رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سعيد علي يكتب: لماذا يكره فايلر صالح جمعة؟

فايلر و صالح جمعة
فايلر و صالح جمعة

رغم أخطائه التى لا تنتهى ومشاكله التى لا حصر لها، فإن صالح جمعة، صانع ألعاب الأهلى، يبقى معشوقًا لكل الأهلاوية، ومدعومًا فى كل أزماته مهما تبدلت أسماء الطرف الآخر.

مدربون كُثر اصطدم بهم «صالح»، أجمعوا على تمرده وعدم صلاحيته فى مؤسسة تحكمها قواعد وأُطر لا تقبل بشكل واضح استمرارية النماذج التى تسير على دربه، والوقائع المماثلة لحالته كثيرة، ويعرفها جمهور الأهلى جيدًا.

لكن حالة «صالح» بالتحديد لاقت صبرًا غير مسبوق من كل الأطراف داخل الأهلى، رغم كونه اللاعب الأكثر خرقًا للنظام، وصاحب الصدارة فى ملف الخصومات والعقوبات فى هذه الألفية بشكل عام، وربما تلك المنطقة الوحيدة الذى وجد «صالح» نفسه فيها فوق الجميع بما فيها ثوابت الأهلى الطاردة لكل متمرد.

عندما تبحث عن تفسير واضح لحالة الحب والعشق الكبيرة من جماهير الأهلى لصالح جمعة، فبكل بساطة يمكنك استنتاج عنوان واضح وهو «ولع الجمهور المصرى بالكرة الجميلة وارتباطه الوثيق بالحرفية على مدار تاريخ الكرة المصرية، حتى لو كثرت مشاكل اللاعبين ومهما بلغ تمردهم»، ولعل مسيرة التوأم وإبراهيم سعيد خير برهان على ما نقول، فرغم خروجهم على النص فى أوقات كثيرة، لكن ظل الجمهور طوال الوقت فى صفهم فترات طويلة، حتى تبدل الزمن وتغيرت التفاصيل واتضحت الحقائق.

وإذا كانت حالة الدعم الجماهيرى لصالح جمعة لها سند من المنطق وتأويلات يمكن استيعابها، لكن يبقى الشىء الجديد والمحير هو موقف إدارة الأهلى، التى صبرت على اللاعب، وترفض كل رؤى ومواقف من تولوا تدريبه داخل الأهلى، خلال فترة طويلة، سواء كانوا أجانب أو مصريين.

لا يؤمن شخص واحد داخل مجلس إدارة الأهلى بأن صالح جمعة يستطيع تعديل مساره وتقديم جديد مع الفريق، ومع ذلك يمارس المجلس ضغطًا كبيرًا على السويسرى رينيه فايلر، لإقناعه بضرورة منح اللاعب فرصة.

ورغم دراية المجلس الكاملة بموقف «فايلر» الرافض بشكل قاطع العدول عن موقفه بمنحه فرصة للمشاركة، لكنه يواصل ارتكاب بعض الأخطاء بفرض اللاعب على المدرب فى التدريبات، لكن تلك الأخطاء قد ترتقى إلى منطقة الحماقات، إذا تطور خلاف «صالح» إلى اشتباك مع «فايلر» على الخطوط وأمام الشاشات، فى ظل رفض المدرب مشاركة اللاعب فى المباريات ولو بأجزاء بسيطة.

ومن يظن أن هذا الطرح مستبعد، فعليه النظر لردة فعل صالح جمعة خلال وديتى سموحة والجونة، وهو ينظر لجميع زملائه يشاركون بمن فيهم اللاعبون الصغار الذين يظهرون للمرة الأولى.

من شاهد حوار المدرب السويسرى الأخير فى قناة «الأهلى»، قبل أيام، مع هانى رمزى يستطيع أن يقرأ من خلاله بعض التفاصيل الصغيرة، وهى أن خلاف «فايلر» مع الإدارة حول صالح جمعة ليس لأسباب أخلاقية أو بفعل سلوكياته فحسب، بل إن الجزء الأكبر من اعتراضه على وجود اللاعب لأسباب خططية تجعل اللاعب فى وجهة نظر المدرب مفتقدًا أساسيات اللعبة، وأنه لن يضيع وقته فى إكسابه إياها، خاصة أنه لا يستوعب التعليمات ولا يلتزم بما يقال.

