رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«خلف التلال».. الهجمات الإسرائيلية على سوريا.. الاستراتيجية والأهداف

خط فك الاشتباك بين
خط فك الاشتباك بين إسرائيل وسوريا في الجولان

استمرار مهاجمة سلاح الجو الإسرائيلي أهدافاً عسكرية متعددة في مناطق واسعة في سوريا، أصبح أحد العناوين الرئيسية المعتادة ولكن بتفاصيل تختلف قليلاً كل مرة، بين مخازن سلاح، مواقع لإنتاج وسائل قتالية، بطاريات صواريخ أرض - جو، ومواقع مراقبة على طول الحدود.

قبل يومين، نفذت إسرائيل غارة جوية هاجمت خلالها موقعاً بالقرب من بلدة مصياف بريف حماة أسفرت عن مقتل 13 ناشطاً عراقياً وأفغانياً من الميليشيات، وذلك بعد هجوم قبل أكثر من أسبوع ضد هدف سياسي عسكري سوري وهو معهد الأبحاث العلمية السورية، والذي هاجمته إسرائيل لأنه مركز لتطوير وسائل قتالية عديدة من بينها تطوير سلاح كيميائي وبيولوجي.

الهجمات الإسرائيلية التي تكررت بشكل لافت خلال الشهرين الآخيرين يمكن تفسيرها في عدة نقاط:

بدأت هجمات سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا في عام 2012، في مرحلة متقدمة من الحرب الأهلية السورية، بعد أن اختارت إسرائيل عدم التورط في الأزمة السورية منذ بدايتها، فيما ازدادت الهجمات كثيراً في السنوات الخمس الأخيرة.

في البداية كانت الهجمات الإسرائيلية ضد قوافل تهريب السلاح الإيراني عبر الأراضي السورية إلى حزب الله في لبنان، ومنذ عام 2018، بدأت إسرائيل الهجوم على قواعد الحرس الثوري والميليشيات الشيعية.

إسرائيل وضعت نصب أعينها جميع ميليشيات المحور الشيعي الذي تقوده إيران، فالحرس الثوري الإيراني، والميليشيات الشيعية الأجنبية، حزب الله، والوحدات التابعة للجيش السوري كلهم مستهدفون من قبل إسرائيل، تحقيقاً للخط الأحمر الذي وضعته تل أبيب وهو عدم السماح بالتموضع الإيراني بالقرب من إسرائيل بشكل ترى أنه يهددها.

بعد أن كانت العمليات تنفذ فيما يسمى بسياسة الغموض، بدأت إسرائيل في العامين الأخيرين بنشر تلميحات مكثفة عن عملياتها في الأراضي السورية، وأعلن سياسيون إسرائيليون عن بعض الهجمات بشكل مُعلن.

عندما بدأت أزمة كورونا، لم يكن واضحاً هل ستتوقف إسرائيل أم ستستمر في هجماتها، وبدا أن حجم العمليات العسكرية المنسوبة إلى إسرائيل ضد عدة أهداف في سوريا انخفض بعد أول أسبوعين من تفشي الوباء في الشرق الأوسط، ولكن في الشهر الأخير ازداد بشكل ملحوظ، والذي يمكن تفسيره بأن إسرائيل تحاول استغلال أزمة كورونا في ايران وما سببته من ضائقة اقتصادية لتحقيق إنجاز عسكري لصالحها.

بعد أسابيع قليلة من أزمة كورونا بدا أن حكومة نتنياهو منحت رئيس الأركان أفيف كوخافي شيكاً مفتوحاً لمواصلة الهجمات، وأصبحت الساحة أكبر مما كانت، تمتد من على طول الحدود في هضبة الجولان، وصولاً للقواعد الإيرانية في عمق الأراضي السورية البعيدة عن حدود إسرائيل.

أصبحت أهداف هجمات سلاح الجو الإسرائيلي واسعة ومتنوعة، ولا تركّز فقط على أهداف تابعة للحرس الثوري الإيراني والميليشيات العاملة تحت رعايته، بل تمتد للهجوم على حزب الله وهجمات على مواقع مراقبة تابعة للبنية التحتية لـ"ملف الجولان" التي يقوم بتشغيلها حزب الله.

تتبع إسرائيل سياسة السير على الحبل في هجماتها على سوريا، فتقوم بالهجمات كل عدة أسابيع، كأنها تختبر رد فعل الخصم ومدى قوته وتحسباً لأي تصعيد مفاجيء يؤدي على نشوب مواجهة، فكأنما تدرس رد فعل الأسد أو الإيرانيين أو حتى الروس.