر مصر وليبيا، مشيرا إلى أن القاهرة اتخذت سياسة قوية منذ ذلك الحين لمنع الهجرة غير الشرعية من مصر وغيرها لأوروبا، ومنذ عام 2016 فإن مصر تقوم بجهود هائلة للسيطرة على الحدود ومنع الهجرات غير الشرعية، خاصة مع وجود عصابات تقوم بالتهريب والإتجار بالبشر.

وحظيت الجهود المصرية لمواجهة الهجرة غير الشرعية بتقدير فرنسي أوروبي، فعلى سبيل المثل أسست الحكومة اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر في يناير 2017، والتي هي امتداد لمؤسسات سابقة موجودة منذ سنوات إلا أنه تم تحديثها وتطويرها لتلائم التحديات الحالية، حيث أصبحت تتبع رئيس مجلس الوزراء ومقرها وزارة الخارجية.

العلاقات المصرية اليونانية

وتربط بين مصر واليونان عدة علاقات سياسية، حيث يوجد تاريخ طويل من التعاون بين البلدين.

ففى 2014 قام أنتونيس ساماراس رئيس وزراء جمهورية اليونان بزيارة لمصر، استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي بمقر رئاسة الجمهورية. بحثا الجانبان تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، ولاسيما على الصعيد الاقتصادي، وفي ضوء سابق خبرة اليونان في مواجهة الأزمات الاقتصادية وسبل التغلب عليها، منوهًا إلى تطلعنا لدعم الأصدقاء الأوروبيين للاقتصاد المصري، ودعوتهم للمساهمة في الاستثمارات المباشرة والمشاركة في المؤتمر الاقتصادي الذي ستستضيفه مصر في فبراير 2015.

وفى 2015 قام الرئيس اليوناني بروكوبيس بافلوبوليس بزيارة لمصر استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسى بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة، تناولت المباحثات آخر التطورات الإقليمية والدولية وسبل تدعيم العلاقات المصرية اليونانية في مختلف المجالات خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية. عقدا الرئيسان مؤتمرًا صحفيًا في ختام جلسة المباحثات استعرضا خلاله ما تم التوصل إليه خلال القمة.

وفى 2015 قام رئيس وزراء اليونان اليكسس تسيبراس بزيارة لمصر، التقى به الرئيس عبد الفتاح السيسى، تم التباحث في سبل تطوير العلاقات والتعاون بين البلدين سواء على المستوى الثنائي أو المتوسطي، كما تم الاتفاق على زيادة مشاركة الشركات اليونانية في المشروعات الكبرى التي تدشنها وتنفذها مصر في مرحلة البناء الراهنة بما يدعم التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين.

وفى 2015 قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة لليونان، استقبله الرئيس اليوناني بروكوبيوس بافلوبولوس. تناول اللقاء سبل تعزيز جهود المجتمع الدولى فى التعامل مع التحديات الراهنة والتى تزايدت فى الآونة الأخيرة وعلى رأسها تحدى الإرهاب الذى يتسع نطاقه على الساحة العالمية وأزمة الهجرة غير الشرعية. شارك الرئيس السيسي فى القمة الثالثة للآلية الثلاثية للتشاور السياسي والتعاون التي تضم مصر واليونان وقبرص، بأثينا بمشاركة كل من نيكوس أنستاسيادس رئيس جمهورية قبرص، واليكسيس تسيبراس رئيس وزراء جمهورية اليونان.

وفى 2016 قام اليكسيس تسيبراس رئيس وزراء اليونان بزيارة لمصر، لحضور أعمال الدورة الرابعة للقمة الثلاثية بين مصر وقبرص واليونان، استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي. بحثا الجانبان سُبل تعزيز التعاون بين البلدين في عدد من المجالات، منها النقل البحري، والتبادل التجاري، والطاقة، والزراعة والسياحة. كما شهد اللقاء مناقشة تطورات الأوضاع في المنطقة وتنسيق المواقف السياسية بين البلدين إزائها، وفي مقدمتها الأوضاع في سوريا وليبيا، بالإضافة إلى التهديدات الناتجة عن تزايد خطر الإرهاب وتداعيات الهجرة غير الشرعية وتدفق اللاجئين نتيجة استمرار الأزمات القائمة بالمنطقة.

وفى 2018 قام بروكوبيس بافلوبولوس رئيس اليونان بزيارة لمصر، للمشاركة فى فعاليات مبادرة (العودة إلى الجذور) بالإسكندرية، استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسى. بحثا الجانبان سبل تطوير العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون في عدد من المجالات، مثل الطاقة والسياحة والزراعة، كما تم التباحث حول عدد من القضايا السياسية بالمنطقة ذات الإهتمام المشترك.

