رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أكد أنه صاحب تجربة متفردة في زمنه

أحمد عبد الحي : رباعيات «جاهين» وجبة شعرية خفيفة و دسمة في آن واحد

الشاعر أحمد عبد الحي
الشاعر أحمد عبد الحي

 أجاب الشاعر أحمد عبد الحي "الدستور"، عن سؤال هل تعتبر صلاح جاهين أحد كفلاءك في الشعر؟، وذلك في إطار تأثيرات الشاعر الكبير صلاح جاهين على الشعراء الشباب والذي تحل ذكراه بعد غد 21 إبريل.

قال أحمد عبد الحي: "لا شك أن صلاح جاهين هو أحد أعمدة جيل الستينات من شعراء العامية، والذي نستطيع أن نطلق عليه جيل المؤسسين، فخلاف ما كان يكتبه بيرم التونسي ومن قبله بديع خيري في إطار ما نسميه بالزجل أو في الإطار الغنائي، وخلاف الموروث الثقافي من مربعات ابن عروس والسيرة الهلالية، التي تعتمد على الحكي في الأساس وإطلاق الحكم والأمثال، جاء جيل الستينات الذي يضم كل من فؤاد حداد، صلاح جاهين، والأبنودي، وأحمد فؤاد نجم، وعبد الرحيم منصور وغيرهم، لكي يرسى العامية كلغة إبداع حقيقية لها جمالياتها ومفرداتها شديدة الخصوصية".

- صلاح جاهين صاحب تجربة متفردة

وأضاف الشاعر: "كان جاهين في وسط هؤلاء صاحب تجربة متفردة، فلم يكن يتداعى عليه الشعر من كل صوب وحدب فيسترسل فيه كما كان يفعل فؤاد حداد، ولم يكن صاحب نفس طويل حكاء في شعر العامية كما هي تجربة الأبنودي، لكنه وجد في فن الرباعيات - وهي أبرز ما في مشروعه الشعري ولعلها تكون جوهرة- ما قل ودل، مستمدا إياها من موروث المربعات ولكن هذه المرة ببنيان مختلف من حيث الشكل والمضمون، لا يحمل من الحكم بقدر ما يحمل من التسائل والفلسفة، يبدأ في شطرين أولين بطرح همه أو فكرته ثم يخلص منهما بحكمة ما في شطر ثالث، ثم يخلق التعجب والدهشة من باطن هذه الحكمة في شطر رابع ثم يختتم ذلك كله بكلمة "عجبي" فيقول جاهين: (يا طير يا عالي في السما.. طظ فيك\ ماتفتكرشي ربنا مصطفيك\ برضك بتاكل دود وللطين تعود\ تمص فيه يا حلو ويمص فيك\ عجبي)، ويقول في رباعية أخرى: (ولدي نصحتك لما صوتي اتبح..\ ماتخفشي من جني ولا من شبح\ وإن هب فيك عفريت قتيل إسأله\ ما دافعشي ليه عن نفسه يوم ما اندبح\ عجبي)

- السهل الممتنع خلطته السحرية

 وأوضح "عبد الحي" أن: “جاهين كان في هذا النوع الذي اختاره بنفسه ولنفسه السبيل إلى أن يطرح ما يحمله من فلسفة وأسئلة تشغله عن الحياة والوجود، كان له بقدر ما لم ولن يكون لغيره، فعلى الرغم من أن ذلك الإطار الشعري يبدو سهلاً من حيث البنية، لكنه في جوهره شديد التعقيد وصعب الإحكام لهذه الدرجة التي توصل إليها جاهين، فما أنجزه فيه قد جعل منه صاحب صوت فريد في شعر العامية، وربما كان له التأثير الأكبر عن غيره من جيله في أجيال متعاقبة سواء من جمهور متلقي أو حتى من شعراء، فسهولة تناول هذه الرباعيات كوجبة شعرية خفيفة ودسمة في ذات الوقت أو ما قد نسميه بالسهل الممتنع، هو خلطة جاهين السرية لسحبك داخل عالمه دون بذل الكثير من الجهد، وربما تجد نفسك وفي وقت قصير قد حفظت عنه بعض هذه الرباعيات وصرت ترددها في ذهنك، وليس أدل على ذلك من رباعيته الشهيرة..(أنا شاب لكن عمري ألف عام\ وحيد لكن بين ضلوعي زحام \خايف و لكن خوفي مني أنا \أخرس و لكن قلبي مليان كلام \عجبي)".