رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفكر الإسلامي: الإسلام يدعو لتأسيس المجتمع على التسامح ومكارم الأخلاق

محمد مختار جمعة
محمد مختار جمعة

أكد ملتقى الفكر الإسلامي أن الإسلام جاء ليقيم أركان المجتمع على مكارم الأخلاق والتسامح، لما له من قيمة عظيمة تملأ حياة الإنسان بالمحبة والسعادة، وهو مبدأ إسلامي أصيل ودعوة إلهية تحتاجها المجتمعات الإنسانية.


جاء ذلك في الحلقة الخامسة عشرة من ملتقى الفكر الإسلامي، اليوم الأربعاء، الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية تحت رعاية وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، وفي إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام؛ لنشر الفكر الإسلامي الصحيح، ومواجهة الفكر المتطرف، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وجاءت بعنوان: "التسامح"، وشارك فيها كل من: وفاء عبدالسلام، وميرفت عزت من واعظات وزارة الأوقاف.


وفي بداية كلمتها، أكدت الواعظة وفاء عبدالسلام أن الإسلام جاء ليقيم أركان المجتمع على مكارم الأخلاق والصفات النبيلة التي منها الصفح، والعفو عن الإساءة والأذى، والحلم وترك الغضب، فالإنسان مُطالَب بأن يكون واسع الصدر يسارع إلى الحلم قبل أن يسارع إلى الانتقام، وأن يقابل الإساءة بالإحسان ويبدل مكان الغضب عفوًا وحلمًا، وأن يتذكر قول الله تعالى: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم".


وأشارت إلى أن شهر رمضان الكريم يعمل على دعم الإيمان وتقوية مكارم الأخلاق في النفوس، ومن هذه الأخلاق التسامح والغفران اللذان يطهران القلب من المشاعر السلبية من بغضاء وأحقاد لتحل محلها المشاعر الإيجابية من محبة ورحمة وأمان، وهذا لمن شأنه أن يسهم في تحقيق الراحة النفسية والصحة الجيدة؛ لذلك حثنا المولى (عز وجل)، والنبي (صلى الله عليه وسلم) على استثمار الشهر الكريم في التسامح والعفو والصفح واستشهدت بقول الحق تبارك وتعالى: "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ".


من جانبها، قالت الواعظة ميرفت عزت إن الدين الإسلامي أوصى بالتَّسَامح ورغَّب فيه، ودعا إليه، وبيَّن معانِيه وأرشَد إلى هديِه في جميع مجالات الدّين والدُّنيا، فلم يقتصر في دعوتِه وترغيبِه على أمور الدين المرتبطة بالعبادات أو العقائد أو المعاملات، بل جعل الدعوة عامَّة، شاملة للعلاقات الاجتماعية ولأحوال الناسِ كلّها، في علاقة القرابة والجِوار والصداقة والمعاشرة عموما حتَّى مع غير المسلمين، تأسيسًا منه لمنهج سليم وواضح يقوم على فكرة التعايش السِّلمي بين الناس، مشيرة إلى أن التَّسَامح دعوة إلهية تحتاجها المجتمعات الإنسانية ، دعوة رسَخت في الدِّيانات السابقة، وظهرت بشكل روحي ضمن الأحكام التشريعية المؤسسة للبِنَات الشريعة الإسلامية، لأنهَّا شريعة تقوم على رعاية مقاصد وروح الأحكام التي تنبثق من أسس أخلاقية، فلا دينَ بدون أخلاق، ولا أخلاقَ بدون دين.


كما أوضحت الواعظة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) بيَّن فكرة التَّسَامح، وأهميَّته وضرورته المجتمعية وغاياته الروحية للإنسان، في الحديث الذي رواه عبادة بن الصَّامت (رضي الله تعالى عنه) أنّ رجلًا أتى النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال: يا نبيَّ الله، أيُّ العمل أفضل؟ قال: الإيمان بالله، وتصديق به، وجهاد في سبيله، قال: أريد أهون من ذلك يا رسول الله، قال: السَّماحة والصبر..".


وفي حديث آخر، قرن النبي (صلى الله عليه وسلم) التَّسَامح بالإيمان تعبيرًا عن أهمِّيته للمؤمن، وحاجته له، وذلك حين جَاء رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ) فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِسْلَام؟ قَالَ: إِطْعَام الطَّعَام، وَلِينُ الكَلام، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِيمَان؟ قَالَ: السَّمَاحَة وَالصَّبْر" .


كما بينت أن روح السَّماحة تتجلَّى في حُسن المعاشرة، ولطفها، ورعاية الجوار، وسعة المشاعر الإنسانية والبرّ والرحمة والإحسان، وهي من الأمور التي تحتاج إليها الحياة اليومية، إذ يقوم الدين على التَّسَامح في أساسِه وجوهرِه، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو يتحدث عن مقاصد البعثَة المحمدية: "بُعثت بالحنيفية السَّمحة"، أي الملَّة السهلة، المبنية على المساهلة.


وأكدت أن التَّسَامح قيمة اجتماعية وإنسانية كبيرة، تتمثَّل في الحرية بجميع أسُسها ومقوِّماتها: حرية الاعتقاد، وحرية الفكر والنظر، والمساواة من غير تمييز عنصري أو طائفي أو قبلي، وحرية التعايش الإنساني بالوطن الواحد، أو بالمجتمع الدولي مع اختلاف الثقافات والأعراف والتقاليد والعادات، وهو يعني أوَّلا احترام النَّفس، ثمَّ الاعتراف بالآخر واحترام حقوقه، وإنسانيته، وبناء أسس التوافق، بقصد الوصول إلى التقدم والرقي الذي تنشده البشرية، بعيدًا عن النزاعات والخلافات والحروب التي تهدم ولا تبني.