رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الهلالى الشربينى الهلالى يكتب: حدائق الخالدين وتربية الولاء والانتماء للوطن


تمثل‭ ‬اللافتات‭ ‬التى‭ ‬تحمل‭ ‬أسماء‭ ‬الشوارع‭ ‬والمدارس‭ ‬والميادين‭ ‬ومحاور‭ ‬الطرق‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬بلد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬صفحات‭ ‬فى‭ ‬كتاب‭ ‬يروى‭ ‬تاريخ‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬وما‭ ‬مر‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬عظام‭ ‬أو‭ ‬جسام‭ ‬فى‭ ‬فترات‭ ‬زمنية‭ ‬معينة‭ ‬داخليًا‭ ‬وخارجيًا‭.‬

‭ ‬وقد‭ ‬ظلت‭ ‬تسمية‭ ‬الشوارع‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬غير‭ ‬معروفة‭ ‬حتى‭ ‬بداية‭ ‬عهد‭ ‬محمد‭ ‬على‭ (‬1848-1805‭)‬؛‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬المدن‭ ‬تقسم‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬تحمل‭ ‬كل‭ ‬منطقة‭ ‬اسم‭ ‬قبيلة‭ ‬سكنتها‭ ‬فى‭ ‬البداية،‭ ‬أو‭ ‬أرباب‭ ‬حرفة‭ ‬أو‭ ‬صنعة‭ ‬تجمعوا‭ ‬وجاءوا‭ ‬إليها،‭ ‬أو‭ ‬صاحب‭ ‬قصر‭ ‬بُنى‭ ‬فيها‭ ‬وهكذا،‭ ‬وعندما‭ ‬تولى‭ ‬محمد‭ ‬على‭ ‬حكم‭ ‬مصر‭ ‬أصدر‭ ‬مرسومًا‭ ‬بتحديد‭ ‬أسماء‭ ‬للشوارع‭ ‬وتركيب‭ ‬لافتات‭ ‬فى‭ ‬مداخلها‭ ‬تدل‭ ‬عليها،‭ ‬ووضْع‭ ‬أرقام‭ ‬للمبانى‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬أن‭ ‬قراءة‭ ‬تاريخ‭ ‬أى‭ ‬مدينة‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬شوارعها‭ ‬ومدارسها،‭ ‬وما‭ ‬تحمله‭ ‬من‭ ‬لافتات‭ ‬تمثل‭ ‬ذاكرة‭ ‬للأمة‭ ‬حول‭ ‬الأزمنة‭ ‬التى‭ ‬مرت‭ ‬بها‭ ‬والأحداث‭ ‬التى‭ ‬شهدتها،‭ ‬والشخصيات‭ ‬المؤثرة‭ ‬التى‭ ‬برزت‭ ‬فيها،‭ ‬والتى‭ ‬أسهمت‭ ‬فى‭ ‬تجاوز‭ ‬تلك‭ ‬الأحداث‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬وحدتها‭ ‬وتماسكها‭ ‬وبناء‭ ‬نهضتها‭ ‬وتقدمها‭.‬

وقد‭ ‬اتخذت‭ ‬مدارس‭ ‬وشوارع‭ ‬المدن‭ ‬المصرية‭ ‬منذ‭ ‬عهد‭ ‬محمد‭ ‬على‭ ‬أسماء‭ ‬ملوك‭ ‬وزعماء‭ ‬وحكام‭ ‬وعلماء‭ ‬وسلاطين‭ ‬وشهداء‭ ‬وشخصيات‭ ‬مشهورة‭ ‬ومنظمات‭ ‬عربية‭ ‬وإقليمية‭ ‬ودولية‭ ‬معروفة،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك،‭ ‬وبالطبع‭ ‬كان‭ ‬وراء‭ ‬كل‭ ‬تسمية‭ ‬لمدرسة‭ ‬أو‭ ‬شارع‭ ‬أو‭ ‬محور‭ ‬أو‭ ‬ميدان‭ ‬أو‭ ‬مشروع‭ ‬تاريخٌ‭ ‬كبير،‭ ‬وقد‭ ‬كثرت‭ ‬المدن‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬العصر‭ ‬الحديث‭ ‬نتيجةً‭ ‬للامتدادات‭ ‬العمرانية‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬والتوسع‭ ‬فى‭ ‬إنشاء‭ ‬المدن‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬وأُطلق‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مدارسها‭ ‬وشوارعها‭ ‬ومشروعاتها‭ ‬أسماء‭ ‬من‭ ‬حقب‭ ‬تاريخية‭ ‬تركت‭ ‬آثارها‭ ‬فى‭ ‬ذاكرة‭ ‬الأمة‭ ‬وتحمل‭ ‬فى‭ ‬طياتها‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬العظيم،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التحديث‭ ‬والتطوير‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬لتلك‭ ‬الشوارع‭ ‬والمدارس‭ ‬تبقى‭ ‬أسماؤها‭ ‬شامخة‭ ‬تصل‭ ‬الماضى‭ ‬بالحاضر‭ ‬والمستقبل،‭ ‬وتحكى‭ ‬كم‭ ‬من‭ ‬أجيال‭ ‬مرت‭ ‬بها‭ ‬أو‭ ‬تعلمت‭ ‬فيها،‭ ‬وكم‭ ‬من‭ ‬خطى‭ ‬مشت‭ ‬عليها،‭ ‬وكم‭ ‬هى‭ ‬وحدها‭ ‬الشاهدة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ضمته‭ ‬بين‭ ‬جوانبها‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬وشخوص‭ ‬وحكام‭ ‬قدموا‭ ‬قدوة‭ ‬ونموذجًا‭ ‬فى‭ ‬حب‭ ‬الوطن‭ ‬والولاء‭ ‬له‭ ‬والانتماء‭ ‬إليه‭.‬

