رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زيزيت سالم تكتب: حقبة تاريخية يستهل بها العشماوي صالة أورفانيللي بمطرقة المزاد

زيزيت سالم
زيزيت سالم

رواية "صالة أورفانيللي" للروائي أشرف العشماوي
"هل نحتاج للخطر لكي نكتشف منحة الأمان العادي" سؤال بسيط يجاوب عليه أبطال رواية صالة أورفانيللي عبر ثلاث شخصيات يحكون الحكاية نفسها من ثلاث زوايا مختلفة، يحلمون ذات الحلم ويقاومون الأخطار بطرق متفاوتة كلٌ وفق أسلوبه في تناول الحياة، يبدأ القسم الأول بإسم "البداية" على لسان الخواجة أورفانيللي الأب وينتهي بكلمته "ليتني كنت نارا لأحرقكم لكنني مجرد حطب جاف محطم باح بسره للنار فأحرقته".
ثم القسم الثاني تحت مسمى " الحكاية" على لسان منصور التركي وينتهي بمقولته "حاولت مرارا تغيير مسار حياتي لكن في محطة معينة تصبح حياتنا مثل كوابيسنا لا يمكننا تغيير مسارها أبدا".
وأخيرا القسم الثالث تحت مسمى "النهاية" بلسان أورفانيللي الإبن الذي اختتمها بقوله "كنت أتجرعكم طوال الوقت كدواءٍ مر وأدركت متأخرا أنكم السم ذاته".
دائما ما ينتصر أشرف العشماوي للضعفاء من البشر وشخوص حكاياته، يختار بطل روايته مهزوما أو حسن النية وينتصر له في النهاية أو يجعل له مخرجا أو تتحالف هزائمه مع الدنيا عليه كي تنحاز عاطفة القارئ لشخوصه، كما في رواية تذكرة وحيدة للقاهرة وبطلها عجيبة الذي كان يقهره بدر في كل مرة، وكما في رواية بيت القبطية وبطلتها هدي حين قهرها زوجها والمحيطون بها ، وأخيرا الخواجة اليهودي في صالة أورفانيللي الذي قهره منصور المتفوق ذكاءً والمتسلط عليه نفسيا .
برع الكاتب في استعراض حقبة تاريخية كاملة وتضفيرها بأحداث الرواية والتي بدأت من مملكة مصر حتى جمهورية مصر، مرورا بالاحتلال الانجليزي وأحداث فلسطين والاخوان المسلمين وتفجيرات اليهود واعلان دولة اسرائيل ثم قيام ثورة يوليو وفرض الحراسات وإجبار اليهود على الهجرة وما تلاها من مصادرة للثروات والفساد الذي صاحبها، ثم عقد المزادات لبيع مقتنيات الملك والتي لم تقتصر على المجوهرات والأثاث الثمين والقصور الفخمة فقط بل وصلت للطيور والدواجن والحيوانات التي كانت بقصور المنتزة ورأس التين وأنشاص وصولا لسيارات الملك والتي تم سرقة معظمها أو بخس ثمنها، كما ربط الكاتب حريق صالة المزاد بحريق القاهرة، وتم توظيف الغلاف ومسدسه الشهير بشكل سينمائي مبهر في أحداث الرواية.
وبذكاء واضح حفز الكاتب مخيلة القارئ أن تربط بين جائحة كورونا التي تنخر في واقعنا الآن وبين وباء الكوليرا في الزمن الماضي وما صاحبه من أحداث متشابهة كالعزل وحظر التجوال ومنع إقامة العزاء، ورش القاهرة من الجو أو بالحافلات الكبيرة لمحاصرة الوباء، ثم فتح المحال والمقاهي جزئيا ثم تصاريح السفر .....
وقد لفت نظري أن الكاتب ذكر اسم "زينب المحلاوي" في حوار عابر مع منصور التركي والتي نعرفها كبطلة رواية سيدة الزمالك والمصاحبة لمدام بولا زوجة المرحوم سولومون شيكوريل كأهم زبائن صالة المزاد ، ولا أدري ما هدف الكاتب !! لكنني عرفت بعد مناقشته أنه اسلوب يتبعه في رواياته ابتداءا من ذكر اسم "عجيبة" بطل روايته "تذكرة وحيدة للقاهرة" في الرواية التي تلتها، مرورا بسيدة الزمالك وصالة أورفانيللي، ليستدعي أبطال رواياته كتقليد لربطهم ببعضهم البعض في ذهن القارئ، ربما، وأيضا كان هناك كثير من التفاصيل التي ربما تشتت تركيز القارئ وتكاد أن تصيبه بالملل لولا حرفية الكاتب في إعادة جذب انتباهه مرة أخرى في اللحظات الأخيرة .
بالنهاية سنجد أن الرواية مكتوبة بطريقة المشهدية التي يبرع فيها "أشرف العشماوي" كما في معظم رواياته والتي أعتقد أنها ستسهل الأمر على مسئولي الانتاج اذا ما وصلت الرواية إلى عالم السينما، والتي عرفت فيما بعد أنه تم التعاقد على تصويرها فيلما سينمائيا مع شركة انتاج كبيرة.