رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وفد الدبلوماسية الشعبية لإيران


هذه هى زيارة للتعرف على دولة إسلامية فى المنطقة تسير فى طريق التقدم ولا يوجد مبرر لدوام قطع العلاقة معها، فليس فى صالحنا قطع العلاقات بل التواصل مع الجميع لخدمة مصر والمصريين أما الخلاف العقيدى فهذا أمره لله وحده وكفى مزايدة.

العلاقات الدولية بين الدول لا تبنى ولا تتم لسواد العيون ولكن هى المصالح المشتركة للدول بعضها مع بعض ومن المعروف أن العلاقات المصرية ــ الإيرانية قد قطعت بعد الثورة الإسلامية التى قامت فى إيران عام 1979 بقيادة آية الله الخومينى وذلك لقبول السادات لجوء شاه إيران المخلوع لمصر فى الوقت الذى رفضت فيه أمريكا هذا اللجوء بالرغم من أن الشاه كان عميل أمريكا الأول فى المنطقة. وبعد الانتفاضتين الشعبيتين فى يناير ويونيو كان من الطبيعى أن تتجه الدبلوماسية الشعبية إلى أفريقيا وروسيا والصين لتعزيز العلاقات مع مصر ولذا كان اختيار التوجه لإيران، حيث إن هناك ثلاث دول فقط لا توجد لها علاقات مع إيران وهما أمريكا وإسرائيل ومصر ولا يصح أن تكون مصر فى هذا الوضع الذى لا يخفى خضوع القرار المصرى لأمريكا ومن ثم لإسرائيل تحت مسمى العلاقات الخاصة المصرية ــ الأمريكيةخاصة بعد 30 يونيو والتى كانت تستهدف تحرير القرار الوطنى من أى تبعية أمريكية أو غير أمريكية.

فإيران دولة ذات حضارة تاريخية وهى دولة ذات ثقل فى المنطقة وتدخل فى إطار الدائرة الإسلامية وهى إحدى أهم الدوائر التاريخية والمهمة مع مصر مع الدوائر العربية والأفريقية، كما أن إيران يجمعها معنا ذات الموقف ضد الدولة الصهيونية ومواجهة المخططات الأمريكية التى تستهدف المنطقة ومنها مصر ومثل ما يقال إن العلاقات مع روسيا لن تكون على حساب أى علاقات أخرى. فالعلاقات مع إيران لا ولن تكون على حساب دول الخليج بالطبع، خاصة أن هناك علاقات وتبادلاً تجارياً بين إيران وجميع الدول العربية بما فيها السعودية والإمارات التى مازالت إيران تحتل منها ثلاث جزر حدودية كما أن التبادل التجارى بين الإمارات وإيران وصل إلى عشرين مليار دولار فى الوقت الذى لا يتجاوز مائة وخمسة عشر مليون جنيه مصرى بين مصر وإيران. ولذا ذهب الوفد الشعبى إلى طهران من 10/12 حتى 15/12/2013. وقد التقى بكبار المسئولين الإيرانيين فكان لقاء مع على لاريجانى رئيس مجلس الشورى ــ ود. على أكبر ولا ياتى مستشار العلاقات الخارجية للمرشد الأعلى آية الله خامنئى أيضاً تم لقاء مع آية الله محسن الأراكى ــ الأمين العام للمجمع العالمى ــ للتقريب بين المذاهب الإسلامية كما تم لقاء مساعد وزير الخارجية لشئون الشرق الأوسط وأفريقيا ومساعد وزير الخارجية رئيس مركز الدراسات والأبحاث الدبلوماسية وكانت جميع الحوارات تتسم بكل الصراحة والشفافية وطرح جميع القضايا بلا حساسية خاصة مشكلة الجزر الإماراتية التى تحتلها إيران. وكان من الطبيعى أن يقوم الوفد بتوضيح الموقف المصرى على ضوء ما تم فى يناير ويونيو وعلاقة القوات المسلحة المصرية بشعبها باعتبارها قوة من الشعب وللشعب. وأضاف إذا كانت إيران قد باركت يناير باعتبار أنها ثورة شعبية حماها الجيش لعدم وجود التنظيم الثورى الذى يستكمل الثورة فإن ما حدث فى يونيو هو الخروج الشعبى الأكثر حشداً شعبياً بقناعة شعبية حقيقية ولا فضل لأحد فيها وأيضاً حماها جيش مصر ولذا فيونيو هو تصحيح وامتداد ليناير.كما أوضح الوفد أن يونيو لم تكن ضد الإسلام فمصر إسلامية ومتدينة قبل نزول الأديان ولكن يونيو كانت ضد من يتاجر بالإسلام وضد من سلم زمام أمره لأمريكا حماية لمصالحه الخاصة. كما أن يونيو قد أسقطت المخطط الأمريكى فى المنطقة وتم التحرر من التبعية الأمريكية التى هى عنوانها ما يسمى بالمعونة الأمريكية وكانت مجمل الدفوعات لجميع المسئولين الذين تم اللقاء بهم تؤكد أن مصر دولة تاريخية ذات حضارة عظيمة ودور مصر مؤثر فى عالمها العربى والإسلامى وأن قوة مصر هى قوة للعالمين العربى والإسلامى وضعفها هو ضعف لهما وأن مصر عليها دور إقليمى مهم مع دول المنطقة لمواجهة ما يحاك لهما من أمريكا وإسرائيل. كما أن مصر كان لها دائماً تواصل مع إيران.ومصر عبدالناصر لها كل التقدير والاحترام فكان عبدالناصر عندما يتكلم تهتز الأمة من المحيط الأطلنطى إلى المحيط الهندى.

