رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«ولد صالح».. غواص يدفن والدته ثم يعود للبحث عن «غريق النخيل»

مروان الغزالي
مروان الغزالي

لم يكن لديه علم أن هذه المرة ستختلف عن المرات العديدة الماضية، حيث إنه من المعتاد تشجيع والدته له في كل صباح لاستكمال عمله وإنقاذ الغارقين، إلا أن في ساعتها الأخيرة كان طلبها أن يبقى بقربها نظرًا لخوفها هذه المرة، لكنه لم يتوقع أن يفقدها أبدًا، وكان كل تفكيره أنه مجرد خوف أم على ابنها فقط، وفجأة أثناء رحلته تحت الماء للبحث عن غريق شاطئ النخيل ألح عليه شيء ما بداخله بالخروج على الشاطئ، ليجد مكالمات هامة وكانت بمثابة صدمة لا مثيل لها.

'' الدستور'' تحاور أحدى الغواصين بشاطئ النخيل، الذي قرر أن يتحدى حزنه على وفاة والدته ويستكمل مهمته على غريق شاطئ النخيل الذي ابتلعته الأمواج منذ 9 أيام، وما زال البحث مستمر عنه حتى الآن.

«كل مرة وهي تعبانة بتقولي أنزل متتأخرش على الناس، اليوم ده قالتلي خليك متنزلش أنا خايفة عليك» هكذا بدأ مروان الغزالي، 30 عامًا، غواص متطوع ورئيس غرفة عمليات الإنقاذ بجمعية الإنقاذ البحري وحماية البيئة، حديثه لـ« الدستور»، متابعًا أن "حالة انتشال آخر غرقى شاطئ النخيل تكاتف الجميع فيها، وهو واجبنا لذلك طمأنت والدتي، أنني سوف أذهب للمساعدة وأعود مثل كل مرة، ولكن كان أمر الله".

واضاف أنه يوم الخميس الماضي، كان في المياه في محاولة للبحث عن جثمان «شادي» غريق شاطئ النخيل، قائلًا: "خرجت بمفردي، فكان شيئًا بداخلي يخبرني أن أخرج من المياه، فوجدت مكالمات كثيرة فائتة من والدي، وعندما تواصلت معه أخبرني بأن والدتي نقلت عن طريق الإسعاف إلى المستشفى"، متابعًا: بعد أن علمت بالأمر توجهت مع صديقي إلى المستشفى على الفور ببدلة الغوص، فكانت قد نقلت للعناية المركزة في حالة سيئة، وتوفيت في فجر اليوم التالي".

وأشار إلى أن والدته كانت دائمًا تشجعه على العمل في الإنقاذ، قائلًا «كانت في فترة سوف تجري عملية جراحية، وتلقيت وأنا معها في المستشفى بلاغ غرق، وهي من طلبت مني أن أذهب وسوف تنتظرني، وبالفعل توجهت لمكان الغريق مع فريق الإنقاذ، وعدت إلى المستشفى بعد ثلاث ساعات وكانت حينها في غرفة العمليات وخرجت بخير».

وأوضح أن تمسكه بالمشاركة في انتشال الغريق، كانت نابعة من رغبة والدته التي كانت تحفزه على العمل الخيري، بجانب ذلك وجد الجميع من يعرفه أو لايعرفه يعزيه، قائلًا: «ناس كتير كلمتني تعزيني وتترحم على أمي، وبتدعيلي بسبب أني كنت في واجب إنساني، كل ده شجعني أني لن اتخلى عن أداء واجبي تجاه أهل الغريق، بإذن الله بعد خروج شادي يكون ذلك صدقة على روح أمي فكان الجميع يدعون لها ويترحمون عليها».

واستكمل حديثه قائلًا: تواصلت مع كابتن إيهاب المالحي في اليوم الثاني للجنازة، أبلغته أنني سوف أتحرك على شاطئ النخيل مع أفراد طاقم الإنقاذ، وهو ما تفاجئ به لأنه ثاني يوم للعزاء، ولكنني كنت قد اتخذت القرار، لن اتخلى عن تلك المهمة، ولا عن الوقوف بجانب أهالي الشاب الصغير".

وأضاف "توجهت في صباح يوم الجمعة إلى الشاطئ، وتم التنسيق بين مجموعتي وعدد من قوات الإنقاذ النهري لتشجيع أنفسنا بالنزول خلف الحواجز الصخرية، من الجهة البحرية، وتم البحث في 4 حواجز، وكانت عملية البحث شبه مستحيلة، ولكن تحديت نفسي، وكان الجميع متخوف بسبب ارتفاع الأمواج وشدة الرياح، واستغرقنا قرابة الساعة للخروج من مياه البحر، فلم نكن نستطيع الخروج بسبب الدوامات، وبفضل الله خرجنا جميعنا سالمين".

وعن عمله في جمعية الإنقاذ البحري، قال إنه يعمل في الإنقاذ من 7 سنوات، مضيفا: "ونتعرف على البلاغات عن طريق البلاغ من أهل الغريق للشرطة، ثم يتم إبلاغ قوات الإنقاذ النهري، ويتم أيضا التواصل معنا، للتنسيق مع قوات الإنقاذ النهري بالحماية المدنية".

وأشار إلى أنه "من أول يوم في حادث غرقى النخيل تم إبلاغنا، وكان هناك بلاغ آخر بشاطئ لوران، وتم انتشال الجثمان، كما تم انتشال جثمان أيمن الغريب بشاطئ النخيل عن طريق أحد أعضاء الفريق الغواص "محمد القرموطي"، ولم يتبقى سوى شادي آخر غرقى النخيل"، مؤكدًا أن حالة جثمان شادي ليست صعبة، ولكن طبيعة البحر هي السبب في تأخر خروج الجثة، ولكن مع اعتدال الأحوال الجوية سوف يكون خروج الجثمان سهل بمشيئة الله.