رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القلق المشروع والقلق المصنوع!

 

 

بين المصريين نوعان من المشاعر تجاه قضية مياه النيل، أولهما قلق مشروع، وثانيهما قلق مصنوع.. القلق المشروع شعور طبيعى، والقلق المصنوع وسيلة مكايدة رخيصة.. كل من له ثأر عند ثورة ٣٠ يونيو يتحدث وكأنه خبير المياه الأول. كل فاسد أضير من إغلاق الأبواب أمام الفساد يحرك من يتحدثون وكأنهم حراس النيل الوحيدون الذين يهمهم أمره.. كل سياسى تجاوزته الأحداث يتخيل أن المزايدة على الموضوع يمكن أن تعيده للضوء مرة أخرى.. كل متطرف كان يزايد على الأخطاء ويعيش عليها يرى أن السد هو فرصته الأخيرة للطعن فى شرعية النظام.. وأنا لا أخفى أننى واحد من الذين لا يشعرون بالكثير من القلق تجاه الموضوع، لاعتبارات متعددة، أولها أن العالم لا يتحمل سقوط مصر، وهو لن يحدث أبدًا، ولا أحد يتحمل مائة مليون مصرى يفيض غضبهم على من حولهم لا قدر الله، ولا أحد يتحمل ملايين المصريين فى قوارب تتجه إلى شواطئ أوروبا.. هذه مجرد افتراضات وسيناريوهات تدور فى رأس كاتب مصرى.. ربما هناك بعض «الأشرار» فى العالم يخطط للضغط على مصر.. لاستهلاك طاقة مصر.. لإيجاد أوراق للعب مع مصر.. لكن الأشرار دائمًا أذكياء.. وبالتالى فهم يعرفون ماذا يحدث إذا غضبت مصر أو أعلنت يأسها.. أو فكرت فى الخيار «شمشون».

من عوامل الاطمئنان أيضًا الثقة المطلقة فى الدولة المصرية، وفى شخص الرئيس وسوابقه فى إدارة الأزمات الكبرى التى أحاطت بالدولة المصرية، وكفاءة المؤسسات المصرية فى إدارة الملفات التى تستند لها.

يزيد من الاطمئنان معرفتى المتواضعة بأساليب المواجهة وتعددها وتنوعها، وأن الضربة العسكرية المباشرة ليست الرد الوحيد، ولا الأكثر إيلامًا، ولا تحقيقًا للخسائر كما فى الخيال الشعبى.. ذلك أن هذه الضربة تخضع لعوامل دولية وإقليمية مختلفة، والإقدام عليها دون أن تكون هذه العوامل مواتية هو نوع من الانتحار يدفعنا إليه المزايدون عن عمد أو عن جهل.. فضلًا عن ضرورة مواتاة الظرف الدولى والإقليمى والداخلى أيضًا، فإن ثمة اجتهادًا، أقول به، وهو أن الرد على الجانب الإثيوبى يكون بالمثل.. لقد انتظرت إثيوبيا سقوط الدولة فى ٢٠١١ قبل أن تبدأ بناء السد.. وعلى مصر أن تنتظر نتائج الحروب العرقية والنزاعات الحدودية والانتخابات الإثيوبية وانعكاس كل ذلك على إثيوبيا قبل أن ترد.. يقول المثل المصرى إن «أخد الحق حرفة» وأنا أثق فى أن لدينا فى الدولة المصرية «حريفة» كثيرين فى هذا المجال.. لننتظر ونرَ.