رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إقليم الساحل من أفقر أقاليم العالم

ملتقى الحوار للتنمية يصدر تقريرا حول مكافحة التطرف بدول الساحل الإفريقي

سعيد عبد الحافظ رئيس
سعيد عبد الحافظ رئيس مؤسسة ملتقى الحوار

أصدر مرصد مكافحة الإرهاب بمؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان، اليوم الأربعاء، تقريراً حول «دور الحكومات في مكافحة التطرف بدول الساحل الإفريقي».

وأكد التقرير أن ظاهرة الإرهاب تمثل إحدى العواقب الرئيسية أمام جهود السلام والتكامل الوطني وبناء الدولة والإدارة  في جميع أنحاء القارة التي شهدت خلال الخمس سنوات الأخيرة صعوداً غير مسبوق للعمليات والجماعات الإرهابية.

ووفقاً لمؤشر الإرهاب العالمي في عام 2019 فمن بين أعلى 50 دولة في العالم تواجه الأنشطة الإرهابية، هناك 18 دولة إفريقية.

وأوضح التقرير أن إقليم الساحل يعتبر من أفقر أقاليم العالم وبالتالي فهو أرض خصبة للإرهاب حيث تعطي منطقة الساحل الإفريقي التنظيمات الإرهابية فرصة كبرى لإقامة دولتهم الإسلامية المزعومة بعد الهزائم الكبرى التي لحقت بهم في سوريا والعراق وقد تضاعفت أنشطة التنظيم الإرهابي وعملياته الإرهابية خلال عام 2020 كما أن وجود تنظيم داعش في منطقة غرب إفريقيا يجعله قريباً من الهدف الرئيسي بالعودة إلى المنطقة العربية.

وأشار التقرير إلى أن أمن الدول الإفريقية لم يعد مشكلة داخلية مع انتشار الصراعات العابرة للحدود حيث أصبح تعبيراً عن تنظيم مجموعة دول تنتمي إلى منطقة جغرافية واحدة  في ظل تعاون سياسي وأمني وعسكري بين الدول لمكافحة الإرهاب.

وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه منطقة الساحل فقد أوضح التقرير أنها تشمل  تنامي التهديد الإرهابي والجريمة المنظمة والتغيرات المناخية وآثارها على الموارد المائية والتوسّع السكاني وتهريب المهاجرين كذلك هشاشة الحدود بين دول الساحل بسبب عجز الحكومات المركزية وتوسُّع النزاعات الداخلية والإثنية وضعف مؤسّسات العمل الإفريقي المشترك و تقليص أو انسحاب القوات العسكرية الأجنبية من منطقة الساحل وضعف التنسيق بين الفاعلين الدوليين، سينعكسان على الوضع الأمني فضلاً عن اعتزام فرنسا تقليص عدد قواتها العسكرية، البالغ قوامها 5100 جندي في المنطقة لإفساح المجال لتعزيزات من دول أوروبية أخرى.

وأشار التقرير فيما يتعلق بالإجراءات الحكومية الإفريقية في مواجهة الجماعات المتطرفة إلى الموقف الإفريقي في التعامل مع التنظيمات المتطرفة مثل تحرك قادة بعض الحكومات الإفريقية، وخاصة الرئيس النيجيري "محمد بخاري" لمحاربة الإرهاب والقضاء عليه كما نجد توجيهات سريعة ومباشرة من قبل الحكومات الإفريقية لمواجهة آفة الإرهاب؛ حيث كلف رؤساء الدول الإفريقية، في قمة الاتحاد الإفريقي، فبراير 2020، مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي تشكيل وحدة خاصة لمكافحة الإرهاب تحت مظلة القوة الإفريقية للتدخل السريع (ASF) حيث يمكن أن تساعد في تبسيط الطبيعة الخاصة للمهام الحالية والتي تقوم بها بعض الدول الإفريقية في استجابتها للتهديدات الإرهابية كما تم تشكيل فريق عمل يضم جميع الأطراف المعنية بمكافحة الإرهاب بما في ذلك لجنة الأركان العسكرية لمجلس السلم والأمن والهيئات الإقليمية ووكالات التعاون الأمني التابعة للاتحاد الإفريقي وكذلك هناك التحالف من أجل الساحل وهى مجموعة تهدف إلى تنسيق الدعم للممولين الذين يعملون كل يوم في منطقة الساحل.

