رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد الباز يكتب: كان اسمه رامي.. القصة الكاملة لإمام شهداء سيناء

محمد الباز
محمد الباز

على كثرة ما سمعت من قصص الشهداء، احتلتنى تمامًا قصة العقيد رامى حسنين، قائد الكتيبة ١٠٣ صاعقة، الذى ارتقى إلى الله فى أكتوبر ٢٠١٦، تاركًا وراءه فراغًا هائلًا، ليس فى كتيبته العسكرية، ولكن فى أرواح كل من عرفوه عن قرب.
لو سألتنى عن سر هذا الاحتلال، سأقول لك إن أمر رامى بالفعل كان عجيبًا، لم يتحدث هو كثيرًا عن عملياته البطولية فى مواجهة الإرهاب فى سيناء، لكنه ترك لنا من سيرته ما يدل عليه وعلى ما فعله.
كنت أسأل نفسى: كيف لرجل لا نعرف عن بطولاته الشخصية الكثير أن يحتل كل هذه المساحة على خريطة الشهداء؟
لم يكن مرور رامى حسنين فى الحياة عابرًا.
ترك وراءه أثرًا كبيرًا نعرفه به الآن، ولا أدرى بماذا يشعر فى قبره، وهو يقف شامخًا، يتحدث عنه الجميع بما يليق ببطل، غادر الدنيا وهو فى الأربعين من عمره، بعد أن قدم درسًا لنا جميعًا، درسًا يقول إن حياتك ليست بسنوات عمرك لكن بما تقدمه لوطنك وناسك وأهلك، وبما تتركه خلفك من سيرة طيبة.


ضع صور رامى حسنين أمامك، تأملها جيدًا، ستجده مثلى ومثلك، مواطنًا مصريًا طيبًا يمكن أن تقابله فى الشارع، تصلى إلى جواره فى المسجد، تجلس بالقرب منه فى فرح أو عزاء، يسلم عليك بودٍ دون أن يعرفك، يبتسم فى وجهك دون سابق معرفة، لكنها الابتسامة التى تعتقد معها أن بينكما عشرة طويلة وحبًا ومودة تسأل الله أن تدوم.
الصور العادية لا تخبرنا بحقيقة هذا البطل الأسطورى كاملة، يبدو فيها متواضعًا، وهى سمة يمكنك أن تمسك بها فى صور كل شهدائنا من رجال الجيش والشرطة.. نظرتهم فيها رجولة وصلابة وحنان يقتحمك، فتأنس بهم وتشعر بقربهم منك.
لم يكن رامى حسنين يتحدث كثيرًا عن عملياته فى مواجهة التكفيريين فى سيناء التى وصلها فى نهايات العام ٢٠١٥، وقد يستفزك هذا ولا بد أن تسأل عن السبب.
كان الشهيد رامى حسنين يكتفى بأن يُخبر من يسأله من أقرب الناس إليه عن عمله فى سيناء بأنهم هناك يحافظون على دماء الأبرياء، ولا يأخذون أحدًا بذنب التكفيريين، الذين يعملون على تحرى الدقة معهم.. فالجيش المصرى ليس معتديًا ولا سفاك دماء.

كنت أتعامل معه كواحد من هؤلاء الأبطال الذين قدموا أنفسهم فداءً للوطن دون أن ينتظروا شيئًا لأنفسهم، وربما يكون مشهده الأخير فى الحياة هو الذى جعل كثيرين لا يلتفتون إليه، ففى طريقه إلى مداهمة بعض العناصر التكفيرية انفجرت قنبلة فى سيارته التى كانت تتقدم سيارات رجاله.
مشهد عندما تتخيله لن تتوقف أمامه كثيرًا، حدث ما حدث فى ثوانٍ، مرت عليك كأنها لم تكن.. لكن تخيل أنك مكانه، أنك تجلس فى المدرعة وتتحول فى لحظة إلى أشلاء، أعتقد أن الأمر ليس سهلًا ولا هينًا.
كان هذا حظ رامى حسنين ونصيبه فى استشهاده.
لم تكن هناك مواجهة، لم يكن هناك قتال فى اللحظة التى استشهد فيها.
لكن السؤال هو: ألا يدلنا استهداف رامى نفسه بهذه الطريقة على القيمة والخطورة التى كان يمثلها فى حربنا على الإرهاب فى سيناء؟
كان التكفيريون يتحدثون عن رامى حسنين بأنه من الرجال الذين من الأفضل ألا تلاقيهم فى معركة، لأن مواجهتك معه حتمًا ستكون خاسرة.

