رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحمد المفتى لـ«الدستور»: سد النهضة له آثار كارثية على السودان

أحمد المفتي
أحمد المفتي

أكد خبير القانون الدولي وممثل السودان السابق في مفاوضات عنتيبي وسد النهضة أحمد المفتي، أن سد النهضة ستكون له أضرار كارثية على السودان ما لم يتم التوصل لاتفاق نهائي وملزم لأديس أبابا.

ودعا «المفتي» في حوار مع «الدستور» إلى ضرورة التوجه بطلب محدد لمجلس الأمن الدولي يطلب فيه إصدار قرار واضح يلزم إثيوبيا بوقف ملء وتشغيل سد النهضة لحين التوصل لاتفاق ملزم، وإلى نص الحوار:

- أعلن وزير الري السوداني، الأربعاء الماضي، بعد انتهاء جولة المفاوضات التي دعت إليها الخرطوم، إحالة ملف المفاوضات إلى رؤساء حكومات دول الثلاث، كيف ترى هذا الأمر؟
هذا الإعلان يعني فشل المفاوضات التي تمت بين وزراء الري على مدار أيام بعد دعوة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إليها، وهو الأمر الذي يتطلب البحث عن حلول أخرى أكثر فعالية من أجل إيجاد حل نهائي وملزم للدول الثلاث.

- هل لسد النهضة أضرار فعلية على السودان تم تجاهلها في السنوات الماضية في عهد الرئيس المعزول عمر البشير؟
السد له أضرار كبيرة جدا على السودان، أهمها الأمن المائي للخرطوم فإثيوبيا لم تعترف بحقوق أو حصة السودان في مياه نهر النيل ولم تعترف باتفاقيتي 1955 و1959 فهي لا تعترف بأي حصص من مياه النيل للسودان، لذا الأمن المائي الحالي والمستقبلي للسودان في مهب الريح.
كذلك يسبب السد أضرارًا بيئية واقتصادية واجتماعية وغيرها على السودان، بالتالي وجب دراستها بشكل كامل والحديث عن تعويضات للسودان في حال حدوث أضرار له جراء السد وهو الأمر الذي لم يتم الحديث عنه أو إدراجه في المفاوضات مع إثيوبيا بشأن السد.
وقبل بدء تشييد أو بناء أو مؤسسة في العالم دون إجراء دراسات كافية عن أضرارها قبل فوائده، فوجب إجراء دراسات بيئية عن آثار السد وهذا لم يحدث بالتالي وجب إجرائها وتمسك السودان بهذا المطلب.
وبالنسبة لأمان السد لم يتم الحديث عنه وهذا خطر كبير جدًا على السودان، ووجب حتى وضع ترتيبات في حال تعرض سد النهضة للانهيار، وسبق أن انهارت العديد من السدود التي شيدتها إثيوبيا من قبل وهذا وارد أن يحدث بشكل كبير مع سد النهضة.
وبخلاف ذلك توجد العديد من البنود لم يتم تناولها أو الحديث عنها تضر السودان وجب فتحها والحديث عنها.

- توجه نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي محمد حمدان دقلو إلى أديس أبابا الأربعاء الماضي إلى إثيوبيا.. هل تمت مناقشة أشياء متعلقة بسد النهضة أو تم التطرق إلى قضايا أخرى تخص البلدان؟
أعتقد أنه تم التركيز على القضايا والملفات الأخرى، فملف سد النهضة مسئول عنه رئيس الوزراء كما تم الاتفاق عليه بين المجلس السيادي الانتقالي، وعندما زار أيضا دقلو مصر مؤخرا وحينما سئل عن سد النهضة قال إن هذا الملف مسئول عنه مجلس الوزراء.

- ماذا يمكن أن يقدم مجلس الأمن الدولي بشأن سد النهضة؟
يمكن لمجلس الأمن الدولي إصدار قرار ملزم لإثيوبيا بوقف ملء وتشغيل السد إلى حين التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث، لكن المهم تقديم طلب واضح ومحدد للمجلس، فسبق أن أرسلت الدول الثلاث طلبات إلى مجلس الأمن لكنها لم تكن غير محددة بالتالي لم يصدر المجلس شيئا.
ودائما القرارات التي تصدر عن مجلس الأمن أو الجهات والمحاكم الدولية وقضايا التحكيم الدولي بشأن السدود تكون وفق قواعد القانون الدولي الحاكمة للدول المشاطئة، لأن حرب المياه أي الحروب التي تقوم بين الدول بسبب الخلاف على إدارة مياه الأنهار تندلع بسبب التنكر لهذه القوانين الدولية، فحينما تقوم دولة ما بإنكار حقوق الدول الأخرى المشاطئة معها في النهر، فليس أمامها سوى شن الحروب لأنها ستموت عطشًا.
ووجب على مجلس الأمن أن يصدر قرارًا من أجل حل الأزمة لمنع المراغة والتلكؤ والتسبب في اندلاع الحروب.