وفيما يتعلق بالخبرات الأجنبية المساندة لمواجهة الجماعات الإرهابية  فقد جاء بالتقرير أن منطقة الساحل الإفريقي تمثل اهتماماً خاصاً  لفرنسا على كافة المستويات  لذا كثفت القوات الفرنسية من عملياتها العسكرية ضد القيادات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي كما تبرز المبادرات الأمريكية «الثنائية متعددة الأطراف» للتعاون مع دول الساحل والصحراء والتواجد للمعاونة في مالي وبوركينافاسو والسنغال والكاميرون و النيجر بالإضافة لمشروع الدعم الأمريكي لاستعادة الأمن والاستقرار في الصومال والتواجد في دول القرن الإفريقي.

كذلك تركز بعثة الاتحاد الأوروبي على تدريب القوات المسلحة المالية وتهدف ما تسمى بمبادرة رفع الكفاءة إلى وضع مالي في وضع يمكنها من ضمان تحقيق الأمن والسلام كما تشارك القوات المسلحة الألمانية مع قوات الاستطلاع وحماية الممتلكات والدعم و تتم عمليات الاستطلاع المحمولة جواً بطائرات دون طيار، كما يوفر الجنود النقل الجوي للمرضى والدعم اللوجستي لجنودهم والدول الشريكة.

وجاء بالتقرير فيما يتعلق بدور اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان ومواجهة التطرف أن رؤساء الدول الخمس للمجموعة الخماسية لمنطقة الساحل أعلنوا رسمياً تشكيل قوة مشتركة عابرة للحدود في مدينة باماكو في 2 يوليو 2017 ،وذلك لتوحيد جهودهم في مكافحة التهديدات الأمنية في الساحل ووافق مجلس الأمن الدولي على تشكيل هذه القوة العسكرية المشتركة بقراره رقم 2359 الصادر في 21 يونيو 2017 والذي أيدته فرنسا.

وفيما يتعلق بدور الاتحاد الإفريقي ومحاربة الإرهاب في دول الساحل، فقد أوضح التقرير أن مفوضية السلام والأمن التابعة للاتحاد الأفريقي، أعلنت الانتهاء من الترتيبات الخاصة بنشر قوة أفريقية قوامها ثلاثة آلاف جندي أفريقي ، بدعم من قوة عسكرية أوروبية لمواجهة الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل.
كما عقد الاتحاد الإفريقي الدورة الاستثنائية للمجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي التي انعقدت يوم 3 ديسمبر 2020 عبر تقنية الفيديو تحت شعار: "إسكات الأسلحة بإفريقيا في أفق 2022"واقترحت ثلاثة محاور أساسية، وهي وقف تنامي الإرهاب عبر مكافحة التطرف من خلال تفعيل الآليات الثلاث (الوقاية، والتعليم، والتنمية)؛ ومكافحة التدفُّق غير المشروع للأسلحة الخفيفة وذات العيار الصغير عبر تعزيز الأنظمة الوطنية للرصد وتبادل المعلومات بين المصالح ودول الجوار المعنية وإعداد سياسة واضحة ودقيقة لعمليات دعم السلام للاتحاد الأفريقي، و ضرورة الاهتمام الخاص بقضية اللاجئين عند معالجة سُبُل إسكات الأسلحة، مؤكداً أن ذلك لن يتحقق في ظل استمرار وجود مخيمات معسكرة للاجئين في عدد من المناطق في أفريقيا بما فيها "مخيم تندوف" (جنوب غرب الجزائر).