لم يقدروا على مواجهته فغدروا به.
عجزوا عن رفع السلاح فى وجهه فزرعوا فى طريقه لغمًا.
لم تكن اللحظة التى ارتقى فيها رامى حسنين إلى السماء أسطورية بما يكفى، لكن حياته التى قادته إليها كانت أسطورية، كانت حياة بطل قل أن تجد مثله.
لقد تجمدت تمامًا عندما واجهتنى ابنته «نورسين» بالروح التى زرعها فيها أبوها.
كانت نورسين ضيفتى فى برنامج «٩٠ دقيقة»، جاءت مع أمها وجدها وعمها وشقيقتها الصغرى دارين، وعلى الرغم من أنها لم تكن بطلة الحوار فإنها كانت حاضرة وبقوة، وكثيرًا ما خطفت الكاميرا من الجميع، وقتها كانت أغنية «قالوا إيه علينا دول وقالوا إيه» أقرب إلى النشيد الوطنى الذى يغنيه الجميع فى كل مكان.

سألتها: بتعرفى تغنى قالوا إيه؟
قالت: لا ومبحبهاش.
استغربت وقلت لها: ليه؟
لم تجبنى بشىء، تدخلت والدتها بتقول لى إنها غاضبة من الأغنية، فعدت إليها أسألها، وألح عليها أن تغنيها، لكنها ردت مفسرة غضبها: عشان بيقولوا منسى بقى اسمه الأسطورة، ومفروض يقولوا رامى بقى اسمه الأسطورة.
ابتسمت لمنطقها وقلت لها: كلهم أساطير يا حبيبتى.
لم تكن نورسين تعرف ما الذى يمثله أبوها فى معركتنا ضد الإرهاب، قد تكون سمعت عنه بعضًا مما فعل، لكن الروح التى تحدثت بها لم تكن روحًا تكونت على هامش بعض الحكايات عنه، كنت أشعر بروح رامى حسنين تتحدث، كنت أشعر به متجليًا فى ابنته التى تلمع عيناها ذكاءً وحماسًا وخفة ظل.
كانت هذه سمة من سماته الكثيرة، لم يكن متجهمًا، بل كان بسيطًا عاش بين الناس، وخفيف الظل، وهو ما لمحته فى ردود نورسين وحركة دارين التى لم تتوقف.. فقد مضى رامى وترك للدنيا بعضًا منه.
رامى حسنين من أبناء إيتاى البارود محافظة البحيرة، مواليد العام ١٩٧٥، قضى فى دنيانا أربعين عامًا صهرته الحياة فيها وانصهر بها.
يصف لى والده محمد حسنين أحوال ولده، فقد كان قائدًا منذ صغره، فى المدرسة الابتدائية كان زملاؤه يلتفون حوله ويسمعون كلامه، وهو ما تكرر فى الإعدادية والمدرسة الثانوية، لأنه كان مؤهلًا لذلك تمامًا، فقد كان قوى البنية سريع البديهة، لا يستغرق وقتًا طويلًا فى فهم ما يقوله له الآخرون، هذا غير شجاعته التى لم تكن تخطئها عين، لم يكن رامى يخاف من شىء ولا من أحد.


