رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كتاب يجيبون عن السؤال الصعب.. لماذا يدفع الشاعر أولا؟

جمال الطيب
جمال الطيب

يأتي سؤال لماذا يدفع الشاعر أولا ؟ كأحد أبرز الأسئلة في المشهد الثقافي العربي، ويتبعها إجابات مسبقة، منها غياب سوق لنشر الشعر، وإجابات مجحففة، تسير في إتجاه واحد غرضه تغييب الشعر لصالح إجناس إبداعية أخرى، نقاد وكتاي يجيبون في التقرير التالي.

أكد الناقد جمال الطيب أن هذه الظاهرة لها عدة عوامل تأتي على رأسها أجهزة الدولة التابعة لوزارة الثقافة، الهيئة المصرية العامة للكتاب وهيئة قصور الثقافة وتقصيرها في تشجيع الأدباء بنشر أعمالهم خاصة في بداياتهم الأولى، مما يدفعهم مضطرين إلى اللجوء لدور نشر خاصة تقوم "بعضها" بتحميله التكلفة بالكامل وبعضها لا يحرر عقود تحفظ حقوقهم! بل هناك أيضا من لا يقوم بصميم عمله ألا وهو "التسويق" للعمل الأدبي من خلال منافذ توزيع أو باعة الصحف، ليقوم صاحب العمل بالتسويق من خلال مروره على المكتبات مستجديا عرضه لديهم والاذعان لشروطهم.

وأضاف أن هذه ظاهرة تدعو للحزن والأسى خاصة وأن هناك كثير من المبدعين يحجمون عن هذا الفعل سواء كان من خلفية اعتزازهم بأنفسهم وبموهبتهم، ليكون مصيرهم الانزواء وانحصار وجودهم في دائرة ضيقة من الأصدقاء، والبعض الآخر لضيق ذات اليد وعدم توفر التكلفة التي عليهم سدادها لدور النشر لترى أعمالهم النور.

ومن جانبه يقول الشاعر العراقي أحمد ضياء: تتسم التجارب الشعرية عادة بالنسقية، فالكل يكتب ويدعي ضمن وتيرة قصيدة النثر، وهو المرحلة الجديدة من خطابات المعرفة الشرعية للشعر، لكن هذا الأمر غير كافيا لأنه وجب أن يأتي الشعراء بشيء جديد ضمن فاعلية (التجريب)، وهنا حصلت فجوة بين القارئ والشاعر، بالتالي انعكس ذلك الأمر على دور النشر، فأصبح الشعر بضاعة كاسدة لا يباع ولا يشترى. فالشاعر هنا بدء يتذلل للناشر في سبيل الطباعة له. بالوقت الذي يجب أن يعطي الناشر للشاعر، وهنا المرجو أن يأتي الشاعر بنا هو ملائم بين الحياة والتجريب ليعود الشعر في المقدمة.

وتشير الشاعرة أمل الشربيني إلى أن جربة الشاعر العربي مع النشر تجربة بائسة، ولا أظن أن المستقبل قد يأتي بجديد إلا إذا تخلص قطاع النشر من التجار الذين يتعاملون مع الكتاب على أنه منتج استهلاكى.

ويقول الشاعر الشاب إسلام نوار: عندما فكرت في نشر ديواني الأول "لا تقل عن ولدي إنه يمشي في المساء" في عام 2019، كنت متوجسًا من التعامل مع محتواه بسبب سياسات الدور التي أعرفها، فلجأت لأصدقائي وقرأنا سويًا الديوان، وكان تعليق أغلبهم أنه من الاستحالة نشر هذا الديوان في مصر، ونصحوني أن أنشره خارج مصر، وعليه فقد تواصلنا مع بعض الأصدقاء في تونس ولبنان والعراق، وكانت المفاجأة أنهم أيضًا أبدوا تخوفات من المحتوى.

ويوضح: كنت أرى مبالغة في ردود الفعل على مخطوط الديوان، لم تكن حينها فكرة النشر الذاتي واضحة في رأسي، لكنني قررت أن أنشر الكتاب دون دار نشر وأن أذهب بنفسي لإنهاء كل إجراءات وتكاليف خروجه للنور، وبعد نشره طلبا مني مؤسسة نشر حكومية ودار نشر عربية ديوانًا جديدًا لأنشره معهما، وكنت حينها على وشك الانتهاء من ديواني الثاني "كارمينا بورانا في إذاعة مترو القاهرة" والذي نشرته ذاتيًا أيضًا في 2020؛ فأما المسؤول في الدار الحكومية، فكلمته وقرأت عليه المقطع الأخير من الديوان ثم سألته هل تستطيع أن تنشر هذا؟ فرد مستحيل، وأما دار النشر العربية المعروفة بتقدميتها فقال لي صاحبها إن الديوان فيه نزوع إلى الممنوع.

وتابع: الكتابان تقريبا لم يوزعا في أي مكتبة، فقط في بعض المعارض، ورغم ذلك بيع منهما ما يتجاوز الألف النسخة، وتم تحميلهما من الإنترنت عشرات الآلاف من المرات، بالتأكيد سعيد بهذه التجربة التي سأكمل فيها بعيدا عن الآلة البالية لصناعة الثقافة المصرية والتي لن تتغير في المستقبل المنظور.