رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف أنقذ على السمان شمس بدران والمشير من فضيحة بفرنسا؟

 شمس بدران
شمس بدران

قبل نكسة 1967 بشهور قليلة زار المشير عبد الحكيم عامر فرنسا، وكان وقتها نائبًا أول لرئيس الجمهورية، ورافقه في الزيارة كل من محمود فوزي وزير الخارجية، وشمس بدران وزير الحربية، وعلي شفيق مدير مكتب المشير وكان معهم الدكتور علي السمان.

ولاحظ علي السمان أن أعضاء السفارة المصرية في باريس كانوا يتعاملون مع شمس بدران بحذر واهتمام شديدين، وفي بداية الزيارة أبلغه عبد المنعم النجار سفير مصر في فرنسا أن بدران يريد مقابلته في فندق "الكريون"مكان إقامة المشير، وقال له: "إنه أهم شخصية في مصر بعد عبد الناصر والمشير، وعليه التعامل معه بحذر شديد، لأن أي خطأ في التعامل يمكن أن يكون له عواقب وخيمة، ليس عليه وحده، وإنما على كل العاملين في السفارة".

ذهب علي السمان والتقى شمس بدران فوجده إنسانًا بسيطًا للغاية، وفاجأه بأنه طلب مقابلته ليشكره على ما قدمه في باريس لأحد أقاربه هو المحامي أحمد قصير الديل الذي جاء في رحلة علاج منذ سنوات، فرد علي السمان بأن ما فعله مع قريبه يفعله مع كل مصري يزور باريس، وهنا قال شمس بدران: "أنت لا تعرف مكانة هذا الرجل في نفسي، وأهميته في حياتي، عندما قابلته قبل مجيئي إلى هنا سألته إن كان يريد شيئًا من باريس، فطلب مني أن أشكرك".

وتم تنظيم لقاء بين المشير والجاليات المصرية في أوروبا، كان محور الكلام حول الحريات ونظام تجديد جوازات السفر الذي كانت تمارسه السلطة كنوع من الضغط على الطلاب، وفي اللقاء وقف أحد الشباب وقال للمشير: "هل يعقل أن الجوازات التي نحملها لا تصلح إلا لثلاثة أشهر أو 9 أشهر على الأكثر، إن الدولة التي نعيش فيها تتصور أننا مجرمون في بلادنا، وإلا ما كانت حكومتنا ترفض منحنا جوازات طبيعية وليست محدودة المدة"، وتأثر المشير بكلام الشباب وتحمس جدا وأصدر تعليماته إلى شخصية كانت ترافقه هو السفير حسن كامل، وهو اسم مستعار لشخصية رفيعة المستوى بتجديد الجوازات، ورفض الشاب تسليم جوازه لأنه كان يتخيل أنه ستتم معاقبته.

عرف السمان فيما بعد أن الشخصية التي تحمل اسم مستعار هو اللواء حسن عليش، نائب رئيس المخابرات وقتها، وبدأت المناقشة تأخذ شكلًا دراميًا، وتذكر علي السمان أن مندوبًا من الإذاعة الفرنسية كان موجودًا في آخر القاعة يسجل اللقاء، وخاف من استخدام هذا الشريط في اتفاقية التبادل الإعلامي بين فرنسا ودول العالم ويجده مذاعًا في إسرائيل، فاخترق علي السمان القاعة وتوجه لمندوب الإذاعة الفرنسية وهمس في أذنه بأن السفارة لم تبلغه بأن هذا اللقاء ليس من البرنامج الرسمي للزيارة ونجح في انتزاع الشريط منه.

وبعد منتصف الليل تلقى علي السمان مكالمة هاتفية من السفير عبد المنعم النجار أخبره فيها أن أذى كبيرًا سيلحق به من تصرفه لولا شمس بدران، والذي حدث أن الشخصية الأمنية رفيعة المستوى قالت للمشير: "من هو علي السمان الذي أحدث غاغة أثناء اللقاء؟، ومن الذي عينه في مكتب الإعلام بالسفارة؟، وهنا تدخل شمس بدران وقال له: "ما تمسيه أنت غاغة كان تصرفًا حكيمًا من السمان عندما سارع بانتزاع الشريط من الصحفي الفرنسي، وكان قد سجل عليه احتجاجات الطلاب، ثم قال له: "أنت نايم على روحك يا حسن يا كامل"، وذلك حسبما ذكر خالد حنفي في مقال له بجريدة الفجرعن السيرة الذاتية للدكتور علي السمان والتي عنونها بـ"أوراق العمر".