أحد مدرسيه قال عنه: رامى ده عامل زى الألمونيا يسخن بسرعة ويستجيب بسرعة ويتفاعل بسرعة.
لم يكن دخوله الكلية الحربية وتخرجه فيها فى العام ١٩٩٦ مصادفة، فالكلية الحربية تدعو الأبطال الذين لا يتأخرون عنها أبدًا، وكان هو مقاتلًا من يومه الأول.
من بين ما يحتفظ به شقيقه حسنين محمد حسنين الذى كان ضابطًا احتياطيًا بالجيش، وتزامن هذا مع سنة رامى الأولى بالكلية الحربية، رسالة على ورقة من كراسة كتبها رامى وأرسلها له مع والده.
فى هذه الرسالة قال رامى لشقيقه حسنين: لقد استخرجت تحقيق الشخصية العسكرية ولا أستطيع أن أخبرك بأكثر من ذلك.
بدا رامى من هذه الجملة تحديدًا شخصية عسكرية تعرف معنى العسكرية، فلا يُحدث حتى أقرب الناس إليه عن حياته فى الكلية الحربية.
فى هذه الرسالة سنجد ما يشبه النبوءة، فقد وقّع رامى حسنين رسالته إلى شقيقه وهو لا يزال فى بداية حياته العسكرية بكلمتين دالتين هما «طالب مقاتل».. فهل رأى رامى مصيره قبل أن يصل إليه بسنوات؟ فهذه الرسالة كانت فى العام ١٩٩٣، واستشهاده كان فى العام ٢٠١٦، فكأنه رأى يومه الأخير قبلها بـ٢٣ عامًا.

لم يكن رامى طالبًا عابرًا فى الكلية الحربية، وقتها كان قائد الكلية هو اللواء مصطفى كامل، بعد سنوات وفى حفل إحياء الذكرى الأولى لرامى، عندما رأى صورته بين الشهداء، أشار إليه وهو يتحدث مع والده، قال: أنا أعرف رامى من أيام الكلية.. كان دايمًا بيتمنى إنه يكون شهيد وربنا استجاب له.
لن تندهش إذا قلت لك إن رامى كان الأول على دفعته.
كانت هذه هى الروح التى تحركه طول الوقت، أن يكون فى المقدمة، خلال عمله فى سيناء كان يصر على أن تكون سيارته فى طليعة العمليات، كان جنوده يطلبون منه أن يتقدموا قوة المداهمة حتى يكونوا فداءً له، لكنه كان يرد عليهم بحسم «هامشى بالمدرعة الأول وانتو خليكوا ورايا».

