رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القرآن والأعشاب

وفيات وتدهور للحالات.. حكايات عن ضحايا خرافة علاج كورونا بالقرآن

كورونا
كورونا

قبل إصابة والدة "هاجر.م"، تقطن في محافظة المنوفية، بفيروس كورونا، ذاع صيت أحد الشيوخ الذين يدعون علاج الوباء بالقرآن في إحدى قرى المحافظة، والتي بمجرد إصابة والدتها شجعتها جيرانها على زيارة ذلك الشيخ من أجل شفاء والدتها عاجلًا.

ذهبت بالفعل "هاجر" حاملة أمها إلى ذلك الشيخ: "لم يفعل شيء سوى قراءة بعض الآيات والأذكار الدينية، ولم تكن صورته مثل الدجالين في الأفلام وكان رجل عادي"، بعد جلسة قرابة الساعة من الآيات دفعت فيها هاجر مبلغ 500 جنيه عادت بوعد من الشيخ بالشفاء عقب ثلاثة أيام.

مرت الأيام الثلاثة ولا تتحسن حالة الأم التي لم تأخذ أدوية منذ إصابتها، وكلما تواصلت "هاجر" مع الشيخ وعدها بأنها مسألة وقت وأن الأدوية لا طائل منها، ظلت الفتاة معتمدة على تلك الوعود الزائفة إلى أن فارقت والدتها الحياة عقب خمسة أيام من تلك الجلسة.

“هاجر” وغيرها كثيرون، هم ضحايا لمدّعين يستغلون حالة الخوف والهلع التي سببّها فيروس كورونا في مصر، فيذهبون إلى شيوخ يدعون علاج فيروس كورونا من خلال جلسات قرآنية أو أدعية ويتكل عليهم المرضى دون اللجوء إلى أطباء فيؤدي إلى وفاتهم في الحال.

تقول هاجر: "بدأ الشيخ عقب وفاة أمي يتهرب مني، ويدعي أن هناك حالات آخرى تم شفائها على يديه منهم كبار السن وأمراض مزمنة، وبعد فترة سمعت أنه رحل عن القرية بعدما جمع أموال طائلة من مرضى أغلبهم توفوا أو تدهورت حالتهم الصحية".

توضح أن الخطأ الأكبر الذي وقعت فيه هو الاعتماد الكلي على حديث ذلك الشيخ، وعدم اللجوء إلى طبيب واستشارته أو تناول الأدوية ما جعلها تدفع الثمن في النهاية حياة والدتها: "لا بد من القبض على هؤلاء المدعين بدل من وفاة الكثير من المرضى".

الدكتور عبدالحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتاوى السابق بالأزهر، ينفي أن يكون هناك شيء اسمه علاج كورونا بالقرآن، موضحًا أن القرآن علاج نفسي وروحي يشفي من أمراض النفس مثل الغل والحقد والكراهية والحسد وليست علاج جسدي.

يوضح أن أية فيه شفاء للناس تدل على شفاء للروح والنفس وليس الجسد: "العلاج لا يكن سوى بالأدوية ولا يقوم به مدعين لا بد أن يقتصر على الأطباء، حتى الأعشاب كان يتم استخدامها قديمًا لعدم وجود أدوية وأطباء، فضلًا عن أن كورونا فيروس مستحدث إلى الآن يعجز أمامه العلم".

الأطرش يشدد على ضرورة عدم الاستجابة لمروجين فكرة علاج كورونا بالقرآن أو بالخلطات العشبية، موضحًا أن بعضهم يستخدم السحر وهو يعد جريمة في القرآن والقانون، من أجل النصب وتحقيق أرباح مالية على حساب أرواح البشر.

"هاجر" ليست حالة فردية، فهناك "زينب.ر"، من محافظة الفيوم، والتي أصيبت بفيروس كورونا خلال آواخر عام 2020 الماضي، وذهبت إلى إحدى السيدات اللاتي يدعين علاج كورونا بالقرآن والأعشاب على أمل منها أن يتم شفائها.

تقول: "كانت سيدة عادية تقطن في منزل عادي وتعلق عليه لافتة بإنها تستطيع علاج كورونا من خلال خلطات عشبية دون الاعتماد على أدوية وجلسات قرآنية، وذهبت إليها بالفعل مع ظهور الأعراض الأولى، وأعطتني خلطة عشبية وقرأت عليّ بعض أيات القرآن مقابل 1000 جنيه".

