رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«السند راح».. التفاصيل الكاملة لرفض فتاتي بولاق دفن أبيهما وتحنيطه

«السند راح»
«السند راح»

فتاتان في عقدهما الثالث من العمر اعتبرتا تلك الشقة البسيطة في شارع سعيد الصفطي ببولاق الدكرور عالمهما الوحيد وأبيهما حاكمها، حانت لحظة فراق الأب وتسليم روحه لبارئها فرفض عقل ابنتيه الأمر وقررتا الاحتفاظ بجثة أبيهما دون روح فقاما بتكفينه ومحاولة تحنيطه خشية فراقه.

حنان الأب

توفيت زوجته منذ 17 عاما فكان نعم السند لابنتيه أغدق عليهما الحب والحنان وفي نفس الوقت الشدة وتحجيم حركتهما، تزوج من سيدة أخرى أنجب منها ولدا وفتاة استمر معها عدة سنوات حتى انفصل عنها قبل حوالي شهر ولكن استمرت العلاقة الطيبة والاحترام بين الأب وطليقته وكانت تتردد رفقة ابنيها على منزله لزيارة والدهما وشقيقتيهما.

طلاق ومرض نفسي

الابنة الكبرى 32 عاما تخرجت من كلية الحقوق سنوات وتزوجت إلا أن زيجتها لم تستمر كثيرا وانفصلت عن زوجها بالطلاق لتعود وتقيم رفقة والدها وشقيقتها، بينما تدرس الابنة الأخرى 30 عاما بكلية الحقوق أيضا ولكن تعليم مفتوح.. أفراد الأسرة كانوا يعلمون أن الفتاتين تعانيان من مرض نفسي لكن حالتهما كانت مستقرة ويحنو والدهما عليهما طوال الوقت.

مرض مفاجئ

أصيب الأب بمرض مفاجئ وكان لا يخرج من المنزل سوى لأداء الصلاة في المسجد وفي يوم الوفاة قبل حوالي أسبوعين حاولت ابنتيه منعه من الخروج لعدم تدهور حالته الصحية إلا أنه قال لهما: "هصلي بس وارجع علطول.. فور عودة الأب شعر بحالة إعياء وأصابته تشنجات ليسقط على الأرض فاقدا الوعي".

دقيق وزيت زيتون

اعتقدت الابنتان أن أبيهما مجهد فاحضرتا كمية من زيت الزيتون والدقيق لتدليك جسده باعتبارها وصفة طبيعية لتهدئة جسده ولم تعلم أي منهما أنها كانت سكرات الموت حتى استكان جسد الأب تماما وفاضت روحه لبارئها، صدمة سيطرت على الفتاتين ورفض عقلهما فكرة موت الأب والسند لتبدأ رحلة التفكير في إخفاء الأمر، حيث قالت إحداهما لشقيقتها: "لو عرفوا أنه مات هياخدوه مننا ويدفنوه في التراب".

تكفين وتحنيط

خرجت إحدى الفتاتين إلى صيدلية مجاورة للمنزل وأحضرت كمية كبيرة من الشاش والقطن الطبي - بحسب ما ذكره الصيدلي لرجال الأمن وكشفت عنه كاميرات المراقبة- وقامتا بحلق ذقن والدهما وتحميمه بعد نزع ملابسه عنه ودهن جسده بكمية كبيرة من الكريم المرطب والدقيق وزيت الزيتون ثم لفه بالكامل بالشاش والقطن الطبي وتركتا جثته على السرير وجلستا بجواره كأن شيئا لم يكن لمدة 10 أيام كما كانت إحداهما لا تتحدث مطلقا لصدمة فراق والدها.

اكتشاف الجثة

طليقة المجني عليه داومت على الاتصال به والذهاب إليه كعادتها رفقة طفليها لرؤية والدهما إلا أن الابنة الكبرى رفضت فتح الباب لهم بحجة سفر والدها للصعيد، مع تكرار الأمر اتصلت طليقة الأب بشقيقه لتخبره بما حدث فأسرع لمنزل شقيقه وطلب رؤيته لتجيب الفتاة بذات الإجابة: "راح الصعيد يعزي في وفاة ابن عمه".. ليفاجأ عمها بالحجة الواهية خاصة أنهم ليس لديهم أبناء عمومة في الصعيد فلجأ إلى حيلة ترغمها على فتح باب الشقة وأخبرها بأن لديه شيئا يريد إعطائه لها حتى تسلمه لوالدها وما إن فتحت باب الشقة دفعه وأسرع للداخل ليقابله رائحة كريهة للغاية ويكتشف جثة شقيقه ملفوفة بالكامل على السرير ومتعفنة لمرور ما يقرب من 10 أيام على وفاته.