كان رامى حسنين نموذجًا للقائد الذى يجيد الفنون القتالية جميعها، ويحرص فى الوقت نفسه على أن يواصل رحلته العلمية، فقد سافر مبعوثًا فى مهمات علمية وعملية إلى إنجلترا وأوكرانيا وتونس، وحصل على ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان، وحصل على زمالة أكاديمية ناصر العسكرية.
بدأ رامى حسنين حياته العسكرية فى سلاح المشاة ثم تخصص صاعقة ضمن الدفعة «٩٠»، وعندما أصبح قائد الكتيبة ١٠٣ فى العام ٢٠١٥، كان قد حصل على كل فرق الصاعقة الأساسية والمتقدمة، وبعد زاوجه بعام واحد تم ترشيحه ليكون من بين قوات حفظ السلام فى الكونغو، وهى المهمة التى أتمها بنجاح، وعاد منها إلى سيناء، ليبدأ رحلته الأقدس حيث الطريق إلى الشهادة.
فى سيناء لم يكن رامى حسنين قائدًا فقط، ولكن كان قدوة للجميع، فكان طبيعيًا أن يفوز بلقب «إمام الشهداء».
زوجته الدكتورة رشا فريد كشفت لى عن سر هذا اللقب.
بعد وفاته استوقفها أحد أبناء القوات المسلحة، قال لها: أنا لم أخدم مع الشهيد رامى، لكننى كلما تحدثت مع أهالى الشهداء كانوا يأتون على سيرته بالخير، كانوا يقولون إنه كان قائدًا لابنهم.
دون ترتيب قال لها محدثها: الشهيد رامى كان فعلًا إمامًا لكل الشهداء.
مَن يقول لكم إن الشهادة رزق صدقوه.. وقد رزق الله رامى حسنين رزقًا كبيرًا باستشهاده.
وقائع الأيام الأخيرة فى حياته كانت تدل على ما سيلاقيه.
يوم الأربعاء ٢٦ أكتوبر ٢٠١٦ وكان فى إجازته الأخيرة، فقرر أن يسافر إلى مقر قيادة وحدات الصاعقة فى أنشاص، سلم على كل زملائه وقادته، كان يحرص على أن يصافح الجميع ويتحدث معهم وكأنه كان يودعهم.
يوم الخميس ٢٧ أكتوبر خصصه لزوجته وابنتيه، مر على والده وشقيقاته، وأهدى شقيقه حسنين قلمًا لا يزال يحتفظ به إلى الآن، كان رامى يحب ماركات الأقلام الثمينة، يحتفظ ببعضها ويهدى بعضها إلى أصدقائه.
يوم الجمعة ٢٨ أكتوبر انتهت إجازته، وصل إلى كتيبته ١٠٣ صاعقة، حاول أن يتواصل مع زوجته ليطمئنها على وصوله، كما اعتاد أن يفعل كل مرة، لكنه لم يستطع، ظل ساعتين يحاول أن يسمع صوتها، الشبكة كانت بخيلة عليهما، اكتفى بأن أرسل لها رسالة قال فيها: «اطمنى أنا بخير.. الشبكة ضعيفة».
يوم السبت ٢٩ أكتوبر كانت الكتيبة تجهز لمداهمة أحد الأوكار الإرهابية، لم يكن من المفروض أن يشارك رامى فى هذه المداهمة، لكنه ظهر فى اللحظة الأخيرة، وأصر على المشاركة، وكأن الشهادة كانت تناديه.
كانت الأجواء التى أحاطت برامى حسنين منذ وصوله إلى كتيبته تشير إلى أنه دخل حزام الشهادة.
كان يصافح الجميع ويحتضنهم.
كان يتحدث معهم ويوصيهم على بعضهم البعض.
قبل أن يركب مدرعته قال له أحد زملائه: خلى بالك من نفسك يا فندم.
رد مبتسمًا وربما مستهينًا: خليها على الله.
فأعاد عليه زميله: طيب خلى بالك من نفسك علشانا كلنا يا فندم.
فرد عليه بنفس النبرة: با ابنى قلت لك خليها على الله.
فكرر زميله للمرة الثالثة: طيب خلى بالك من نفسك يا فندم علشان مصر.
لحظتها نظر إليه رامى مقرًا بالحقيقة التى يعرفها جيدًا: يا ابنى البلد دى محفوظة حتى لو إحنا مش موجودين.
ارتباط رامى حسنين بكتيبته ١٠٣ صاعقة كان فريدًا من نوعه، كانوا يعرفون المداهمات الخطيرة، فينتظرونه لو كان فى إجازة حتى يأتى ويشارك، فالأسد كما كانوا يطلقون عليه كان يمنحهم جرأة وشجاعة تساعدهم فى الاقتحام، ولم يكن غريبًا أن يقطع رامى إجازاته من منتصفها ويعود إلى أبنائه فى كتيبته ليطمئن عليهم.
