رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المصريون والسكك الحديدية


المصريون من أقدم الشعوب الإنسانية، فمنذ أن اكتشف المصريون الزراعة قبل أكثر من خمسة آلاف سنة، اكتشفوا معها ضرورة الانتظام فى مجتمع متعاون، وأقاموا حكومة مركزية تشرف على العلاقات بينهم، وتشرف على تأمين احتياجات الإنسان المصرى.
فى العصر الحديث، بنى الإنسان المصرى ثقافته وحركته مستندًا إلى تاريخه الحضارى العريق، ورغبته الكبيرة فى التفاعل مع كل ما هو حديث ومتقدم، فأصبح على الرغم من العقبات الكثيرة التى اعترضت مسيرته، والكبوات التى تعرض لها فى تاريخه الطويل، ابتداء من الحكم التركى الذى ظل أكثر من ٤٠٠ سنة، ولم يترك أثرًا واحدًا، إلى عصور التخلف فى عهود المماليك، والاستعمار الإنجليزى- يتوق إلى الليبرالية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما أصبح أفراد المجتمع وحكومتهم يقدمون على الأخذ بكل سبل الحضارة والتقدم، فكان أول ما بدأ به المصرى هو الإصلاح الاقتصادى، وكان هذا مقدمة لترسيخ دعائم النهضة والرقى والتقدم، وإنشاء منظومة أداء للوصول لمصاف المجتمعات الحديثة.
ولا أحد أيضًا بإمكانه أن يغض الطرف عن التطور الذى حدث بالسكك الحديدية، وتطور عرباتها، غير أن التطور شمل أكثر ما شمل الفئات البسيطة.
منذ أن وقّع الخديو عباس الأول، عام ١٨٥١، مع البريطانى «روبرت ستيفنسون»- نجل جورج ستيفنسون مخترع القاطرة الحديدية- أول عقد فى تاريخ مصر بقيمة ٥٦ ألف جنيه إنجليزى، لإنشاء خط حديدى يربط بين العاصمة المصرية والإسكندرية بطول ٢٠٩ كيلومترات، لم تحدث أى تطورات جوهرية فى هذا المرفق إلا فى فترات بعيدة، وهو التطور الذى كان بالكاد يحافظ عليها من أخطار التوقف.
تعتبر مصر ثانى دولة فى العالم بعد إنجلترا التى أدخلت السكك الحديدية إلى أرضها، وتعد خطوط السكك الحديدية المصرية أول خطوط يتم إنشاؤها فى إفريقيا والشرق الأوسط، حيث بدأ إنشاؤها فى خمسينيات القرن التاسع عشر، وتحديدًا يوم ١٢ يوليو عام ١٨٥١، وبدأ تشغيلها.
كما تعتبر الهيئة القومية لسكك حديد مصر من أكبر المؤسسات الاقتصادية فى مصر والعالم العربى، وهى الأكبر فى مجال خدمات النقل «الركاب والبضائع»، وتعتبر العمود الفقرى لنقل الركاب فى مصر، فهى تنقل ٣٠٪ من إجمالى حجم النقل على المستوى القومى.
وتعتمد الدولة فى خطتها لتطوير مرفق السكك الحديدية على رفع كفاءة البنية الأساسية لشبكة السكك الحديدية، والتى تتمثل فى تجديد وصيانة خطوط السكك الحديدية، وتطوير ودعم أسطول الوحدات المتحركة ورفع كفاءة الأداء، وكذلك تطوير خدمة النقل باستحداث قطارات جديدة، ورفع درجات وسائل الأمان بتطوير الإشارات الكهربائية وتجديد المزلقانات ووسائل التحكم المركزى، بالإضافة إلى تطوير مجموعة من الورش للوفاء بالتزامات الصيانة الدورية للوحدات المتحركة لنقل الركاب والبضائع عبر السكك الحديدية.
فتطورت أغلب قطارات الدرجة الثانية، واختفت تمامًا عربات الدرجة الثالثة ذات المقاعد الخشبية، وبعرباتها الخالية من النوافذ، التى كانت تعد رحلة عذاب حقيقية للركاب، وحلّت محلها عربات روسية الصنع حديثة بها مراوح للتهوية، تليق بالمواطن، وجارٍ التطوير الشامل لعدد ٢٠٠ عربة من عربات الدرجة الثالثة داخل مصنع «سيماف»، التابع للهيئة العربية للتصنيع، حيث تم الانتهاء من ١٠٩ عربات منها حتى الآن.. وجارٍ التعاون مع الهيئة العربية للتصنيع فى تصنيع وتوريد ١٠٠٠ عربة بضائع جديدة تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية بضرورة إحداث نقلة نوعية كبيرة فى مجال الوحدات المتحركة لنقل البضائع؛ لتخفيف الضغط على الطرق وتقليل الحوادث،وزيادة موارد هيئة السكك الحديدية المالية لاستمرار تحسين الخدمة المقدمة لجمهور الركاب.
جهد ملموس لمسناه ولاحظناه، هناك فرق.. ولأول مرة فى تاريخ السكك الحديدية، تنتظم مواعيد القطارات، ولمس الراكب بنفسه التطوير الذى حدث.
الحقيقة أن وزير النقل دائم الحركة، وأشهد بأننى سمعت أنه زار مدينتنا بوسط الصعيد على الأقل مرتين، إحداهما كانت أثناء صيام رمضان الماضى، مع أن مدينتنا لا يزورها الوزراء أو حتى محافظ الإقليم، وهو وزير نشط يتفقد منشآت وزارته والكبارى المهمة وسريع الحركة.