سيبوه نايم

بلاغ تلقاه ضباط مباحث قسم بولاق الدكرور بالواقعة الغريبة ليتوجه ضباطه إلى الشقة وفحص الأمر فقابلتهم الابنة الكبرى بغضب شديد عند سؤالها على والدها مرددة: "حرام عليكم سيبوه نايم ده تعبان.. بينما التزمت الأخرى الصمت لصدمتها الشديدة".

مستشفى الأمراض النفسية

من جانبها كلفت نيابة جنوب الجيزة الكلية مستشفى الأمراض النفسية والعصبية بالعباسية بمتابعة الحالة العقلية الفتاتين.

وأمرت النيابة بندب الطب الشرعي لتشريح جثة الأب وتحديد أسباب الوفاة، كما طلبت تحريات الأجهزة الأمنية حول الواقعة واستدعاء عم الفتاتين الذي اكتشف وفاة شقيقه وإخفاء ابنتيه للأمر.

وتبين من التحقيقات والتحريات الأولية أن الفتاتين مطلقتين وتقيمان برفقة والدهما الذي كان يمنع خروجهما وأنهما تعانيان من مرض نفسي لعدم استمرار زواجهما، اعترفت المتهمتان برفضهما التام لدفن والدهما لعدم الافتراق عنه وحزنهما عليه فقررا تكفينه والاحتفاظ بالجثة فقامتا بلفها في شاش طبي بعد وضع كمية من الكريم المرطب عليها لمنع الرائحة الكريهة وظل الامر مستمر لمدة ١٠ ايام حتى تعفنت الجثة واكتشف عمهما الامر.

أشارت التحريات والتحقيقات التي أجرتها نيابة جنوب الجيزة الكلية، أن الأب تولى رعاية الابنتين منذ عدة سنوات طويلة عقب وفاة والدتهما وكان يعاملهما برفق فسادت علاقتهم الحب والمودة حتى مرض الأب مرضا شديدا وفارق الحياة إلا أن الفتاتين رفضتا فكرة دفنه وابتعاده عنهما فاحتفظا بجثته عدة أيام داخل الشقة، بعد وضع بعض الكريمات عليها، في محاولة لتخفيف آثار تعفن الجثة، ولفاها بشاش أبيض، ومنعا أفراد عائلتهما من دخول الشقة لزيارة والدهما.

وأضافت التحقيقات أن الواقعة تم اكتشافها عندما توجه موظف للاطمئنان على شقيقه المسن الذى يعانى من حالة صحية متدهورة، إلا أن ابنتي شقيقه منعاه من دخول الشقة عدة مرات، بحجة أن والدهما نائم ولا يرغبان في إزعاجه، بسبب مرضه.

عقب تكرار منع الموظف من زيارة شقيقه، شعر بالشك تجاه ابنتا شقيقه، خاصة مع علمه أن حالة شقيقه الصحية سيئة، وتوجه للشقة، وأصر على زيارة شقيقه والاطمئنان عليه، وبعد إلحاح منه تمكن من الدخول، ليكتشف الكارثة، بعثوره على شقيقه مفارقا الحياة منذ عدة أيام، وملفوف بشاش أبيض على جميع أنحاء جسده.

واكتشف وفاة شقيقه، ووضع ابنتيه بعض الكريمات المرطبة على الجثة، لمنع انتفاخها، وتغير لونها، ورفضهما حقيقة وفاته، لشدة تعلقهما بوالدهما، فأسرع لإبلاغ مديرية أمن الجيزة، ووصل رجال المباحث إلى محل الواقعة، وتم نقل الجثة إلى المستشفى، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاه ابنتيه.

وشرحت التحقيقات أن التحريات الأولية أشارت إلى كون الفتاتين مريضتين نفسيتين ومهووستين بحب أبيهما لدرجة رفض دفنه.