رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ناجيتان من سرطان الثدي لـ«الدستور»: «شوفنا الموت 100 مرة»

جريدة الدستور

داخل جدران أحد المستشفيات الخاصة بأسيوط جلست الممرضة «نادية» بسبب شعورها تغير درجة حرارة جسمها، وظنت في البداية أن السبب أحد أمراض الباطنة أو الإرهاق واكتفت بالمسكنات؛ لكي تتفاجئ بمحض الصدفة بورم صغير شبهته بـ«الليمونة» في إحدى ثدييها.

«مكنتش بقوم بالفحص الذاتي مع إني ممرضة وعرفت أول مرة لمست فيها حجم الورم أنه ده المرض الخبيث»، تتنفس نادية صبحي الممرضة الأربعينية والأرملة الصعداء وتستكمل ذكريات ما حدث منذ 5 أعوام، وكيف أنها توقعت أن يكون هذا سرطان الثدي قبل الذهاب للكشف وعمل الأشعة اللازمة، وفي طريقها للكشف شعرت بالخوف على مستقبل ابنتيها ولامت نفسها عشرات المرات على الإهمال في نفسها، وكان العلاج الكيميائي هو المطروح وقتها مع إزالة الورم والأنسجة المحيطة به إلا أنها فضلت استئصال كامل الثدي المصاب منعا لعودة المرض في باقي الأنسجة، وبعد عملية الاستئصال تلقت العلاج الكيميائي.

كانت المعضلة التي تجاوزتها بفضل دعم ابنتيها أنها أصبحت بصدر واحد فلم تستأصل الصدر الذي لم تطاله الخلايا السرطانية، وتغلبت على هذا الأمر جماليا بوضع حشوات قطنية بدلا منه خاصة عند الخروج من المنزل، فظروفها المادية منعتها من القيام بعملية إعادة بناء الثدي.

توقفت نادية عن تلقي جرعات الكيماوي الآن مضيفة أن لديها رغبة في مقاومة المرض بكل ما أوتيت من قوة، لكي تعيش معافاة لابنتيها هو ما جعلها تواظب على العلاج وتعليمات الأطباء وتقاوم المرض نفسيًا خاصة أن والد ابنتيها متوفي.

«نادية» لم تكن السيدة الأولى التي تغلبت على سرطان الثدي، ففايزة عبد القوي هي ممرضة أخرى اكتشفت إصابتها عند بلوغها السابعة والثلاثين منذ قرابة سبع سنوات وكان المرض في كلا ثدييها، ومنعا لتوغل الخلايا السرطانية تم استئصال ثديها، وانفصل زوجها عنها أثناء رحلة العلاج الكيميائي بذريعة أنها تحتاج لمن يرعاها كما أن نفسيتها أصبحت لا تطاق طبقا لما زعمه زوجها، وعلى الرغم من أن لها رأيا مخالفا حيث ترى أنه لم يستوعب إصابتها بالسرطان خاصة بعد عملية الاستئصال، وأعتقد أن المرض سيتمكن منها وسيعود في منطقة أخرى من جسدها.

وتسرد بالحسرة التي يخففها انتصار النجاة أن أهلها قاموا بدعمها في رحلة العلاج وقتما أصبح جسدها ضعيفا جدا بفعل العلاج الكيميائي، وتساقط شعرها وكان الغثيان يتملكها بين وقت وآخر، وأكثر الأوقات رعبًا بالنسبة لها كان وقت سماع وفاة أحد الأشخاص بسبب السرطان أو عودته لشخص ما من جديد، ومع ذلك تمكنت من التغلب على تلك الأحاسيس مدفوعة بعاطفة الأمومة لكي تعود مرة أخرى لمنزلها وترعى أولادها، مصرحة أنها توقفت عن العلاج الكيميائي منذ أعوام الآن وتقبلت على مضض أن يتزوج زوجها بأخرى حتى يعيش أبناؤها معهم هما الاثنين ولا يحرموا من أحد أبويهم، لكن علاقتها بزوجها لم تعود كما كانت قبل المرض أبدا.

تعتقد «فايزة» أن بعض المريضات لهن قابلية للنجاة أكثر من غيرهن فقد شاهدت أن مريضات الاكتئاب أقل مقاومة للمرض بسبب فقدانهن لشغف الحياة من الأساس حتى قبل الإصابة بالسرطان خاصة الاكتئاب الشديد لذلك لا بد من علاجه، وكذلك السيدات اللواتي ليس لديهن أبناء أقل من المقاومة بالضعف من الأمهات، وتنصح جميع المريضات بأن يتقبلن أنفسهن كما هن بعد عملية استئصال الصدر على الرغم من أن هذا ليس بالهين، وأن يبتعدن عن كافة ما يحبطهن فاضطرت في إحدى المرات لإغلاق كافة وسائل الاجتماعي حتى لا تسمع خبر أي وفاة بفعل السرطان.