رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نكبة بيروت.. لغز الباخرة روسوس


آه.. يا بيروت، يا صاحبة القلب الذهب.
سامحينا..
إن جعلناك وقودًا وحطب
للخلافات التى تنهش من لحم العرب
منذ أن كان العرب.
صاحبة القلب الذهب، كما وصفها نزار قبانى، فى السطور السابقة. أو «صاحبة الوجه الحزين»، كما رآها فى سطر لاحق، صارت «مدينة منكوبة»، حسب توصيات المجلس الأعلى للدفاع فى لبنان، إلى مجلس الوزراء، الذى انعقد أمس الأربعاء، وقرر إعلان حالة الطوارئ لمدة أسبوعين، على أن تتولى السلطة العسكرية العليا صلاحية المحافظة على الأمن، وتوضع تحت تصرفها جميع القوى المسلحة. غير أننا لم نعرف، بعد، مدى استجابة «جميع» القوى المسلحة لتلك التوصيات، خاصة تلك التى لا تخضع لسيطرة الجيش اللبنانى.
الانفجارات الهائلة، التى ضربت مرفأ بيروت، فى السادسة مساء الثلاثاء بتوقيت بيروت، وأسفرت عن مقتل مئات وإصابة الآلاف وفقدان آخرين، وصفها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بأنها «كانت هجومًا مروعًا»، وقال إن مسئوليه العسكريين يعتقدون أنها نتجت عن هجوم أو انفجار «قنبلة من نوع ما». غير أن الخارجية الأمريكية قالت إنها تنتظر نتائج التحقيق. وبالفعل، قامت الحكومة اللبنانية بتشكيل لجنة للتحقيق، تضم وزراء الدفاع، الداخلية، والعدل، بالإضافة إلى قائد الجيش، ومدير عام قوى الأمن الداخلى ومدير عام أمن الدولة.
لا توجد أى أدلة أو معلومات، إلى الآن، تشير إلى أن الانفجارات الضخمة التى أدت إلى تصاعد سحابة على شكل فِطر عملاقة فوق العاصمة اللبنانية، كانت نتيجة هجوم أو عمل مدبَّر. وتكاد كل المصادر «الرسمية» تجمع على أنها نتجت عن انفجار مواد كيميائية، صودرت منذ سنوات، وتم تخزينها فى ظروف غير ملائمة. وقيل إن اللواء عباس إبراهيم، المدير العام لأمن الدولة اللبنانى، كان قد رفع تقريرًا بهذا الشأن، فى ٢٠ يوليو الماضى، أى منذ أسبوعين.
اجتماع المجلس الأعلى للدفاع بدأ بالوقوف دقيقة حدادًا على شهداء الانفجار. وقال الرئيس ميشال عون إن «الهدف من هذا الاجتماع، هو اتخاذ الإجراءات القضائية والأمنية الضرورية». وشدد على ضرورة التحقيق فى ما حدث وتحديد المسئوليات، مشيرًا إلى أن «تقارير أمنية أشارت إلى وجود مواد قابلة للاشتعال والانفجار». ثم دعا إلى عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء، ظهر الأربعاء، لمناقشة التوصيات ومتابعة تداعيات الكارثة.
أيضًا، تعهد حسان دياب، رئيس الوزراء اللبنانى، فى كلمة تليفزيونية، بمحاسبة المسئولين عن تلك «الكارثة الوطنية الكبرى»، وأعلن الأربعاء يومًا للحداد الوطنى على «ضحايا الانفجار». وخلال الاجتماع المشار إليه، دعا دياب إلى تشكيل لجنة تحقيق تصدر نتائجها خلال ٤٨ ساعة. وقال: «لن نرتاح حتى نجد المسئول عمّا حصل لمحاسبته وإنزال أشد العقوبات به، لأنه من غير المقبول أن تكون شحنة من «نيترات الأمونيوم» تقدّر بـ٢٧٥٠ طنًا، موجودة منذ ٦ سنوات فى مستودع، دون اتخاذ إجراءات وقائية».
لـ«سكاى نيوز عربية»، قال بدرى ضاهر، مدير عام الجمارك فى لبنان، إن شحنة «نيترات الأمونيوم»، لم تكن ستبقى فى لبنان، وإنما جاءت «ترانزيت»، وتم تفريغها بمستودع خاص بالكيماويات. موضحًا أنها كانت «محتجزة قضائيًا، بسبب خلاف بين المستورد والشركة الناقلة»، ثم زعم عدم وجود معلومات عن الوجهة التى قدمت منها أو التى كانت ستذهب إليها.
هذا الزعم، ينفيه العدد رقم ١١، من نشرة تصدرها شبكة متخصصة فى احتجاز السفن، تضمن تقريرًا عن قيام السلطات اللبنانية، فى ٢٣ سبتمبر ٢٠١٣ باحتجاز باخرة اسمها «روسوس»، rhosus، تحمل علم مولدوفيا، أبحرت من ميناء باتومى فى جورجيا وكانت فى طريقها إلى ميناء بيرا فى موزمبيق بسبب المخاطر المرتبطة بوجود ٢٧٥٠ طن من نيترات الأمونيوم، تمت مصادرتها، ونقلها وتخزينها فى العنبر رقم ١٢ لحفظها إلى أن يتم البت فى أمرها.
غير ما جاء فى تلك النشرة، أظهرت معلومات أن لجنة قامت، منذ أسابيع قليلة، بالتفتيش على ذلك العنبر، وتبيّن أنه يحتاج إلى صيانة وإغلاق بابه، الذى كان مخلوعًا إضافة لسد فجوة فى الحائط الجنوبى للعنبر يمكن من خلالها الدخول والخروج بسهولة. وتم توجيه إدارة مرفأ بيروت إلى ضرورة تأمين العنبر وصيانة كامل أبوابه ومعالجة الفجوة الموجودة فى حائطه. وهناك رواية أمنية تقول إن الانفجار وقع نتيجة تطاير شرارة أثناء عملية لحام الباب المخلوع!.
كل المعلومات، سابقة الذكر، لا تزال أولية وقد تتغير بمرور الوقت، كما تغيرت معلومات كثيرة، تتعلق بالتفجير، الذى وقع وسط العاصمة اللبنانية فى ١٤ فبراير ٢٠٠٥، وأودى بحياة رفيق الحريرى، رئيس الوزراء اللبنانى الأسبق، و٢١ آخرين، والذى من المقرر أن تعقد المحكمة الدولية، الأممية، الخاصة بلبنان، غدًا الجمعة، جلسة للنُطق بالحكم، غيابيًا، ضد أربعة متهمين ينتمون إلى ميليشيات «حزب الله» اللبنانى، الموالى لإيران.