والواقع‭ ‬أننى‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬أحاول‭ ‬أن‭ ‬أستكشف‭ ‬كيفية‭ ‬تسمية‭ ‬الشوارع‭ ‬والمدارس‭ ‬فى‭ ‬عصرنا‭ ‬الحديث‭ ‬وبصفة‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬العقود‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية؛‭ ‬حيث‭ ‬تلاحظ‭ ‬فى‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬تسمية‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المدارس‭ ‬والشوارع‭ ‬بأسماء‭ ‬مجهولة،‭ ‬أو‭ ‬بأسماء‭ ‬بعض‭ ‬الشهداء،‭ ‬وبعض‭ ‬من‭ ‬قدموا‭ ‬خدمات‭ ‬أخرى‭ ‬جليلة‭ ‬للوطن‭ ‬دون‭ ‬غيرهم،‭ ‬وذلك‭ ‬كرد‭ ‬فعل‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المسئولين‭ ‬تجاه‭ ‬حملة‭ ‬تنطلق‭ ‬فى‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬ومواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعى‭ ‬حول‭ ‬حدث‭ ‬ما،‭ ‬ربما‭ ‬تعاطفًا‭ ‬أو‭ ‬تفاعلًا‭ ‬مع‭ ‬الشخص‭ ‬أو‭ ‬الحدث‭ ‬دون‭ ‬الاستناد‭ ‬إلى‭ ‬قواعد‭ ‬أو‭ ‬معايير‭ ‬محددة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬أثار‭ ‬اللغط‭ ‬حول‭ ‬تسمية‭ ‬محطة‭ ‬جديدة‭ ‬للمترو‭ ‬باسم‭ ‬الفاضلة‭ ‬المرحومة‭ ‬صفاء‭ ‬حجازى،‭ ‬قيل‭ ‬إن‭ ‬موقعها‭ ‬سيكون‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬مجمع‭ ‬الخالدين‭ ‬بالزمالك،‭ ‬مما‭ ‬دفع‭ ‬البعض‭ ‬للمطالبة‭ ‬بتسمية‭ ‬هذه‭ ‬المحطة‭ ‬باسم‭ ‬المجمع،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬تسميتها‭ ‬باسم‭ ‬المجمع‭ - ‬الذى‭ ‬أنشئ‭ ‬بمرسوم‭ ‬ملكى‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬1932،‭ ‬ويعد‭ ‬ثانى‭ ‬أقدم‭ ‬مجامع‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬فى‭ ‬العالم،‭ ‬ويضم‭ ‬نصف‭ ‬أعضائه‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬والمستشرقين‭ - ‬يعطى‭ ‬دلالة‭ ‬على‭ ‬ريادة‭ ‬مصر‭ ‬الثقافية‭ ‬والتاريخية‭ ‬ويخاطب‭ ‬وجدان‭ ‬المصريين‭ ‬والعرب‭ ‬والأجانب‭ ‬الذين‭ ‬يترددون‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المحطة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أى‭ ‬اسم‭ ‬آخر،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬مبنى‭ ‬المجمع‭ ‬سيكون‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬القادمين‭ ‬للمحطة‭ ‬والمغادرين‭ ‬منها،‭ ‬مع‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يطلق‭ ‬اسم‭ ‬الإعلامية‭ ‬المحترمة‭ ‬صفاء‭ ‬حجازى‭ ‬على‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭ ‬له‭ ‬علاقة‭ ‬بطبيعة‭ ‬عملها‭ ‬والخدمات‭ ‬الجليلة‭ ‬التى‭ ‬قدمتها‭ ‬للوطن‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬دلالة‭ ‬أيضًا‭ ‬ومغزى‭ ‬من‭ ‬التسمية‭ ‬كأن‭ ‬يطلق‭ ‬اسمها‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬المشروعات‭ ‬الإعلامية‭ ‬فى‭ ‬مثلث‭ ‬ماسبيرو‭ ‬أو‭ ‬فى‭ ‬العاصمة‭ ‬الإدارية‭ ‬الجديدة‭ ‬أو‭ ‬غيرهما‭ ‬مثلما‭ ‬حدث‭ ‬وأطلق‭ ‬اسم‭ ‬طبيب‭ ‬الغلابة‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬مشالى‭ ‬على‭ ‬المركز‭ ‬الطبى‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬يديره‭ ‬بمدينة‭ ‬طنطا‭ ‬بمحافظة‭ ‬الغربية‭.‬

والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬فى‭ ‬أمر‭ ‬تسمية‭ ‬محطة‭ ‬المترو‭ ‬المشار‭ ‬إليها‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬يقدمون‭ ‬خدمات‭ ‬جليلة‭ ‬للوطن‭ ‬من‭ ‬الشهداء‭ ‬وغيرهم‭ ‬يتم‭ ‬إطلاق‭ ‬أسمائهم‭ ‬على‭ ‬الشوارع‭ ‬والمدارس‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نظام‭ ‬تقليدى‭ ‬مألوف‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تحكمه‭ ‬قواعد‭ ‬أو‭ ‬معايير‭ ‬محددة‭ ‬وواضحة؛‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬نجد‭ ‬من‭ ‬يتم‭ ‬إطلاق‭ ‬اسمه‭ ‬فجأة‭ ‬على‭ ‬شارع‭ ‬أو‭ ‬مدرسة‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬هو‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬أبنائها‭ ‬كرد‭ ‬فعل‭ ‬لحماس‭ ‬زائد‭ ‬أو‭ ‬انفعال‭ ‬وقتى‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬أحد‭ ‬المسئولين،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تكون‭ ‬النتيجة‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬أن‭ ‬ينسى‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬يعيشون‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الشارع‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬المدرسة‭ ‬قصة‭ ‬هذه‭ ‬التسمية،‭ ‬وينتفى‭ ‬الهدف‭ ‬منها‭ ‬والمتمثل‭ ‬فى‭ ‬تكريم‭ ‬صاحب‭ ‬الاسم‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬وتعريف‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬الزمن‭ ‬بما‭ ‬قدمه‭ ‬من‭ ‬خدمات‭ ‬جليلة‭ ‬للوطن‭ ‬كنموذج‭ ‬يحتذى‭ ‬فى‭ ‬تربية‭ ‬الولاء‭ ‬والانتماء‭ ‬للوطن‭ ‬لدى‭ ‬الأجيال‭ ‬المتعاقبة‭.‬

وغالبا‭ ‬ما‭ ‬تؤدى‭ ‬هذه‭ ‬الطريقة‭ ‬الانفعالية‭ ‬فى‭ ‬اختيار‭ ‬الأسماء‭ ‬التى‭ ‬يتم‭ ‬تكريمها‭ ‬إلى‭ ‬سقوط‭ ‬أسماء‭ ‬بعض‭ ‬الشهداء‭ ‬والشخصيات‭ ‬المهمة،‭ ‬واختفائها‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬من‭ ‬ذاكرة‭ ‬الأمة‭ ‬ودخولها‭ ‬فى‭ ‬طى‭ ‬النسيان،‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬جعل‭ ‬الرئيس‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسى‭ ‬يوجه‭ ‬اللواء‭ ‬أحمد‭ ‬العزازى،‭ ‬مساعد‭ ‬رئيس‭ ‬الهيئة‭ ‬الهندسية،‭ ‬بتسمية‭ ‬الشوارع‭ ‬فى‭ ‬المدن‭ ‬الجديدة،‭ ‬والمشروعات‭ ‬القومية‭ ‬بأسماء‭ ‬شهداء‭ ‬الوطن‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الجيش‭ ‬والشرطة،‭ ‬وكذلك‭ ‬الأطباء،‭ ‬ليرد‭ ‬عليه‭ ‬قائلًا‭: ‬‮«‬تمام‭ ‬يافندم‭ ‬ومشروعات‭ ‬البشائر‭ ‬حصل‭ ‬فيها‭ ‬كده‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فالسؤال‭ ‬الذى‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬هنا‭ ‬هو‭: ‬على‭ ‬من‭ ‬تقع‭ ‬مسئولية‭ ‬اختيار‭ ‬الشهداء‭ ‬وغيرهم‭ ‬ممن‭ ‬قدموا‭ ‬خدمات‭ ‬جليلة‭ ‬للوطن‭ ‬لكى‭ ‬تسمى‭ ‬الشوارع‭ ‬والمدارس‭ ‬بأسمائهم؟‭ ‬وهل‭ ‬هناك‭ ‬قانون‭ ‬يحدد‭ ‬مثل‭ ‬هذ‭ ‬الأمور‭ ‬ويتم‭ ‬الالتزام‭ ‬به‭ ‬بوضوح‭ ‬وشفافية؟