حينما سأل هانى رمزى رينيه فايلر عن صالح جمعة، قال إنه لاعب جيد فنيًا، لكنه يحتاج لتعلم أشياء كثيرة، لكى يساعد فريقه وزملاءه.

وحينما سأله عن رأيه فى اللاعب المصرى، قال تعيبه قلة الحركة دون كرة وحب امتلاكها وقتًا طويلًا، وهذا ينتج مشاكل خططية كثيرة، وتعود أسباب ذلك لعملية تأسيس الوعى الخططى للاعب منذ الصغر.

وإذا دققت هنا فى عيوب اللاعب المصرى بعين «فايلر»، ستشعر بأنه يقصد صالح جمعة، أو أنه أكثر نموذج ينطبق عليه الكلام، فهو لاعب يميل للاستحواذ على الكرة وقتًا طويلًا، والاعتماد على العمل الفردى أكثر من جماعية الأداء، كما أنه دون كرة قليل الحركة، ولا يمتلك الوعى الخططى لاتخاذ الأماكن الأفضل بالنسبة للجمهور الذى يحب أن يرى الكرة بحوزة «صالح» الساحر الممتع.

وبالنسبة لـ«فايلر» اللاعب لا يلمس الكرة سوى ٣ دقائق خلال المباراة، وما يعنيه أكثر هو حركة اللاعب دون كرة خلال ٨٧ دقيقة أخرى، فربما تصنع هدفًا أو تكون أنت السبب الأهم فى تسجيله، بفضل تحرك ذكى يفتح المساحة إلى المرمى، وكذلك ربما تمنع هدفًا مؤكدًا دون أن تتدخل مع الكرة بفضل إغلاق زاوية معينة أو تضييق مساحة.

والأزمة الأكبر لدى «فايلر» أن تلك التفاصيل الصغيرة هى أساسيات عمل الكرة الحديثة، وصعب أن يتعلمها لاعب كبير يرى نفسة الأمهر والأفضل بين الجميع.

يذكر «هنرى»، نجم برشلونة ومنتخب فرنسا، أنه ذات مرة طلب منه «جوارديولا» الالتزام بالتمركز عبر الخطوط وعدم دخول العمق، لأنه لا يريد أن يخرج لرقابته ظهير الخصم ويفتح مساحة بين الأخير وقلب دفاع الخصم سيتحرك فيها أحد رفاق «هنرى» من لاعبى الوسط.

ويقول «هنرى» إنه فى إحدى الهجمات انطلق بالكرة إلى العمق واقتحم منطقة الخصم وسجل هدفًا ففوجئ بـ«جوارديولا» بين الشوطين يستبدله، لأنه خالف تعليماته بالدخول إلى العمق، وترك الخطوط التى ألزمه بالتمركز جوارها.

نعم سجل «هنرى» وعوقب، لأن منظومة اللعب الحديثة تتطلب وعيًا فى اتخاذ الأماكن والتحرك دون كرة، والتزامًا كاملًا بتعليمات المدرب الذى يحدد مساحة الابتكار والعمل الفردى فى إطار بيّن، وواضح أيضًا.

هذه هى كرة القدم الحديثة التى يؤمن بها «فايلر»، ولا يرى صالح جمعة لاعبًا مناسبًا لها، لأنه من النوعية الفردية التى تختصر كل شىء فى مراوغة وأسلوب فردى يضر العمل الجماعى، ويعيب المنظومة عمومًا.

وإذا نظرنا لموقف «فايلر» من سلوكيات «صالح» من جهة، ومن الناحية الخططية الأخرى سنجد أن الرهان على دخول اللاعب منظومة السويسرى رهان خاسر، ولا جدوى منه ولا حل أمام الأهلى سوى إقناع اللاعب بالتجديد، والخروج إعارة موسمًا لحين نهاية مرحلة «فايلر»، فربما تكون الفرصة متاحة بشكل أكبر لتسويقه وبيعه بسعر جيد، وهذا أفصل كثيرًا من الإصرار على تسويقه عبر بوابة «فايلر».