رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحمد الشهاوي: عندما أكتبُ الرواية فلن أعتزل أو أودِّع الشعر

جريدة الدستور

لاشك في أن ما يعيشه المشهد الثقافي العربي يرمي إلى وجود انفجار روائي، وترسيخ لوجود جنس الرواية، والذي يأتي في الغالب على حساب الأجناس الإبداعية الأخرى من شعر وقصة، ويبدو أن الجوائز الإبداعية لعبت دورا كبيرا في ترسيخ "زمن الرواية"، ذلك رغم أسبقية وجود الشعر تاريخيا.

إلى جانب كل ما فات كان للشعراء رأي آخر، وهناك من قفز من بيت الشعر إلى زمن الرواية، ليصبح اللجوء للرواية أحد أبرز روافد التعبير، وقد يكون.

في هذا التحقيق نرصد الإجابة عن أحد أبرز الأسئلة المعلنة حول لماذا انصرف الشعراء إلى كتابة الرواية؟ وهل للجوائز الإبداعية في مجال الرواية دور في تسييد جنس الرواية على باقي الأجناس الإبداعية؟

قال الشاعر أحمد الشهاوي: "لابد أن نتفق أولا أن الشِّعر موجودٌ ومبثوثٌ في كل الأشكال والأجناس، في الموسيقى والنثر والصورة السينمائية، واللوحة التشكيلية، والمسرح، وفي الأزياء وألعاب الرياضة، لأن الشِّعر خلقٌ وابتكار وتجلٍّ للرُّوح في اشتغالها الداخلي، وبحثها عن الماهية والجوهر، وما الرواية إلا جنسٌ يضعُ فيها الشاعر التفاصيل التي "عجز" عن أن يبثها في نصه الشِّعْري الذي يتسم بالإيجاز والحذف والتلخيص والتجريد.

ويستطرد الشهاوي: "والشاعر الشاعر عندما يذهب إلى شكل آخر كالرواية مثلا ؛ فهو لا يبحث عن جائزة أو قراء جدد، لكنه يختار قالبًا قادرًا على استيعاب التفاصيل والأحداث والشخصيات والأزمنة والأمكنة.

وليس هناك تناقضٌ أو تنافسٌ أوصراعٌ بين جنسين أو شكليين أدبيين، وإنما العلاقة بينهما تعني التعدُّد والتنوُّع والغِنَى والجدل الخلاق الذي يُثْري الكتابة الإبداعية".

ويلفت الشهاوي إلى أن تاريخيًّا رأينا ما هو سردي حاضر بقوة في الشعر، ومن يرجع إلى تراث الشِّعر العربي سيجد ظاهرة الشاعر الراوي في متن النص الشعري.

ويؤكد أن الذي "فشل" في الشِّعر لن "ينجح" في الرواية؛ لأنَّ الهُوَّة بينهما ليست بعيدة. والرواية تحتاج كاتبًا عميقًا في رُؤاه وثقافته، ومن فشل في الشِّعر لن يستطيع أن يواصل كتابة الرواية، التي تتطلب مساحة عريضة من الروح العارفة القارئة.

وتابع: "وقد لاحظت خلال أسفاري في العالم ظاهرة الجمع بين كتابة الشِّعر والرواية، ولم أر هذا التعسُّف في الفصل إلا في بلداننا العربية. فلا حدُود ولا شُروط في الكتابة، وعندما أكتبُ الرواية فلن أعتزل أو أودِّع أو أهجر أو أفارق الشعر. ولستُ مشغُولا بانتقال مقولة "الشعر ديوان العرب"، إلى الرواية ديوان العرب الحديث".

واختتم "ودائما أقول إن الفن "أي فن" الذي لا تتحقق فيه الشعرية؛ هو فن ينقصُه الكثير. وبشكلٍ عام، مثلي لا يفصل بين أنواع الإبداع، فالأشكال تتجاورُ، وترفد بعضها بعضًا، فأنا - وكل شاعرٍ - في داخلي رواية أو أكثر تنتظر".