رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ترافيك وشير




أخبار انتقال اللاعبين مادة خصبة لـ أطراف عديدة فى الموضوع، لـ الأسف، الجمهور هو السبب فى دا، الجمهور هنا والجمهور بره، وفى كل مكان على ظهر البسيطة. الفكرة إنه «المشجع» عادة بـ يكون مش راضى عن فرقته، حتى لو كسبانة وماشية كويس جدًا، محدش بـ يحدد أهداف طبقًا لـ الواقع، فـ لما تتحقق يعتبر دا نجاح.
حتى أنا نفسى لا أعفينى من كدا، اللى هو إحنا ماشيين كويس جدًا فى كل المنافسات اللى بـ نخوضها، البطولة الأبرز اتحسمت، وبـ أرقام ممتازة، البطولات التانية ماشيين فيها لـ أبعد نقطة، مع ذلك ممكن أبات متعكنن عشان تعادل، تعادل مش هزيمة.
عدم الرضا دا بـ يخلق تطلعات لـ «تحسين» الفريق، والتحسين يعنى التعاقد مع أفضل لاعيبة فى الكوكب، وإنك ما تسيبهمش يروحوا لـ المنافسين، فـ دايمًا فيه فضول وترقب، هـ نجيب مين؟
الفضول دا بـ يخلى المشجع دا نهبًا لـ أى أخبار أو تكهنات أو توجيهات، ولـ إنه مفيش «وعى»، ولا معرفة بـ أصول الخبر، ويعنى إيه «معلومة»، فـ دا فرصة كبيرة لـ التالى:
أولًا، الإعلام صحافة وتليفزيون وإنترنت، فرصة كبيرة لـ الرواج، أى حاجة فيها خبر انتقال بـ تجيب ترافيك أو نسبة مشاهدة.
تخيل: اللاعب «س» ينتقل لـ النادى «ص»، لو الموقع أو الصحيفة أو البرنامج التزم الأصول وما نشرش حاجة غير من مصادرها الرسمية، هـ ينشر كام خبر فى هذا الصدد؟ هو خبر واحد وهـ يبقى مشترك مع بقية وسائل الإعلام.
إنما لما يقعد ينشر أى كلام أو إشاعة أو تكهنات، عقبال ما اللاعب ينتقل، ممكن يكون نشر له ١٠٠ خبر، ويمكن أكتر، وكل خبر بـ الترافيك بتاعه، والناس بـ تفتح الأخبار، وتقراها، وتشيرها، وتنشرها، وممكن تذكر المصدر: فلان قال، علان عاد، فـ دا رواج لـ هذه الوسائل، بـ تاكل عليه عيش جامد.
ثانيًا، وكلاء اللاعبين والسماسرة وخلافه بـ يستغلوا القصة دى فى تسويق اللاعيبة.
بـ معنى مثلًا مثلًا «مش معلومة» اللاعب «س» عايز يسيب السعودية، وينتقل لـ نادى تانى، يقوم وكيله يعرضه ع الأهلى والزمالك وبيراميدز والترجى، وكل نادى محتمل، فـ يبدأ يحصل «كلام»، ثم يروح هو مروج إنه فيه مفاوضات، والأندية دى بـ تتسابق لـ ضم اللاعب.
المواقع تشتغل، والبرامج تشتغل، فـ يتحول اللاعب لـ «مطلب» جماهيرى يضغط على إدارات الأندية دى، ويبقى عدم التعاقد معاه خسارة.
يا سلام لو المنافس هـ يتعاقد معاه، يبقى إزاى تسيبوا «س» (اللى بقى حديث الإعلام) يطير من إيديكم؟ مع إنه قبل الدوشة ما كانش محتمل أساسًا ييجى، كمان لا حد عارف هو مستواه إيه «دلوقتى»؟ ولا وضعيته الصحية والبدنية؟ ولا مدى ملاءمته لـ فريقك، ولا مدى احتياجك ليه.
بـ يبقى الحصول على توقيع اللاعب، التوقيع فى حد ذاته، انتصار لـ الإدارة، نتج عن الدوشة الإعلامية.
ثالثًا، اللاعب نفسه، ودى بديهية من ثانيًا، وأعتقد إنه كلنا عارفين قصة «كايزر» البرازيلى، أهو فيه لاعيبة كتير نفسهم يبقوا زى كايزر كدا، يقبض المال وينتقل بين الأندية، ولا يلعب ولا يتعب.
صحيح هى قصة غير قابلة لـ التكرار، لكنها نموذج ملهم ممكن تطبيقه على نموذج مخفف جدًا، يعنى لاعب زى رمضان صبحى، وله كل الاحترام والتقدير، لعب قد إيه فى حياته أساسًا؟ حجم مشاركاته وإسهاماته إيه؟
كلها فترات متقطعة، مباريات قليلة، أهداف قليلة، أندية كثيرة.
لعب لـ الأهلى وهو لسه شاب، ثم راح نادى إنجليزى لا يشارك كثيرًا ولا حتى بديل، انتقل لـ نادى تانى، لا يشارك كثيرًا ولا حتى بديل، رجع الأهلى، إصابة طويلة، والنتيجة مشاركات قليلة، انتقال لـ نادى تانى لسه هـ يلعب له بعد فترة.
مقابل هذه المسيرة، هو أغلى لاعب فى تاريخ الكرة المصرية، صاحب أكثر الصفقات صخبًا، بـ يتقاضى راتب أكتر من ٦٠ فى المية من اللاعبين فى الدورى الإنجليزى.
مش بـ أقول «لاعب وحش»، خالص، إنما بـ أقول إنه تلات أرباع قيمته «إعلام»، المفروض اللاعيبة بـ تقدم أولًا، يرتفع سعرها ثانيًا، مش بـ تتعاقد طول الوقت، بناء على «المنتظر» منها، لـ إنه المنتظر دا بـ يسهم فيه الصورة عند الجمهور، والصورة بـ يكونها الإعلام قبل الملعب لـ الأسف.
من أول ما وقف ع الكورة، وأعتقد ساعتها إنى كنت من الأهلاوية القلائل اللى هاجموا التصرف دا، وشفت إنه بـ يقلل قيمة اللاعب عندى، لـ إنه كدا بـ النسبة لى شخص باحث عن الإعلام مش الملعب.
رابعًا، الأندية نفسها ساعات كتير بـ تسوق لاعيبتها كدا، كل شوية يطلع النادى: لن نفرط فى فلان، فلان جاياله عروض، ولن نبيعه بـ أقل من كذا، فلان لن يرحل إلا لـ الدورى الإنجليزى.. وهكذا وهكذا.
خامسًا، فيه ناس بـ تروج شائعات لـ إفساد صفقات مش العكس، يعنى مثلًا الزمالك رايح يتعاقد مع لاعب، فى هدوء ومن غير صخب، يروح الأهلى ينشر أخبار، ويثير أقاويل، ويفتش الموضوع، فـ دا يأثر على المفاوضات.
ممكن يعلى قيمة اللاعب عن القيمة اللى كانوا بـ يتفاوضوا عليها، أو ينشر عنه شائعات، زى مرض طاهر محمد طاهر كدا، أو زى غدة بركات زمان، وغيره وغيره.
سادسًا، مصالح شخصية، ودى ما أكترها، وما أعقدها على التصنيف، إنما مشوار التعاقدات دا فيه طابور طويل من اللى ممكن يستفيدوا بـ طرق شتى، فـ يتدخلوا لـ إعلاء قيمة لاعب، أو تحويل مساره، أو تغيير خط سير المفاوضات.
مين اللى بـ يدفع التمن؟ اللى بـ يدفع التمن هو الأندية، خصوصًا الأندية الجماهيرية، اللى إداراتها مش بـ تاخد الفرصة لـ بناء الفريق حسب احتياجاتها الفعلية، وبـ أسعار مناسبة لـ السوق، وبـ تضطر لـ عقد صفقات ضد إرادة المدير الفنى، فـ تفقد مقاعد فى قايمتها، وتفقد قدرًا من ميزانيتها، وتستمر اللعبة، ويستمر الشير، ويستمر الترافيك، ولـ تذهب اللعبة إلى الجحيم.