رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سمير عبدالغني: 3 جنيهات إعانة قادتني إلى «فن كاريكاتير» (حوار)

سمير عبدالغني
سمير عبدالغني

سمير عبدالغني فنان حاضر بقوة على الساحة؛ متفاعل مع قضايا المجتمع وصاحب خطوط خاصة وأسلوب مراوغ يبدو مباشرًا لكنه حريف؛ فما أن تنتهي ضحكاتك يبدأ عقلك في طرح التساؤلات حول مغزى "الرسمة" وما تطرحه من إيحاءات؛ حيث تحمل رسوماته عدة مستويات وحول رحلته مع الكاريكاتير تحدث لـ"الدستور" في هذا الحوار:

◘ بداية.. كيف أدركت هذا الفن المشاغب؟
كان لدينا في البيت مرآة رديئة الصنع تجعلنا نرى وجوهنا بشكل متضخم: "زى مراية بيت المرايا الساخر"، وكانت هي المعلم الأول والمعلم الثانى. الصُدفة أيضًا لها دور في أن ندرك معنى السخرية، وهناك موقف لا أنساه، فقد طلبوا منا فى المدرسة مفردات مرتب كل أب وعمله، فخاف والدى أن يكتب الرقم الصحيح حتى لا تطالبه المدرسة بدفع مبالغ إضافية لصالح صندوق أولياء الأمور، وبالفعل وصلت الورقة للناظر الذى جمع 8 تلاميذ وأنا منهم، وتوجهوا بنا الى أحد الجوامع القريبة، وهناك أعطوا لكل واحد مظروفًا به 3 جنيهات إعانة، وعندما عدت إلى المنزل خجلا مما حدث، أخذت والدتى الفلوس واشترت شيكارة أرز وعملت "رز بلبن" وفرقته على الشارع، الحقيقة إننى لم أنس هذا الموقف أبدًا فهو الذى صنع منى رسامًا للكاريكاتير.

لم أختر أن أكون رسامًا للكاريكاتير، لكن كل شئ كان يقودني للكاريكاتير؛ أبى الطويل وأمى القصيرة، وحينا الفقير الذى به كل الأنماط والشخصيات؛ حارة من حارات نجيب محفوظ.. هذا العالم الذى انتميت إليه هو الذى دفعنى إلى الكاريكاتير الذي كان سلاحى لمحاربة الظلم الذى كنا نعيش فيه.

◘ هل ترى أن السوشيال ميديا كانت سببًا في ظاهرة تلاشي الكاريكاتير الحالية؟
السوشيال ميديا بريئة من أى كلام، الكاريكاتير فن عمره أكثر من 4000 سنة في حالة مقاومة متواصلة، وهو فن خلق ليعيش وينتصر وليغير العالم ويُحارب حربًا شرسة من قوى الظلام، لكنه يواصل التعبير عن قضايا المجتمع والإنسان بفضل فنانية، وإن كان العديد من الكبار قد رحلوا فهناك من هم قادرين على العطاء ونتمنى لهم العمر المديد كما أن شباب الفنانين في إبداع مستمر يواكب الحراك الاجتماعي، ومصر بها ملايين من البشر القادرين على إنجاب ألف صلاح جاهين وحجازى ومصطفى حسين.

أما عن التلاشي فليس هناك تلاشى؛ الكاركاتير حاضر بقوة على الساحة العالمية، لكنه في عالمنا العربي أصابه المرض، وبشكل عام يمكن لفن الكاريكاتير أن يمرض بسبب المناخ العام المحلي أو الإقليمي أو الدولي، لكنه أبدًا لا يموت.

◘ حدثنا عن بداية علاقتك بهذا الفن وصولًا لتجربتك في جريدة "القاهرة" وما بعدها؟
اشتغلت فى مجلة كاريكاتير وروزاليوسف والعربى الناصرى والكرامة والمصرى اليوم والأهرام المسائى والأهرام والبروجريه ايجبسيان وموقع 24 الإماراتى لكن أفضل فتراتى كانت فى جريدة القاهرة مع صلاح عيسى الذى أعطانى الضوء الأخضر لكى أسبح فى عمق صفحات الجريدة، وكان كلامه معى فى البداية "هذه جريدة دمها تقيل وأنا جايبك تلطف الجو".

◘ ما هى مقومات رسام الكاريكاتير في وقنا الحالي؟
أن يكون ذكيا ومثقفًا ومرتبطًا بأوجاع الناس، ولديه روح مرحة ومتابع لكل جيله وللجيل الذى سبقه حتى لا يكرر نفسه.

◘ كيف ترى مستقبل الكريكاتير المصري؟ وإلى أي مدى يتأثر بما تتأثر به الصحافة؟
الكاريكاتير فى ورطة، وحلها أن نرسم على صفحاتنا؛ نرسم للناس دون انتظار أى عمل، وأتذكر مقولة "حجازى"؛ قال لى منذ 30 عامًا: "لو عايز تكون رسام كاريكاتير كويس شوف لك شغلانة تانية"، ولم أفهم الرسالة وقتها، فقال: "مش ممكن تاكل عيش وانت بتقول رأيك بصراحة؛ أكل العيش حيخليك تغير رأيك تحت ضغوط الحياة، اشتغل أى حاجة علشان تعيش، وساعتها تقدر تقول رأيك".. وأنا تعلمت أن الكاريكاتير لم يعد مصدرًا للرزق وليس عملًا نتكسب منه، ولكنه هوايتي وطريقتى للتعبير عن نفسى.

◘ ماذا عن الأساتذة وما الذي تتمناه لنفسك ولهذا الفن العظيم؟
الذين علمونى كثيرون لكنى مدين لحسن حاكم وحجازى؛ كنت مغتربًا جئت من الإسكندرية ففتح لي حسن حاكم قلبه وعقله وبيته، وعلمنى الطريق إلى عالم السحر، وغيّر أسلوبى من رسام ظريف لطيف؛ "ابن نكته" يعتمد على الكلام، إلى رسام يعتمد على الرسم، كان يقول "عندما ترسم بدون كلام تعيش وقتًا أطول".

وعن أمنياتي؛ أتمنى أن أعيش بكرامة؛ أتمنى الحق والخير والجمال والحرية لى ولكل الناس فى مصر، أيضا أتمنى عمل مجلة كاريكاتير إلكترونية تكون قادرة على إسعاد الناس.

◘ كيف يمكننا دعم هذا الفن في مصر، وهل ترى أن الفاعليات المتواترة مثل الملتقى الدولي وغيره كاف كدعم؟

الملتقيات شئ رائع وهي محصلة لما يتم إنتاجه من إبداع في العالم، لكن في الحقيقة ومع توقف النشر في الجرائد والمجلات والمواقع الإلكترونية، أصبح الإنتاج الإبداعى أقل والأماكن التي توفر حماية للمبدع لم تعد موجودة لذلك يجب أن يرتفع هامش الحرية وتعطى الأوامر لكي يعود الكاريكاتير إلي منصات النشر المختلفة.

◘ أخيرًا.. كيف تنظر لمشروع مثل "ذاكرة الكاركاتير"، وهو يقطع شوطًا في عملية توثيق هذا الفن؟
بالنسبة لمشروع "ذاكرة الكاريكاتير" فهو مشروع هايل، لكن ما يعيبه أنه قائم على فرد واحد هو "عبدالله الصاوي"، والأفضل أن يكون عمل مؤسسي ترعاه أي جهة مهتمة بهذا الفن ويشارك فيه أشخاص أكثر.