- قال وزير الري السوداني ياسر عباس إنهم متمسكون بعدم إضرار سد النهضة بسد الروصيرص.. برأيك كيف سيضر سد النهضة بالسد السوداني؟
تشغيل سد النهضة أمر مهم وخطير، ووجب التنسيق بين السودان وإثيوبيا فيما يتعلق بإدارة السدين حتى لا يتأثر سد الروصيرص، فالسد الإثيوبي تبلغ سعته 74 مليار متر مكعب من المياه ما يعادل أكثر من عشر أضعاف الروصيرص الذي تبلغ سعته حوالي 6.7 مليار متر مكعب، لذا وجب التنسيق بشأن كمية المياه التي قد تخرج من سد النهضة بحيث يكون الروصيرص قادرًا على استيعابها وتصريفها بشكل آمن.

- كانت هناك وجهة نظر سودانية داعمة لسد النهضة فيما يتعلق باستيراد الكهرباء من إثيوبيا الناتجة عن السد. هل بالفعل يمكن للخرطوم الاستفادة من الكهرباء التي سينتجها السد وبسعر مقبول وبشكل منتظم؟
لا أعتقد على الإطلاق أن السودان سيستفيد من الكهرباء الناتجة عن السد، فحتى اتفاق المبادئ الموقع عام 2015 لم يمنح السودان الحق في استيراد الكهرباء بشكل ملزم وواضح، فالقول أنه إذا زادت الكهرباء المتولدة من السد عن حاجة إثيوبيا – وهذا لن يحدث – يمكن تصديرها للسودان.
أيضا لم يتم الحديث عن كميات ملزمة من الكهرباء وبسعر محدد يمكن تصديرها للسودان من قبل إثيوبيا أو وجود أسعار تفضيلية للخرطوم يمكنها الاستفادة منها.
كذلك قدرة السد على توليد الكهرباء ضعيفة، فالتقارير أكدت أن أقصى طاقة توليد يمكن أن يصل إليها السد لن تفيض عن حاجة إثيوبيا من الأساس، لكن تم الترويج بشكل مغلوط للشارع السوداني أنه سيحصل على الكهرباء بسعر رخيص وبشكل متوافر وهذا غير حقيقي.

- تخلت العديد من الدول عن فكرة بناء السدود المائية من أجل توليد الكهرباء نظرا لأضرارها البيئية.. برأيك لماذا تلجأ بعض الدول ومنهم إثيوبيا لهذه الفكرة؟
تلجأ بعض الدول لتوليد الكهرباء من السدود لانخفاض تكلفة توليد الكهرباء مقارنة بطرق أخرى، رغم الآثار البيئية الضارة الناجمة عن بناء العديد من السدود، لذا رفضت العديد من المؤسسات الدولية ومن بينهم البنك الدولي تمويل السدود الضخمة بسبب أضرارها البيئية الكبيرة، لذا يتم الاتجاه عالميا لعدم بناء أي سدود كبيرة في حال الحاجة إلى بنائها حتى لا يتم خلق مشكلات وأضرار بيئية كهذه لا يمكن تحملها.

- حضرتك شاركت من قبل في أعمال التفاوض الخاصة بنهر النيل وسد النهضة ممثلا عن السودان. كيف وجدت هذا الأمر ولماذا رفضت الاستكمال كممثل عن بلدك في سد النهضة؟
أنا كنت مقررًا للجنة العليا المائية في السودان، وبعد ذلك عملت كمفاوض عن السودان في مفاوضات نهر النيل التي بدأت من 1995 وحتى عام 2012 ثم تركتها، ورفضت الاشتراك في مفاوضات سد النهضة لأنه منذ البداية أدركت أن المفاوضات ستكون عبثية بسبب الممارسات الإثيوبية التي لن تصل إلى اتفاق ملزم، فهي تقوم بالتعسف الشديد في المفاوضات وبناء السد، كذلك أرادت أديس أبابا الدخول في المفاوضات دون أن تكون نتائجها ملزمة لها وهذا أمر غير مقبول وبالتالي ليس هناك داعي من الأساس للتفاوض إذا كان هذا شرطها.