رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

طارت النسور.. بأحلام حماس


أضاعت الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسى بحلم حركة حماس الفلسطينية فى الاستقرار والتواجد فى مصر، بعد أن خططت لنقل مكتبها السياسى من دمشق إلى القاهرة، وكان تحقيق الحركة لهذا الحلم يتطلب خلق أزمة للجيش المصرى..

قالت إحدى المراسلات السرية التى حصل عليها موقع ويكيليكس بعد ثورة يناير، تتضمن ما يحدث فى مصر بعد الثورة، وخاصة علاقة الجيش بهذه الثورة وصعود التيار الإسلامى، وعلى رأسه جماعة الإخوان:، إن الجيش كان عقبة واضحة أمام محاولة حماس نقل مكتبها إلى القاهرة، «بعد 25 يناير، كان على الجيش المصرى أن يكرس نفسه للمشاكل الداخلية فى البلد، أكثر من الأزمات المتصاعدة بدول الجوار، وحماس تستعد للخروج من دمشق، حيث مكتبها السياسى، إلى القاهرة، إذ ينمو نفوذها فى مصر، لاسيما أن الشرعية السياسية التى أصبحت لجماعة الإخوان، منحتها قبلة الحياة والخروج من عزلتها فى قطاع غزة، وكان الجيش مهتماً باستمرار حماس، لكن مع الحفاظ على سيناء بعيدة عن التهديدات الخارجية.. فكان هذا الهدف العسكرى لقيادات الجيش، العقبة الأكبر أمام هدف حماس الاستراتيجى بالسيطرة على المشهد السياسى الفلسطينى، دون قيود مصرية».

التقرير السرى لويكيليكس يشير إلى أن «حماس تمنت حكومة إسلامية فى مصر، تكون ودية فى تعاملها معها وتحقق مصالحها، بما يساعد على تنفيذ أجندتها الطموحة، بالسيطرة على الداخل الفلسطينى أولاً، ثم نقل نفوذها إلى أكبر دول العالم العربى والجوار، مصر».. من أجل ذلك، أصبح «خلق أزمة للجيش المصرى، وإغراقه فى الصراع مع إسرائيل، هدفاً واضحاً لحماس»، ولتنفيذه، اعتمدت الحركة على إدخال متشددين، استفادوا من الاضطرابات السياسية والعسكرية لتوسيع مناطق عملياتهم فى سيناء.. وبات واضحاً، رغبة حماس فى إدخال الجيش فى حرب جديدة مع إسرائيل، وصراع يُنهى ثلاثة وعشرين عاماُ من اتفاقية السلام بين القاهرة وتل أبيب، مع احتمالية ممارسة سوريا وإيران لخيارات استخدام المتشددين فى سيناء لإبعاد الاهتمام عن الجبهة السورية وضغوط تغيير نظام بشار الأسد.

لذلك فإن الواقع على أرض سيناء يقول إن الطريق إلى تطهير أرض الفيروز من الإرهاب مازال ممتداً.. وحسب الشواهد، فإن العناصر الإرهابية هناك، لا تعمل بمفردها على الإطلاق، بل إن قواتنا تتعامل مع جهات أجنبية متعددة، تدعم تحركات العناصر المسلحة فى سيناء بشكل مباشر، وأصبح قطاع غزة الذى تحكمه حماس، أحد أهم الجهات الداعمة للمسلحين فى العريش ورفح.. لأنه إلى جانب ما تقدم من أسباب تدفع حماس لهذا الدعم، فإن المنطقة الحدودية بين مصر وغزة، شهدت خلال العامين الماضيين صراعاً شرساً بسبب انتشار أنفاق التهريب، وإصرار عناصر حماس على اختراق الحدود المصرية بشكل غير شرعى، تسبب فى توتر الأوضاع إلى حد تهديد مصر باتخاذ خطوات تصعيدية، إذا ما توقفت عمليات اختراق الحدود والتهريب عبر الأنفاق، خاصة بعد حملة الجيش لتدمير أكثر من ثمانمائة نفق، كان الحمساويون يستخدمونها فى تهريب السلع والمواد البترولية من مصر إلى قطاع غزة، إلى جانب تهريب الأفراد والسلاح فى الاتجاه المعاكس.. هذه الحملة أزّمت الأوضاع بشكل كبير داخل قطاع غزة، الذى كان يعيش بشكل أساسى على عمليات التهريب، لتوفير احتياجاته، وهو ما دفع المستفيدين من هذه الأنفاق إلى ابتكار أساليب جديدة للتهريب، بعيداً عن أعين الأجهزة الأمنية.

وحتى نكون منصفين، فإنه يتعين علينا القول بأن هذه الأنفاق، كما هى صناعة حمساوية، فإنها أيضاً وسيلة كبار التجار فى رفح، يهربون بضاعتهم عبر 150 نفقاً تنتهى فتحاتها فى المنازل، يجنون من ورائها ملايين الدولارات شهرياً، عبر تهريب كل شىء، لكن هناك نحو ألفى عامل عاطل، خلقتهم حملات هدم الأنفاق، أصبحوا بلا عمل - رغم عدم مشروعية ما كانوا يعملون - بعد أن كانت مهمتهم التحميل والتخزين والحراسة وغيرها، ويطالبون الحكومة بفرص عمل لهم، لأنهم لم يجدونها فى الزراعة التى قضى على جزء كبير منها، اختباء العناصر الإرهابية فيها.

آخر ما جاء فى ويكيليكس، ذلك التأكيد على أن الجيش المصرى تحمل مخاطر الإطاحة بالرئيس الأسبق حسنى مبارك، استجابة لثورة الشعب فى 25 يناير، كما سعى - أى الجيش - إلى تسليم السلطة إلى حكومة مدنية، مع قيامه بحفظ توازن البلاد.. وفى ذلك رد على وصف عبد المنعم أبو الفتوح، فى حواره مع عماد الدين أديب، ليناير بالثورة ويوليو بالانقلاب، مع أن هذا من ذاك، لكنها العين التى لا ترى إلا القذى فى حدقاتها.

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.