رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رد فعل «إخوانى» بائس ويائس


الفارس المصرى الأصيل الحر.. رمق الشهادة فى الطريق المر.. يفضل على طول الزمن منصور.. وما يتقلعشى من السلاح والمهر.. ولا من شبابه لحد نفخ الصور.. الملحمة أخلد من التماثيل.. كان حى ماله فى الشجاعة مثيل.. كان جسم فى تراب الوطن مثواه.. كان قلب كل المؤمنين جواه.. عظم شهيدك كل دم يسيل.

ما كتبه والد الشعراء فؤاد حداد عن الشهيد محمد عبيد، بطل معركة التل الكبير «١٨٨٢»، يصف أيضًا آلاف الأبطال الذين سبقوه ولحقوا به إلى حيث يذهب النبيين والصديقين والشهداء، وأحدثهم العشرة الذين ارتقوا، أمس الأول الخميس، جنوب مدينة بئر العبد فى شمال سيناء: ضابط وضابط صف و٨ جنود، بينما يواصل أبطال قواتنا المسلحة اقتلاع جذور الإرهاب.

القاعدة القديمة والبديهية تقول: فتّش عن المستفيد. والمستفيد، هنا، لا يتركك تتعب فى التفتيش عنه، بل هو الذى يُطل برأسه، وتفضحه أقواله وأفعاله وردود أفعاله. وعليه، لم يكن غريبًا أن يربط كثيرون على شبكات التواصل الاجتماعى، العملية الإرهابية بمسلسل «الاختيار»، الذى نسف فى ٦ حلقات أكثر من ٨٠٠ إصدار مرئى ومسموع ومقروء للجماعات الإرهابية على مدار ٦ سنوات، والمفارقة أن شاشة التليفزيون كانت تعرض أحداث المسلسل، بينما يعلن شريط الأخبار العاجلة فى أسفل الشاشة عن الهجوم الإرهابى الجديد.

الربط وارد، أو محتمل. أما المؤكد، فهو أننا أمام «رد فعل» بائس ويائس، على مئات العمليات التى قام بها رجال القوات المسلحة والشرطة خلال السنوات، الشهور، الأسابيع، والأيام الماضية، والتى كان أحدثها اكتشاف وتدمير ١٠ أنفاق بشمال سيناء، فى ٢١ أبريل الماضى، وضبط ٣١٨ بندقية مختلفة الأنواع. وقبلها بأيام كان اقتحام وكر الأميرية الإرهابى، منتصف أبريل الماضى، وإرسال كل من فيه إلى الجحيم، ليلحقوا بالذين تم إرسالهم، منتصف مارس الماضى، فى تبادل لإطلاق النار بمدينة بئر العبد. 

تلك مجرد عينات، من عمليات كثيرة تستهدف إحكام السيطرة على المنافذ الخارجية، تطهير سيناء من البؤر الإرهابية، وتحصين المجتمع المصرى من شرور الإرهاب والتطرف. واستمرارًا لجهود القوات المسلحة والشرطة فى تحقيق تلك الأهداف، وبناءً على معلومات مخابراتية تفيد بوجود بؤرة إرهابية بإحدى المزارع بشمال سيناء، قامت القوات، أمس الجمعة، بتنفيذ عملية نوعية أسفرت عن مقتل إرهابيين شديدى الخطورة. ولا يمر يوم، ولن يمر، دون أن يوجه رجال الجيش والشرطة صفعات قاسية لمن أرادوا تشكيك الشعب فى درعه وسيفه.

فى سبتمبر الماضى، مثلًا، قامت قواتنا الجوية بتدمير ٣٣ مخبأ وملجأ تستخدمها العناصر الإرهابية، وتدمير ٧ عربات دفع رباعى على الاتجاه الشمالى الشرقى، و٨٣ عربة على الاتجاه الاستراتيجى الغربى، و٢٥ على الاتجاه الاستراتيجى الجنوبى. وخلال أعمال التمشيط والمداهمة، التى قامت بها القوات المسلحة والشرطة، تم تدمير ٣٧ سيارة و٤٢ دراجة نارية من دون لوحات معدنية تستخدمها العناصر الإرهابية. كما تم تنفيذ عمليات نوعية أسفرت عن القضاء على ١١٨ إرهابيًا كانت بحوزتهم بنادق مختلفة الأعيرة وعبوات ناسفة معدة للتفجير. وقام المهندسون العسكريون باكتشاف وتفجير ٢٧٣ عبوة ناسفة تمت زراعتها لاستهداف قواتنا على طرق التحرك بمناطق العمليات، وجرى اكتشاف وتدمير ١١ فتحة نفق بالتعاون مع قوات حرس الحدود.
القاعدة القديمة والبديهية تقول: فتّش عن المستفيد. والمستفيد، هنا، قال منذ سبع سنوات إن «هذا الذى يحدث فى سيناء، ردًا على هذا الانقلاب العسكرى، سيتوقف فى الثانية التى يعلن فيها عبدالفتاح السيسى أنه تراجع عن هذا الانقلاب، وأنه صحح الوضع ورده إلى أهله، وأن الرئيس عاد إلى سلطاته»، وما بين التنصيص قاله نصًا محمد البلتاجى، القيادى بجماعة الإخوان، وكان «الرئيس» الذى يقصده هو محمد مرسى العياط، زميله فى الجماعة الإرهابية، التى تحركها وتستعملها دول معروفة بالاسم.

الكلام، كما ترى واضحًا ولا لبس فيه. ومع ذلك، هناك فئة تحاول غسل أيدى الجماعة وأرجلها من الدماء. فئة ضئيلة ضالة ارتضت أن تلعب دور الظهير السياسى للإرهابيين. ومن المهازل أو المساخر، أيضًا، أن تجد المنتمين لتلك الفئة يصفون قيادات الجماعة الإرهابية، بأنهم «معتقلون سياسيون»، متعامين عن الجرائم التى ارتكبوها وأدينوا عنها بأحكام قضائية نهائية وباتة. ولا مجال الآن للحديث عن الدوافع الحقيقية التى جعلت هؤلاء مطايا للإرهابيين، أو مركوبين منهم، ودفعتهم إلى ضبط كل تحركاتهم وأفعالهم وردود أفعالهم على ترددات موجاتهم.
العبوة الناسفة التى انفجرت، أمس الأول الخميس، لم تكن أكثر من مجرد رد فعل يائس أو بائس، ستتبعه، قطعًا، ردود أفعال، محاولات أو عمليات إرهابية أخرى. ولن يتوقف الإرهابيون طالما بقيت أوهام تحقيق أهدافهم قائمة، والتى ستظل قائمة ما بقيت أصنامهم التى يعبدون على قيد الحياة. وعليه، قلنا مرارًا ونكرر: اعدموا المربوط ولمّوا السائب.