رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«عكاز الإرادة».. قصة طفلة سورية فقدت ساقها وتحلم بالدكتوراه (صور)

طفلة سورية فقدت ساقها
طفلة سورية فقدت ساقها

تجُرّ ساقيها بين عُكازين من الحديد، وتواجه بشرتها القمحيّة شرود أشعة الشمس في كُلّ صباح، تسير بين الطُرقات المزدحمة وعلى كاتفيها حقيبتها الدراسية ذات اللون الجنزاري، تتألم من كثرة الأعباءِ التي تواجهها ليل نهار بعدما أصبحت بقدم واحدة دون الأخرى، ومع كل ذلك الوجع؛ فهي تذهب إلى مدرستها كل يوم مباليتًا عجزها وألآم ساقيها التي بُترت.. تلك هي قصّة لطفلة سورية تبلغ من العُمر ثمانية أعوام، ضربت نموذج في التحدي والإرادة للوصول إلى أحلامها التي وضعتها بين انصب عينيها.

فاطمة الأحمد المصطفى، من محافظة تل الحدية بسوريا، تبلغ من العمر ثمانية أعوام، تعرضت أثناء ذهابها للسوق مع والدتها وأخيها للقصف عن طريق الطيران الروسي، فلاقى أخاها الأصغر حتفه على الفور، وأصيبت والدتها بجروح متفرقة في مختلف أنحاء جسدها، بينما تعرضت هي لعملية بتر لما لحق قدمها اليسرى من تشوهات، وذلك بحسب رواية والدتها شيرين الأحمد لـ"الدستور"

تمشي الطفلة حوالي أربعة كيلو مترات ذهابًا وإيابًا بدايةً من منزلها في إدلب بسوريا، إلى مقرّ مدرستها الخاصة بالنازحيين، حرصًا منها على حضور الحصص المدرسية بأكملها دون كلل أو ملل، كما أنها تساعد الأطفال من حولها للتعلم قبل دخول المدرسة فتدرس لهم "الحروف والأرقام" وما شاءوا من التعليم.

تقول شرين الأحمد والدة الطفلة "فاطمة"، إنَّ ابنتها بطبيعة الحال مجتهدة وتحرص دائما على التفوق سواء في دراستها أو إنهاء أعمالها اليومية، مشيرة إلى أنّها تحصل على العلامات النهائية بكل المواد.

وعلى الرغم من أنَّ والدة الطفلة "فاطمة" أمية لا تعرف القراءة والكتابة، ولا تستطيع مساعدتها بالدراسة إلا أنها تسهر لتدرس، وتعلم نفسها بنفسها، ما جعلها متفوقة في دراستها.

وتشير "شيرين" إلى أنَّ ابنتها "فاطمة" تتولى أيضًا مساعدة إخوتها الأربعة الأصغر منها في السن نظرا لأنَّها لا تستطيع ذلك، وتتلقى عكازيها غير مهتمة بالصعوبات التي تواجهها كُلّ يوم.

وتوضح "شيرين" سبب اجتهاد ابنتها في الدراسة، أنَّها تتمنى أن تصبح طبيبة لتساعد كل مصابي الحروب والنزاعات وتخفف عنهم الألم الذي مروا به خلال حياتهم، كما تريد أن تساعدهم ليكونوا مؤثرين في مجتمعهم، لذا لا تخاف أن تذهب يوميا وتقطع كل تلك المسافة الكبيرة وكذا لا تخاف من انتشار فيروس كورونا في الارجاء.

وتختتم والدة الطفلة فاطمة الأحمد حديثها قائلة: "أحيانا أشفق على طفلتي من طول المسافة بين المنزل والمدرسة، لكنها ترفض أن ترضخ لكلامي وتظل بالمنزل، وتؤكد لي أن العلم هو الوسيلة الوحيدة للارتقاء والخروج من الحروب والنزاعات، أو على الأقل مساعدة من يتضررون منه، خاصة بعدما اضطررنا للنزوح لتعرضنا لحالات قصف بالطيران متتالية ما جعل الوضع أشد خطورة على أرواحنا".