أما فيما يتعلق بدور الأمم المتحدة و مجلس الأمن في مواجهة الإرهاب ، فقد أوضح التقرير إلى أن الأمم المتحدة تلعب درواً هاماً في دعم البلدان الإفريقية لدول الساحل لمواجهة التنظيمات الإرهابية ولعل أبرز مجهودات الأمم المتحدة على سبيل المثال:
• بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي  حيث أن الهدف الأساسي للبعثة هو حماية المدنيين وموظفي الأمم المتحدة والدعم اللوجستي لقوة التدخل الإقليمية لدول الساحل الخمس وتحقيق الاستقرار في المراكز السكانية الرئيسية  وتقديم الدعم الإداري لتحقيق الاستقرار في مالي في مجالات مختلفة، بما في ذلك الشؤون المالية والموارد البشرية والمشتريات من خلال كذلك إبرام اتفاق لمستوى الخدمات بين البعثتين ومساعدة الشرطة ومؤسسات إنفاذ القانون في مالي على تحسين قدراتها على تنفيذ عمليات مكافحة المخدرات والتحقيقات الجنائية ومراقبة الحدود. 
• دور مكتب الأمم المتحدة لمحاربة الإرهاب يتمثل في تقديم التدريب في مجال مكافحة الإرهاب وحفظ الأمن والوقاية من التطرف وتدبير الأمن على الحدود والوقاية من تواجد المتطرفين واحترام مبادئ حقوق الإنسان في مكافحة الإرهاب وتنسيق نشاطات مكافحة الإرهاب في منطقة دول الساحل وتنفيذ الاستراتيجية التي وضعتها الأمم المتحدة في عام 2018ومن بين المقتضيات التي اعتمدتها ضرورة تعزيز دور المجتمع المدني سواء في محاربة التطرف أو في أدواره الأخرى.

كما أشار التقرير من جهة أخري إلى قيام  مجلس الأمن بدوراً مهماً  إذ دعا مجلس إلى تطوير مجموعة من التدابير التي تراعي برامج مكافحة التطرف العنيف كما تم تشكيل القوة الأفريقية المشتركة لدول الساحل الخمس  في عام 2017 من خمسة آلاف عضو بقرار من مجلس الأمن الدولي وبدعم فرنسي وفي ظل الاعتماد الكامل لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي كما  ويبرز دور مجلس الأمن في التعاون مع المنظمات الإقليمية ودون الإقليمية.

وفيما يتعلق بتطوير استراتيجيات مكافحة الإرهاب لتنفيذ أجندة ٢٠٦٣ فقد أشار التقرير إلى أن المنظمة القارية باتت أمام تحدي كبير لتنفيذ أجندة ٢٠٦٣حيث شهدت القارة الإفريقية حوالي 1325 هجومًا إرهابيًّا في المدة من يناير إلى أكتوبر 2020 بزيادة تقدر بـ 20٪ مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019 بما يشير إلى ضرورة تبني مجموعة من الخطوات والتي من أهمها:  تحييد الدور الدولي حيث أن التدخلات الخارجية في القارة لا تؤدي إلى الحد من ظاهرة الإرهاب بل تؤدي إلى تصاعد الظاهرة وتوفير التدريب والدعم اللوجيسـتي لقوات مكافحة الإرهاب الأفريقية.
وانتهى التقرير إلى عدد من التوصيات كان من أهمها: 
إن مواجهة الإرهاب في دول الساحل الإفريقي يتطلب تركيز الجهود بشكل مكثف طويل المدي حتى تتمكن تلك الدول الإفريقية الضعيفة من مواجهة الإرهاب والقضاء ، فالإرهاب متواجد في دول الساحل – ليس قوة منه بل ضعفا في مواجهته بحسم وشدة.
و التأكيد علي ضرورة التنفيذ العملي للتخطط حيث لم تشهد متابعة ملموسة من جانب الاتحاد الإفريقي لتنفيذها كما ان حلقات العمل لرؤية 2020التي نظمت خلال العامين الماضيين انتجت توصيات مبتكرة ومهمة لـ"اسكات المدافع" بحلول 2020، الا ان تنفيذ هذه التوصيات لا يزال يُمثل مشكلة رئيسية وعلي هذه الوتيرة فمن الصعوبة تنفيذ رؤية 2020.
و أن الإجراءات التي اتبعها الاتحاد الافريقي في مالي وكذلك في نيجيريا، بعد ان تبنت القمة 24 تشكيل قوة إقليمية لمحاربة بوكو حرام ما زالت كلها إجراءات ترتبط بزيادة الاعتماد علي استخدام القوة للتصدي للإرهاب تواجه هذه الإجراءات سلبيات مختلفة، فعجز النظم الحاكمة يدفع نمو الإرهاب في افريقيا.