رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تنمية الصعيد


يحاول الرئيس عبدالفتاح السيسى جاهدًا حث الحكومة على المزيد من الاهتمام والتنمية بالصعيد، لأجل هذا اتجه معظم المشروعات الاستثمارية فى كل المجالات إلى الصعيد، معظم تلك المشروعات تمثل فى التنمية العقارية والسياحية والتعليمية. وتم تطوير محطات المياه العذبة وتزويد قدراتها، ولكن جاءت جائحة «كورونا» لتعطل تلك التنمية.
البنية التحتية فى الصعيد شملها بعض التطوير، وهى الطرق والمواصلات الصحراوية التى تلتف حول المدن.
أما النقل الداخلى بين المدن وخدمات الصرف الصحى والإسكان، فما زالت لم يشملها أى تطوير، وهى العوامل التى تسبب الاستقرار للإنسان فى موطنه، فضلًا عن دورها فى التنمية وتحقيق الاستثمار.
فلا يزال شريان الطريق الرئيسى الذى يربط كل مدن الصعيد بالقاهرة المعروف بـ«الطريق الزراعى» مفتوح الفم لالتهام المزيد من أبناء الصعيد فى سياراتهم أو حتى أثناء سيرهم فى هذا الطريق، فلا يكاد يمر يوم دون وقوع حادث جسيم يطيح بالعشرات.
هذا الطريق ضيق، ويقع على جانبيه معظم القرى والمراكز فى الصعيد. والإضاءة الليلية حسب التساهيل، وفضلًا عن ذلك فإن الطريق لم يعد يتسع لمواكبة النمو المطرد فى السكان.
الطرق الصحراوية لم تحل محل هذا الطريق، ولكن الواقع يقول إن الطريق الزراعى لا بديل عنه، فهو يربط كل مراكز الصعيد وقراها بالعاصمة، والطريق الصحراوى يربط عواصم المحافظات فقط، وهناك صعوبة فى استخدام هذا الطريق على سكان المدن والقرى فى وادى النيل.
كما أن معظم مدن الصعيد لم تُستكمل بها مشروعات الصرف الصحى، الأمر الذى يهدد ثروتها العقارية والأثرية لخطر الانهيار بفعل التعرض للمياه الجوفية، فضلًا عما يشكله تجمع مياه الصرف فى بيارات العقارات من خطر على النظافة العامة وصحة الناس، والمصير الغامض الذى ينتظر الأهالى هناك من اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف، لا قدر الله.
أما عن مشكلة النقل بين المحافظات، والتنقل خلال مدن الصعيد فهى متروكة لإمبراطورية الميكروباصات بكل جبروتها، التى لم تتطور منذ ثلاثين عامًا.
لقد اختفى تمامًا أسطول أتوبيسات الركاب الذى كان مملوكًا لهيئة النقل العام من الساحة، واكتفى هذا الأسطول بنقل الركاب من القاهرة إلى عواصم المديريات فقط، كما لا توجد شركات لنقل الركاب بسيارات مينى باص أو حتى أتوبيسات، كتلك الموجودة فى مدينتى القاهرة والإسكندرية.
أما عن السكك الحديدية فقد ارتفعت أسعارها المكيفة، خاصة فى المسافات القصيرة، لم تعد تصلح لمواكبة حركة نقل الركاب فى الأقاليم لعدم انتظام مواعيدها.
الحقيقة أنه رغم التطور الذى حدث بهيئة السكك الحديدية بكل منظومتها، فإنها غير قادرة على استيعاب حركة النقل بين مدن الصعيد، أو حتى بين القاهرة ومدن الصعيد، وما زالت هناك مشاكل فى الحجز فى القطارات المكيفة، تمتد عدة أيام، ومن الصعب الحصول على تذاكر للسفر فى نفس اليوم.
أما عن مشكلة الإسكان فى الصعيد، فحتى الآن لا يوجد تفسير منطقى لهذا الارتفاع الجنونى فى أسعار العقارات، والشقق والمنازل فى الصعيد، وهو الأمر الذى يهدد التنمية فى الصعيد من أساسها، وهو ما يفسر حركة النزوح من مدن الصعيد إلى القاهرة والإسكندرية، وكان الأمل أن يساعد الظهير الصحراوى لمدن الصعيد، أو المدن العمرانية الجديدة فى التخفيف من أزمة العقارات والمساكن، ولكن إهمال وزارة الإسكان، وقيامها ببيع أراضيها للمستثمرين بأعلى الأسعار، وتخليها عن دورها فى تشييد مساكن الفقراء فى الصعيد، كل هذا أسهم إلى حد كبير فى تفاقم المشكلة، حتى أصبحت الحلول العاجلة صعبة.
وكنا نتمنى أن تمتد يد الحكومة إلى عشوائيات مدن الصعيد.. إلا أن الأهم من هذا كله التنمية الثقافية، فهذا النوع من التنمية لم يتجه أبدًا ناحية الصعيد، ولا يعرف عنه أبناء الصعيد شيئًا.. الصعيد وسكانه لا يعرفون عن وزارة الثقافة إلا مهرجاناتها الموسمية التى تقيمها كل عام.
الصعيد بحاجة الى التنمية الثقافية الجادة التى تكون قادرة على تغيير بعض الثقافات التى ترسبت بفعل عصور طويلة من الجهل والتخلف عاشت فيها مصر ومعها الصعيد.