وفى 2018 قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة لليونان للمشاركة فى أعمال القمة الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص، استقبله رئيس وزراء اليونان أليكسيس تسيبراس. بحثت القمة سبل تعزيز العلاقات بين الدول الثلاث في كافة المجالات والبحث عن آفاق جديدة للتعاون المشترك بينها. شهد الزعماء الثلاثة عقب الاجتماعات مراسم توقيع عددا من اتفاقيات ومذكرات التفاهم المشتركة عقب المباحثات.

وفى 2019 قام كيرياكوس ميتسوتاكيس رئيس وزراء اليونان بزيارة لمصر للمشاركة فى القمة الثلاثية السابعة بين مصر وقبرص واليونان، استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي. تناولت القمة متابعة مجالات التعاون الثلاثى بين الدول الثلاث والتعاون فى مجال الطاقة، بإلإضافة إلى الأوضاع الإقليمية فى منطقة شرق المتوسط، ومكافحة الاٍرهاب والهجرة غير الشرعية.


التحالف المصري اليوناني القبرصي

بدأ التعاون المشترك بين مصر وقبرص واليونان منذ القمة الثلاثية الأولى التي استضافتها القاهرة في عام 2014، واستمر عقدها بشكل دوري على مدار الأعوام الماضية، وتضمن التعاون عملية ترسيم الحدود البحرية في المياه الإقليمية بالبحر المتوسط، وسبل تنشيط السياحة بين الدول الثلاث وسبل مواجهة أزمة الهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى ملف الإرهاب، كما يشمل التعاون الثلاثي مجالات الدفاع والأمن، والطاقة، والاستثمار، والسياحة، وحماية البيئة، والتراث الثقافى، والبحث والابتكار، والتعليم، وشؤون مواطنيهم بالخارج.

وعلى الرغم من تأكيدات الدول الثلاث أن تعاونهم ليس موجهًا ضد أي دولة، إلا أن قمتهم الأخيرة أكدت على "ضرورة التصدي للممارسات الاستفزازية المتمثلة في انتهاك القواعد الدولية، والتعدي على الحقوق السيادية لدول الجوار"، في إشارة إلى الانتهاكات التركية سواء في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص أو شرقي المتوسط.

تعد الاستفزازات في شرق المتوسط قضية قائمة دائمًا على طاولة مباحثات الدول الثلاثة، حيث يدينون دائمًا الإجراءات المستمرة فى المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص ومياهها الإقليمية، والتي تمثل انتهاكا للقانون الدولى، وكذلك المحاولات المستمرة لإجراء عمليات تنقيب بشكل غير قانوني فى المنطقة الاقتصادية الخالصةالجرف القاري لقبرص، فى مناطق بحرية تم ترسيم حدودها بالفعل وفقًا للقانون الدولي.

وشددت الدول الثلاث على أهمية احترام السيادة والحقوق السيادية لكل دولة فى مناطقها البحرية وفقًا للقانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، ودعوا إلى الإنهاء الفوري لجميع أنشطة الاستكشاف غير القانونية.

وأكد قادة الدول الثلاث دعمهم الثابت لجهود حكومة جمهورية قبرص للتوصل إلى حل شامل وعادل وقابل للتطبيق للقضية القبرصية على أساس قرارات مجلس الأمن ذات الصلة والقانون الدولي، كما طالبوا دول الحوار بإنهاء أعمالها الاستفزازية، والمساهمة بشكل بناء في استئناف المفاوضات التي تهدف إلى تحقيق نتائج ملموسة على مسار التسوية الشاملة والمستدامة للقضية القبرصية، بما يتسق مع استقلال جمهورية قبرص وعضويتها في الاتحاد الأوروبي وحقها الكامل في حماية أمنها واستقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها.

كما أكدت القمم الثلاثية أن سحب القوات الأجنبية شرطًا لا غنى عنه بالنسبة لجمهورية قبرص كدولة ذات سيادة، وأن الأمم المتحدة لا تزال الإطار الوحيد الذي يمكن من خلاله التوصل إلى تسوية للقضية القبرصية.

وفي إطار المساعي المصرية نحو التحول إلى مركز إقليمي لتداول وتجارة الطاقة، تم التوافق بين مصر وقبرص واليونان في أكتوبر 2018 على إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط، بحيث يكون مقره القاهرة، من أجل تنسيق السياسات الخاصة باستغلال الغاز الطبيعي ويسرّع من عمليات الاستفادة من الاحتياطيات الحالية والمستقبلية للغاز بدول حوض البحر المتوسط.

ويعتبر المنتدى آلية مهمة للتعاون واسع النطاق بين الدول المنتجة للغاز الطبيعي في منطقة شرق المتوسط، كما يعد فرصة لإقامة شراكة مع الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة بما يحقق مصالح كافة الدول المشاركة في هذا التجمع من خلال الاستغلال الاقتصادي الأمثل لما تضمه منطقة شرق المتوسط من اكتشافات للغاز واحتياطيات كبيرة وبنية تحتية متميزة لتجارة وتداول الغاز وتصديره.