رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تركيا بين الإسلام والعلمانية «2»


في 12 يونيو 2011 فاز حزب «العدالة والتنمية» التركى ذو التوجه الإسلامى فى الانتخابات التشريعية وأصبح يحكم تركيا. القوات المسلحة التركية مستعدة للتدخل دائما إذا ما تم المساس بالطابع العلمانى للدستور التركى

الإجراءات التى اتخذتها حكومة تركيا العلمانية عام 1928، لم يكن الهدف منها مجرد إزاحة الدين من من المجال الاجتماعى العام، ولكن السيطرة على الدين، والحد من تأثيره على مقدرات وشئون الدولة الحديثة. والحد من نفوذ علماء الدين وشيوخ ورجال الطرق الصوفية التى كانوا يمارسونها قبل ذلك .

لأجل ذلك قامت الدولة باتخاذ عدة إجراءات منها إصدار قانون توحيد التعليم فى الدولة، وهو القانون الذى بموجبه،تم إغلاق جميع المدارس الدينية، واعتبارها شبيهة بالمدارس المهنية. كما تم منع ارتداء الزى الدينى المميز لشيوخ المسلمين. ورجال الدين . العمامة والطربوش، وإلغاء الألقاب الدينية فى المكاتبات الرسمية. عالم، شيخ، مفتى، إمام. وقد أشرنا فى مقال سابق الى منع استخدام الحروف العربية التى كانت تكتب بها اللغة التركية. ومنع تدريس اللغة العربية والفارسية والكردية، واعتبار كل منجزات الخلافة العثمانية مجرد تراث تاريخ ولا يجب الإشارة إليه . كان المقصود بتلك التدابير منع أى دورلرجال الدين فى السياسة التركية. وقام معهد الدراسات التاريخية التركية بإعادة قراءة وتفسير التاريخ التركى على اسس حضارية حديثة. كان الهدف من تلك الإجراءات التى اتخذتها الدولة التركية الحديثة منع هيمنة الدين على شئون الدولة، وذلك لمنع الدول المجاورة من التدخل فى شئون تركيا بحجة حماية الأقليات، والغريب أن شخصية كمال أتاتورك وتكوينه الشخصى، وثقة الشعب التركى فيه، وإيمان الناس بأنه يعمل لصالح البلاد وصالح الأمة أدى إلى أنهم وثقوا فيه. كانت المؤسسة العسكرية تتولى كل الأمور فى تركيا، ولها تراث عريق فى إرساء معالم الدولة العثمانية القديمة، والدولة العلمانية الحديثة. مما أدى الى إرساء نظام عسكرى جديد، يعلى من شأن العقيدة العسكرية الأوروبية، وقد لعب الجيش التركى، دورا مؤثرا فى الإطاحة بنظام السلطان عبد الحميد الثانى العدو اللدود للغرب. وبالرغم وجود نظام سياسى يقوم على فكرة تعدد الأحزاب. وفى 27 مايو 1960 اندلعت المظاهرات فى استانبول، وفقدت الحكومة السيطرة على البلاد، نتيجة لذلك تشكلت حكومة عسكرية، وشكلت محاكمات عسكرية عاجلة، قضت بإعدام رئيس الوزراء عدنان مندريس، والحكم بالمؤبد على رئيس الجمهورية جمال بيار. وبدأت الحكومة العسكرية، بعض الإجراءات فى تغيير الدستور، ليتوافق مع عدم الانقلاب على أفكار أتاتورك. ومع مطلع عام 1971، قام حزب الشعب بتحريك المظاهرات ضد حكومة حزب العدالة،ووقع انقلاب عسكرى فى 21 مارس 1971. وفي12سبتمبر 1980 قام كنعان أيفريل بانقلاب عسكرى فى تركيا. ويعد هذا الانقلاب هو الأكثر دموية فى تاريخ تركيا، حيث اعتقل خلاله مئات الآلاف، وأدين نحو 250 ألفًا منهم، وأُعدم منهم خمسون، فيما توفى العشرات فى السجن جراء التعذيب، وقد اضطر أيضًا عشرات آلاف الأتراك إلى الهجرة. وفى عام 1996 تولى حزب «الرفاة» بقيادة نجم الدين أربكان الحكم، ولكن لفترة عام واحد فقط، وبعدها أجبرته المؤسسة العسكرية على التنحى، وتم حل الحزب، ومنع أربكان من ممارسة السياسة.

■ خبير أمنى