«منصور يافاش».. كيف أصبح الاسم الأكثر إزعاجًا لـ أردوغان؟

سلّط تقرير لصحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية الضوء على اسم منصور يافاش، الاسم الذي بات يشكل عقدة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث بدأ يافاش رئيس بلدية أنقرة الكبرى والذي ينتمي إلى حزب الشعب الجمهوري المعارض بإزعاج الرئيس مع مبادراته الاجتماعية التي أطلقها خلال جائحة كورونا ورفعت أسهم محبيه مقابل شعبية أردوغان وحزبه.

كما ركز التقرير على المساعدات الإنسانية التي قدمها يافاش للأسر المتضررة جراء جائحة كورونا، والتي استطاع من خلالها خطف الأضواء من أردوغان وحزبه في العاصمة، مسببا إزعاجا كبيرا لأردوغان.

من جانبه، علّق رئيس معهد «إسطنبول» للدراسات والأبحاث سيرين سالفين على هذه المسألة، واعتبر أن تلك المساعدات ذات الأبعاد المحلية تحدت رسالة النظام الحاكم التي زعم فيها أن حزب الشعب الجمهوري لا يمكنه إدارة البلاد، وإذا نجحت الإدارات المحلية للحزب المعارض فإن أردوغان سيكون تحت تهديد كبير.

على الجانب الآخر، رأى مركز «ميترو بول» للدراسات والأبحاث التركي، أن شعبية يافاش وكذلك رئيس بلدية إسطنبول التابعين لحزب الشعب الجمهوري ارتفعت بصورة كبيرة خلال أزمة كورونا.

لعل أكثر المبادرات التي أزعجت الحزب الحاكم بقيادة أردوغان، قيام يافاس بتسديد بعض الديون في محلات البقالة عن مواطنين يعانون من الفقر، وذلك في إطار حملة خيرية، أطلقها قبل شهرين بهدف تخفيف الأعباء الإضافية التي تعرضت لها الأسر الفقيرة بسبب جائحة كورونا.

على غرار يافاش، ينافس حاليا رؤساء البلديات المعارضون الرئيس التركي في استطلاعات الرأي، مع حصولهم على نسب تأييد شعبي مرتفعة، يأتي ذلك في حين تراجعت شعبية أردوغان في الأشهر الأولى من أزمة كورونا.

برز اسم منصور يافاش مؤخرا بشكل خاص، وبزغ نجمه بشكل مفاجئ كقيادي معارض جديد، إذ أفادت نتائج استطلاع حديث للرأي أن 65% يرون أن أداءه خلال أزمة كورونا كان موفقًا.

وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن نصف هذه النسبة المئوية الذين شاركوا في الاستبيان لتقييم أداء المجلس المحلي الناجح بمدينة أنقرة هم في الأساس من الناخبين المؤيدين لحزب العدالة والتنمية.

ولاقت خطط يافاش التي أعلن عنها مع بداية تفشي كورونا رضى العديد من المواطنين، ففي غضون أسابيع من تفشي الفيروس وانتشاره في تركيا، أعلن رئيس بلدية أنقرة عن خطط لدعم عمال النظافة وسائقي سيارات الأجرة ومصففي الشعر وغيرهم ممن تعرضوا لحرمان مفاجئ من مصادر الدخل، في وقت توقعت فيه مؤسسة جولدمان ساكس أن تتسبب الجائحة في انكماش الاقتصاد التركي بنسبة 5% في عام 2020.

مع قيام يافاس بابتكار حلول للعديد من المشاكل وسعيه للحصول على التبرعات لمساعدة المحتاجين، في المقابل سارع أردوغان إلى الإعلان بأن هذه الحملة والمبادرات المماثلة في المدن، التي تسيطر عليها المعارضة، غير قانونية وصدرت بالفعل قرارات بتجميد حصيلة التبرعات التي تم جمعها، لكن المفارقة أن أردوغان عاد ودعا لاحقا إلى حملة جمع تبرعات عبر البلاد.

لكن بلدية أنقرة لم تستسلم بل أطلقت حملة «اللطف معد»، التي نجحت في سداد ديون العملاء المتعثرين إلى محلات البقالة.

كما تجاوزت المبادرة القيود والحظر الذي فرضته حكومة أردوغان من خلال دعوة سكان أنقرة إلى زيارة المحلات التجارية في جميع أنحاء المدينة والتطوع بدفع المبالغ المتأخرة على الأسر المتعثرة والمتضررة من حالة الإغلاق بسبب الجائحة.

أنشأ يافاش نظامًا عبر الإنترنت يمكن المانحين من دفع فواتير الخدمات العامة، وشراء تذاكر الحافلات وحتى تحويل الأموال إلى أولئك الذين يعانون من عثرات مالية بسبب الجائحة، فيما قامت بلدية أنقرة بدور الوسيط لإتمام تلك الأعمال الخيرية.

فيما رأى بعض علماء الاجتماع إن إقبال المواطنين على المشاركة في هذه الحملات جاء كرد فعل على منع حكومة أردوغان لبعض التبرعات.

لم تتوقف مضايقات الحزب الحاكم بعرقلة جمع التبرعات، فمنذ تولي منصبه في أبريل 2019، واجه عمدة أنقرة الجديد بلدية غارقة في الديون، فيما عمل أعضاء مجلس المدينة، الذي يسيطر عليه حزب أردوغان، على عرقلة تنفيذ بعض مقترحات يافاس، الذي تعرض في الوقت نفسه لحملة تشويه عبر وسائل الإعلام الموالية لأردوغان والطعن في نزاهته باتهامات فساد باطلة.

إلا أن تلك الاتهامات والمزاعم أدت إلى نتائج عكسية حيث زادت شعبية الرجل في أنقرة، التي يبلغ تعداد سكانها 5.5 مليون نسمة، كما أن جهود يافاش، وتحركاته التي اتسمت بالحياد الحزبي، أدت إلى كسبه تأييد المترددين.

على غير رؤساء بلديات تركيا، اختار يافاس طريقًا آخر وهو العمل وتحقيق الإنجازات بصمت.

كما تبنى يافاش سياسة الشفافية الفائقة للقضاء على الشائعات التي وصمت بلديته بالفساد، إذ تم بث المناقصات مباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي.