رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رحيل «إيفلين بوريه».. السويسرية التي أضاءت ريف الفيوم

إيفلين بوريه
إيفلين بوريه

رحلت عن عالمنا قبل ساعات، إيفلين بوريه، مؤسسة مدرسة الفخار والخزف بقرية تونس بمحافظة الفيوم، عن عمر يناهز الـ70 عاما، وهى السيدة التي نقلت قرية تونس بريف الفيوم، إلى أحد المزارات السياحية الأهم في مصر.

انتقلت إيفلين بوريه في أوائل الستينيات إلى قرية تونس المصرية في محافظة الفيوم الواقعة على بعد نحو ١٠٠ كم جنوب غرب القاهرة. وهناك فتحت مدرسة لتعليم صناعة الفخار غيرت حياة المجتمع القروي جذريا إلى الأبد.

قصة إيفلين بوريه التي حولت قرية ريفية في الفيوم إلى مزار سياحي عالمي بدأت بحكاية روتها في حوارات صحفية منشورة، تلميذتها الأولى، السيدة راوية محمد ابنة قرية تونس بالفيوم: "كنا أطفال نلعب بالطين في طرقات القرية ونخلق منه أشكالا من الطبيعة حين رأتنا ايفلين وعرضت علينا أن نحضر إلى مدرستها لتعليمنا الفخار، كانت المسألة بالنسبة لنا استمرارا للعب لأن أعمارنا كانت تتراوح بين العاشرة والاثنى عشر عاما فذهبنا جميعا، لكن بمرور الوقت اعترض الأهل لأنهم لم يروا فائدة من لعب أطفالهم بالفخار".

راوية محمد الأخت الكبرى في أسرة فقيرة رفض أهلها أن تستمر ابنتهم في مدرسة الفخار لكن الطفلة الصغيرة عارضت قرار أسرتها بإصرار لتستمر في مدرسة ايفلين لتصبح أولى طلابها والوحيدة أيضا في ذلك الوقت، وحين أصبحت راوية في سن المراهقة عرضت عليها ايفلين السفر إلى أوروبا لعرض منتجاتها في معارضها وعاد اعتراض الأهل من جديد وعن ذلك تقول راوية:" في الريف نتزوج صغارا، الفتيات في سني أصبحن أمهات، وخروج فتاة ريفية بدون رعاية أهلها إلى دولة أجنبية هي مسألة ترفضها عادات المجتمع الذي أعيش فيه".

قرية تونس حدد مصيرها سيدتان، الأولى ايفلين السويسرية التي حضرت من الشمال الأوربي إلى عمق الريف المصري لتختار الحياة البسيطة دون أن تدرك أنها بعد ٥٠ عاما ستكون سببا في تغير مسار قرية بأكملها، والثانية هي راوية محمد الطفلة التي أحبت مدرسة الفخار وقررت اكمال الرحلة بعيدا عن الموروث الريفي الذي يرى أن الزواج هو السبيل الأخير لطفلة في الثانية عشرة من عمرها وأن المرأة واجباتها لن تتعدى مساعدة زوجها في زراعة الأرض وتربية الأطفال.

إصرار راوية محمد تلميذة ايفلين الأولى على التعلم كان سببا في تهافت أبناء القرية الآن على الدفع بأبنائهم إلى مدرسة ايفلين، مما اضطر القائمون على المدرسة إلى تحديد عدد معين كل عام يقبلونه لتعلم الفخار، وإصرار راوية أيضا كان سببا في تعلم جميع أسرتها صناعة الفخار لتكون مصدر رزقهم بعد معارضتهم في البداية لرغبة ابنتهم، التي أحبت اللعب في الطين عندما كانت طفلة!.