رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مظاهرة حب لجمال القصاص في ورشة الزيتون (صور)

ورشة الزيتون
ورشة الزيتون

نظمت ورشة الزيتون الأدبية احتفالية كبرى بمناسبة بلوغ الشاعر جمال القصاص السبعين، وخلال اللقاء تحدث القصاص عن مسيرته الشعرية وتجربة مجلة إضاءة 77 وكيف كانت المعمل الذي أفرخ جيل السبعينيات الشعري.

وأوضح القصاص: «كان لمجلة إضاءة 77 دور كبير في تشكيل وتجسيد تجربة جيل السبعينيات الشعري، وتشكيل لبنته الأولى، خاصة أن هذه التجربة دشنت في فترة استثنائية في تاريخ مصر المعاصر، ففي هذه الفترة تم اعتقال أغلب المثقفين المصريين وأساتذة الجامعات، وتحويلهم للأعمال الإدارية، هذه الفترة كانت فترة طاردة في تاريخ مصر الراهن، وشهدت أعنف المظاهرات والتي شارك فيها حتى الأطفال، وهي مظاهرات الخبز في 1977».

وعن سمات شعراء السبعينيات، أردف «القصاص»: «تجمع شعراء السبعينيات: حلمي سالم وحسن طلب ورفعت سلام، وأنا حول مجموعة من الأفكار، ورغم ذلك كان لكل شاعر منا عطاء معين وإن جمعتنا أفكار واحدة، ولم تقف أمامنا ثنائية الهامش والمركز، أو الأقاليم والعاصمة، كما كان لتجربة شعراء السبعينيات تجربة شعرية حقيقية، حيث أصبح النص الشعري هو القضية الأساسية، ويتم النظر إلى كل الشعراء داخل هذه الكتلة بسمات عامة دون أن تركز على كل شاعر بحدة".

من جانبه قال الناقد يسري عبدالله: "جمال القصاص ابن التجربة السبعينية في الشعر المصري، والمفارق لها في آن٬ والذي تبدو شعريته مرتكزة في علاقته معها على جدل الاتصال الانفصال، فبدت شعريته دومًا باحثة عن تلك المغامرة الجمالية المتجددة، والرهان على المتلقي لا مخاصمته، كما فعل آخرون".

ويكتب القصاص نصا ممتدا، يستقي عوالمه من الحياة ذاتها، ويجعل مادته الخام من حكايات ناسه وشخوصه، وذواته المختلفين، والتي ترتبط دوما بجدل خلاق مع الذات الشاعرة، فتصبح ونسها وألفتها وإخفاقاتها وعذاباتها اليومية أيضا٬ ومجلاها العصي على الموت، العصي على النسيان.

كما أن آليات اللعب بمعناه الجمالي وإطاره الفلسفي، وميكانيزمات اللايقين، وجدل الخبرتين المعرفية والجمالية٬ وتراسل الفنون داخل النص الواحد جميعها تقنيات مركزية للنص المفتوح الذي يكتبه جمال القصاص.

وبدوره قال الروائي والناقد الليبي أحمد الفيتوري، إنه عرف الشاعر جمال القصاص قبل أن يلتقيه من خلال أعداد مجلة إضاءة 77، فقد حصل على عددها الأول فور صدوره مباشرة.

واستعراض "الفيتوري" تجربة القصاص وكونها متداخلة مع كينونته وحياته اليومية، هذا الدمج والخليط نتيجة تجربة مع الحالة الشعرية التي كتبت في النص.
ورغم اندماج جمال القصاص في تجربته الشعرية بالحياة، أي أن الحياتي فيها يندمج بالشعري، إلا أنه يميل إلى العزلة مكتفيًا بذاته".

كما شدد "الفيتوري" على أن تعامل "القصاص" مع المفردات والدلالات الشعرية تعامل عفوي، مما صقل قدرته على تحويل هذه المفردات والدلالات إلى معانٍ بسيطة وسهلة، مما جعل من هذه التجربة تتجه للجمالية الشعرية وبه نوع من القصدية، في تعامله مع اليومي الحياتي بفطرة وتلقائية.

واختتم "الفيتوري" مؤكدًا أن تجربة جمال القصاص الشعرية مميزة تقدم رؤى جمالية، مما يجعلها جزءا من النفس٬ تكتب في كل الأوقات وفي كل الظروف، يكتب الحالة الشعرية كما يحسها، وليس كما يخطط لها أن تخرج في ديوان، مما أخرج القصاص من إشكالية الشعر المفكك.

كما شارك الناقد والشاعر المغربي عمر العسرى بورقة بحثية في الاحتفالية وقرأها نيابة عنه القاص والسيناريست محمد رفيع. استهل رفيع شهادة العسري بتناول تجربة القصاص الشعرية، مشيرًا إلى أن ديوان القصاص المعنون "جدار أزرق" هو كتاب شعري مغاير عن أعماله السابقة، لأن منطلقه التجربة الكتابية المنبثقة من فعل البحث عن قيم جمالية تؤسس لتعددية المعنى، وهذه التعددية تفسح المجال لتشكل الأصل الكتابي. فالوعي بهذه الخصوصية من شأنه أن يفتح أفق كتابة الشعر وتلقيه على مصادره وأصوله.

وأوضح: يستدعي ترتيب القصائد في الكتاب الشعري أسئلة قلما يلتفت إليها الخطاب الواصف، ذلك أن الترتيب الذي ارتضاه الشاعر ينطوي على محددات وموجهات تقصي المصادفة وتحتكم إلى الوشائج الصامتة التي تؤسس للبعد الكتابي في مجموعة "جدار أزرق". غير أن الذي يشد قصيدة إلى أخرى هو البعد المعماري الذي ترتضيه الذات الكاتبة، وتخلق تواشجا يعضد الرؤية التأليفية، فالقصائد لا تـتقـيّد بمواضعات زمنية، وإنما ترتهن للحصيلة الكتابية والرهان الكتابي، فقصيدة "لست مطمئنا لشيء" تؤشر على رهان الافتتاح بها لما هو مترسخ في القصيدة الأخيرة "حزمة أنفاس كتبتها الريح"، وبين القصيدتين تتحدد دلالات الكتاب الشعري، وتدمج القصائد داخل هاجس كتابي صرف.