قيمة رامى حسنين الحقيقية لم تكن فى براعته كقائد عسكرى، من بين ما كان يعرف عنه مثلًا أنه كان يجيد الرماية بيديه، اليمين والشمال، بنفس القدر والمهارة، للدرجة التى كان يربك فيها من يتدربون معه فى الرماية، لكن الأهم من ذلك كله أنه كان ملهمًا.
هذه المساحة فى شخصية رامى حسنين يمكن أن نجدها فى علاقته بالشهيد أحمد منسى.
كان رامى أقدم من منسى بدفعة واحدة، لكن منسى كان يتعامل معه على أنه قائده ومعلمه، بدا هذا مما كتبه بعد استشهاده على صفحته بـ«فيسبوك»: «فى ذمة الله أستاذى ومعلمى، تعلمت منه الكثير الشهيد بإذن الله العقيد رامى حسنين إلى لقاء شئنا أم أبينا قريب».
تولى أحمد منسى قيادة الكتيبة ١٠٣ صاعقة بعد استشهاد رامى، ومن بين ما قاله ونقله عنه الدبلوماسى المرموق «محمد الغيطانى» أن منسى كان يتوقع أن يجد روح رامى فى استقباله على باب الكتيبة لتكدره لأنه تأخر فى الأخذ بثأره.
أحيانا أتخيل أن الله منح منسى كل هذا الرزق بعد استشهاده حتى يكون سببًا فى إحياء ذكرى الشهداء جميعًا، الذين لا يمكن أن يكونوا مجرد أرقام فى حياتنا.. بل هم حياتنا كلها.
من بين الشهداء الذين كان رامى حسنين ملهمًا لهم أيضًا، كان الرائد أحمد شبراوى الذى حضر جنازته، ولو أردت أن ترى نظرة وجع وحسرة وحيرة وحزن، يكفيك أن تراجع صورة شبراوى وهو يقف فى جنازة رامى لتعرف كل ذلك.
كانت جنازة رامى حسنين تليق به تمامًا.
من رفق الله بأسرته أن خبر استشهاده جاءهم بالتدريج.
كان والده يجلس مع أحد أصدقائه، اتصلت به واحدة من بناته تخبره بأن يعود إلى البيت، لأن هناك خبرًا سيئًا عن رامى، بعد أن عرفت أن هناك تفجيرات فى سيناء.
لم يتخيل الأب أن يكون ابنه استشهد، قد يكون أصيب فقط، لكنه وهو فى طريقه إلى البيت سمع إحدى السيدات تقول لجارتها: اللى مات بيرتاح، فأدرك وقتها أن هذه إشارة إلى أن رامى مات، لكنه لم يتأكد من الخبر.
استقبلته زوجة رامى، الدكتورة رشا، كانت شقيقتها قد اتصلت بها، قالت لها: «فيه تفجيرات فى سيناء اطمنتى على رامى ولا لأ؟».
فردت رشا بأن هذا وضع سيناء طول الوقت.
أخبرتها أختها: بيقولوا إن فيه واحد استشهد من إيتاى.
سألت زوجة رامى: ضابط ولا عسكرى؟
خففت شقيقتها من وقع الخبر: مش عارفة.
سألت زوجة رامى والده عندما رأته: رامى جاى حى ولا ميت يا عمى؟
فرد عليها: المهم إنه جاى.
أصبح الخير يقينًا، ويومها استمع والد رامى حسنين من وزير الدفاع، الفريق أول صدقى صبحى ما اعتبره شهادة فى حق ابنه، قال له: ابنك عاش راجل ومات راجل.. ولى معه أسرار وله معى أسرار لا يعلمها إلا الله.
بعد حوالى خمسة أشهر من استشهاده، وفى ٢٧ مارس ٢٠١٧، وفى حفل تكريمه هو ورفاقه من الشهداء، قال وزير الدفاع كلمة صادقة شعر بها أهله وكل من يعرفه: الشهيد العقيد العظيم رامى حسنين شرف لكل المصريين.
لا أخفى عليكم أننى ظللت كثيرًا أبحث عن سر رامى حسنين، ولن أخفى عليكم ما أرى أنه سبب حضوره الطاغى الذى قسم الله له به.
كان رامى حسنين ضابطًا حاسمًا وصارمًا.. وإنسانًا أرق من النسمة، وأعتقد أن رزق الله الكبير الذى منحه إياه فى سيرته الطيبة يأتى من العطاء المخفى، الذى لم يتوقف عنه رامى طوال حياته.
«العطاء المخفى».. أعرف أن الكلمة أوقفتك قليلًا، هذا هو السر فى أسطورية هذا القائد، فقد كان يعمل الخير دون أن يعرف ذلك أحد، ولا تزال أسرته حتى الآن تعرف أطرافًا مما كان يفعله طالبًا به رضا الله وحده.. وهو ما تكرر فى عمله العسكرى، فرغم عظمة ما بذله إلا أنه لم يتحدث كثيرًا عنه.