وحيث‭ ‬إن‭ ‬الشهداء‭ ‬وغيرهم‭ ‬ممن‭ ‬قدموا‭ ‬خدمات‭ ‬جليلة‭ ‬للوطن‭ ‬قد‭ ‬ضحوا‭ ‬بأرواحهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬وتماسكه‭ ‬وسلامة‭ ‬أراضيه‭ ‬لكى‭ ‬نعيش‭ ‬وننعم‭ ‬نحن‭ ‬وأبناؤنا‭ ‬وأحفادنا‭ ‬من‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة،‭ ‬وحيث‭ ‬إنهم‭ ‬منتشرون‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬أرجاء‭ ‬الوطن،‭ ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الحكمة‭ ‬أن‭ ‬نخصص‭ ‬مساحة‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬محافظة‭ ‬وبصفة‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬المدن‭ ‬الجديدة‭ ‬ونطلق‭ ‬عليها‭ ‬حديقة‭ ‬الخالدين‭ ‬ونضع‭ ‬لها‭ ‬قواعد‭ ‬ومعايير‭ ‬محكمة‭ ‬يتم‭ ‬فى‭ ‬ضوئها‭ ‬وضع‭ ‬تمثال‭ ‬متوسط‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬قدم‭ ‬خدمات‭ ‬جليلة‭ ‬للوطن‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬هذه‭ ‬المحافظة‭ ‬بهذه‭ ‬الحديقة،‭ ‬ويتم‭ ‬غرث‭ ‬شجرة‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬المعمر‭ ‬بجانب‭ ‬هذا‭ ‬التمثال،‭ ‬ويوضع‭ ‬بجانبه‭ ‬لوحة‭ ‬من‭ ‬الجرانيت‭ ‬محفور‭ ‬عليها‭ ‬قصته،‭ ‬أين‭ ‬ومتى‭ ‬عاش،‭ ‬وكيف‭ ‬انتهت‭ ‬حياته،‭ ‬وبعض‭ ‬الخدمات‭ ‬الجليلة‭ ‬التى‭ ‬قدمها‭ ‬للوطن،‭ ‬ويتم‭ ‬تحويل‭ ‬هذه‭ ‬الحدائق‭ ‬إلى‭ ‬مزارات‭ ‬لطلاب‭ ‬المدارس‭ ‬والجامعات‭ ‬لتكون‭ ‬أيضًا‭ ‬مرجعًا‭ ‬مبدئيًا‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يجرى‭ ‬بحثًا‭ ‬أو‭ ‬دراسة‭ ‬عن‭ ‬أى‭ ‬من‭ ‬هؤلاء،‭ ‬ويفرض‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬معلمى‭ ‬الأنشطة‭ ‬ومادة‭ ‬التاريخ‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬المدارس‭ ‬بكل‭ ‬أنواعها‭ ‬أن‭ ‬يصطحب‭ ‬كل‭ ‬منهم‭ ‬تلاميذه‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الحدائق‭ ‬مرة‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬فى‭ ‬السنة‭ ‬يشرح‭ ‬لهم‭ ‬خلالها‭ ‬كيف‭ ‬ضحى‭ ‬آباؤهم‭ ‬وأجدادهم‭ ‬بأرواحهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬ويربط‭ ‬ذلك‭ ‬بالموضوعات‭ ‬التى‭ ‬وردت‭ ‬بالمناهج‭ ‬الدراسية‭ ‬حول‭ ‬قضية‭ ‬الولاء‭ ‬والانتماء‭ ‬وحب‭ ‬الوطن‭. ‬

ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تنشأ‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬هذه‭ ‬الحدائق‭ ‬بعض‭ ‬الأنشطة‭ ‬الترفيهية‭ ‬والتعليمية‭ ‬والثقافية‭ ‬الأخرى،‭ ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬للدولة‭ ‬أن‭ ‬تخصص‭ ‬الأرض‭ ‬بنظام‭ ‬حق‭ ‬الانتفاع‭ ‬وتطرحها‭ ‬على‭ ‬المستثمرين‭ ‬ليقيموا‭ ‬عليها‭ ‬هذه‭ ‬المشروعات‭ ‬بنظام‭ ‬التريبل‭ ‬بـ‭ ‬PPP‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الموازنة‭ ‬العامة‭ ‬للدولة‭. ‬والله‭ ‬ولى‭ ‬التوفيق‭.‬

‭* ‬وزير‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬والتعليم‭ ‬الفنى‭ ‬السابق