زينب توضح أنها ظلت خمسة أيام دون أن تتحسن حالتها بل على العكس كانت تسوء أكثر: "شعرت وقتها بخوف شديد، فقام ابني الأكبر باستدعاء طبيب والذي أمر بحجزي في العناية المركز فورًا بسبب سوء حالتي وعدم تناول أي أدوية".

العناية الآلهية أنقذت زينب من براثن الموت كما تقول، بعدما اعتمدت على حديث تلك السيدة وتركت جميع الأدوية التي كانت تتناولها: "كانت حالتي متأخرة للغاية وأنقذتني العناية الآلهية وعلمت أن تلك السيدة نصابة تدعي العلاج بالقرآن للحصول على أموال".

وتستنكر الدكتور نهى سلام، استشاري الحساسية والصدر، فكرة علاج كورونا بالقرآن واصفة إياه بالخرافات والدجل، موضحة أنه لا يوجد علاج للفيروس سوى بالأدوية والعلاج وما يتوصل إليه الأطباء فقط والمنظمات العالمية.

تؤكد استشاري الصدر أن ذلك ينطبق على جميع الأمراض وليس كورونا فقط، فلا يجوز لأي شخص الإدعاء بأنه معالج قرآني ويقوم بالتجريب في أرواح وحياة البشر بتلك الطريقة، لأن العلاج يقتصر على الأطباء والدارسين فقط.

وتطالب سلام بضرورة إلقاء القبض على كل شخص يدعي أنه معالج قرآني؛ لأنه بتلك الطريقة يقوم بالتجريب في أرواح البشر، وتكون النتيجة في النهاية هي وافاتهم أو تدهور حالتهم، أمام فيروس يتمحور كل يوم ولا زال العلماء عاجزون أمام تفسيرات عديدة بشأنه.

حكاية ثالثة يقصها وهاب أحمد من محافظة كفر الشيخ، بعدما ذاع في قريته صيت أحد الشيوخ الذين يدعون علاج كورونا بالقرآن من خلال قراءة بعض الآيات عبر الهاتف المحمول تحسبًا لعدم العدوى، ومن ثم يتم شفاء الحالة على الفور.

يقول: "سمعت أنه عالج أكثر من 5 حالات بنفس الطريقة إلا إنني لم أجرب ذلك الأمر، بل على العكس حاربته في قريتنا وناشدت الأهالي بعدم تصديق تلك الخرافات، إلا أن سمعة ذلك الشيخ انتشرت بشدة وبات الأهالي يذهبون إليه يوميًا".

يقتنع "وهاب" الذي تخرج في كلية الهندسة منذ ثلاث أعوام بإن القرآن شفاء للصدور من أمراض النفس وليس العلاج الجسدي: "إذا كان هذا الشيخ صادق فعليه أن يخرج للعالم ويعلن أنه يمتلك علاج لكورونا إلا أنه كاذب ويخشى ذلك".

وبحسب الموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية فلا يوجد علاج لفيروس كورونا بالقرآن، بينما العلاج بالأعشاب قالت عنه إنه ربما يكون صحيح ولكن يتم تغييره معمليًا على يد أطباء وعلماء، حيث أقرت المنظمة برتوكولًا ينظم إجراء اختبارات على أدوية عشبية إفريقية.

وأوضحت أنه يتم التجريب سريريًا عليه الآن، وإذا أثبت العلاج العشبي فاعليته فسيتم إقراره من منظمة الصحة العالمية، وإنتاجه مبدئيًا محليًا في إفريقيا بعد اعتماده من المركز الإفريقي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، وتحديد معدلات الآمان منه.

يتسق ذلك مع دراسة علمية نشرت في المجلة الأمريكية لأبحاث الصحة العامة، لمجموعة من الباحثين بجامعة طيبة بالمملكة العربية السعودية، خلصت إلى نجاح بروتوكول علاجي، يعتمد على الأعشاب في تسريع عمليات الشفاء للمرضى ورفع مناعتهم لمواجهه الفيروس عند الإصابة به.

وأوضح الباحثون أن الأعشاب تعتبر علاج غذائي طبي قائم على الأدلة يساهم في رفع المناعة، باستخدام المنتجات الطبيعية لعلاج المصابين، وأن بخاخ الأعشاب الذين صنعوه يساعد على حماية الأنسجة الرئوية والآثار المضادة للفيروسات خاصة للمرضى الذين يعانون من سوء التنفس.