وإن إيران تقدر كل التقدير الشعب المصرى وتعلى إرادته الحرة فى كل اختياراته وإن إيران ضد الهجمة الإرهابية التى تتم فى سيناء ولا تقبل لأحد الوقوف مع تلك الهجمة. كما أن إيران تحترم الهوية الوطنية ولا تنفيها لأنها لا تتعارض مع العقيدة الدينية. كما صرح السيد ولاياتى إيران قد حصلت على تكنولوجيا عالية ومتقدمة وهى مستعدة لأن تساهم بها مع مصر، وقال إن مراكز البحوث الاستراتيجية الإيرانية مستعدة لأن تقوم بعلاقات مع المراكز المناظرة فى مصر. والأهم أن تكون لمصر وإيران رؤية واستراتيجية بعيدة المدى. أما على الجانب الآخر فمن الواضح أن ما يطلق من إشاعات على الأفراد ينطبق على الدولة فما نعرفه غير ما نراه. فصورة الشارع الإيرانى المتشدد المتخيلة لا تراها هناك فالفتيات والنساء يلبسن أحدث الموديلات ولا يوجد على الرأس غير إيشارب خفيف يوضع على مؤخرة الرأس ولا يخفى الشعر. هناك برلمان أو مجلس شورى يمثل فيه المسيحيون والمجوس والمرأة، هناك كنائس لكل الطوائف هناك شعب لا يعيش مرفها ولكن معقولاً ويمتلك إرادة حديدية لبناء وطنه ومواجهة جميع التحديات فإصرارهم على التخصيب النووى لينالوا عضوية النادى النووى العالمى لم يمنعهم من تصنيع جميع ماركات السيارات العالمية من الألف للياء فى إيران مع وجود السيارة الإيرانية، وفى وجود الوفد هناك توافق نزول مسبار فضائى به قرد قام بدورته ونزل بسلام وشاهدنا الإعلان عن تصنيع آثنتى عشرة سلعة حربية تكنولوجية أهمها تصنيع تليفون لا يمكن التجسس عليه وهذا رد على فضيحة التجسس الأمريكية التى تتم على العالم كله، هذه هى زيارة للتعرف على دولة إسلامية فى المنطقة تسير فى طريق التقدم ولا يوجد مبرر لدوام قطع العلاقة معها، فليس فى صالحنا قطع العلاقات بل التواصل مع الجميع لخدمة مصر والمصريين أما الخلاف العقيدى فهذا أمره لله وحده وكفى مزايدة.

■ كاتب سياسى وبرلمانى سابق