رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إجراءات حكومية واسعة لحماية القطاع العقارى من تداعيات فيروس كورونا

كورونا
كورونا

«فى كثير من الأحيان تأتى الأزمات ومعها أفضل الفرص لصنع الثروات للبعض».. قاعدة أرستها الأسواق العالمية فى أعقاب أزمة «الكساد الكبير» عام ١٩٢٩، والأزمة الاقتصادية العالمية، التى ضربت الأسواق فى ٢٠٠٧، فمثلما تكون تلك الأزمات سببًا فى انهيار قطاعات، تساعد فى صعود أخرى.

وتعانى الأسواق فى العالم وليس فى مصر فقط، خلال الفترة الحالية، من تبعات انتشار فيروس «كورونا المستجد»، وتحاول بقطاعاتها المختلفة تقليص خسائرها بخطط بديلة تُحول فيها تلك الخسارة إلى مكسب، على رأسها القطاع العقارى، الذى أبدى فيما اتخذه من خطوات منذ بداية الأزمة، ما يدلل على أنه أقل الخاسرين، فى ظل قدرته على الخروج من الأزمة بأقل الخسائر، وبل ربما تحقيق مكاسب.

وقال عقاريون إن بعض الشركات قلصت أقساطها، فيما قررت أخرى إعفاء العملاء خلال فترة الأزمة، مع العمل على التجهيز لفترة «ما بعد كورونا»، مستفيدة من قرارات الحكومة والبنك المركزى ومبادرات غرفة التطوير العقارى والأوكازيونات فى إعادة ترتيب السوق خلال فترة التوقف أو التباطؤ.

ورأوا أن قرار البنك المركزى بتخفيض أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض بواقع ٣٪ هو الأجرأ والأكثر نفعًا، لأنه يفيد القطاع العقارى من جميع النواحى، سواء من خلال تحويل العملاء السيولة البنكية باتجاه شراء العقارات، أو عبر اتجاه الشركات للاقتراض بفائدة مخفضة لدعم مشروعاتها والتعاقد على مشروعات جديدة وتحسين مواقفها المالية.

وخفض «المركزى» أسعار الفائدة الأساسية بواقع ٣٠٠ نقطة أساس، ليصبح سعرا عائدى الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية عند مستوى ٩.٢٥٪ و١٠.٢٥٪ و٩.٧٥٪ على الترتيب، وسعر الائتمان والخصم عند مستوى ٩.٧٥٪، وذلك فى ضوء التطورات والأوضاع العالمية، وما استتبعه من التحرك للحفاظ على المكتسبات التى حققها الاقتصاد المصرى منذ انطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادى.

واعتبر طارق شكرى، رئيس غرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات المصرية، أن الشركات العقارية لديها مسئولية كبرى فى التغلب على تبعات أزمة انتشار «كورونا» وتأثيره على تباطؤ حركة المبيعات، من خلال إجراءات اجتماعية تتماشى مع إجراءات الحكومة لتنشيط الأسواق والحفاظ على ما حققته من مكاسب.

وقال إن من بين هذه القرارات قرارًا بتخفيض سعر الفائدة، الذى يعد مُحفزًا ومنقذًا لعدد كبير من الشركات العقارية والمشروعات المتعثرة، فى ظل تراجع القدرة الشرائية لدى عدد من شرائح السوق العقارية.

وأضاف: «عدد كبير من الشركات العقارية قلص تعاملاته مع البنوك فى الفترات الماضية بسبب ارتفاع سعر الفائدة، رغم أن القطاع العقارى أكثر القطاعات التى ترغب البنوك فى التعامل معها، كونه أكثر القطاعات الاستثمارية ربحية».

وتابع: «الشركات العقارية الآن فى فترة تحضيرية، وهى بحاجة لطرح مشروعات كبرى جديدة، وترغب فى تطوير أعمالها القائمة، والحفاظ على ملاءتها المالية، لذا فقرار تقليص سعر الفائدة جاء فى وقته لمساعدتها فى تنفيذ ذلك، خاصة أن الوضع الحالى لأسعار الفائدة أصبح أكثر عدلًا عن ذى قبل، فالفائدة عادلة بشكل كبير، مع الأخذ فى الاعتبار ما حدث من إحجام عن الاقتراض فى فترات سابقة بسبب أسعار الفائدة المرتفعة».

وأشاد «شكرى» بوعى الإدارة المصرفية، بالتزامن مع حالة البطء فى أداء الاقتصاد العالمى، مضيفًا: «الحكومة التى حققت قفزة إيجابية فى الأداء الاقتصادى تسعى حاليًا للحفاظ على ما تحقق من مكتسبات».

وقال طلعت جرجيوس، رئيس مجلس إدارة «هاوس بيلدنج» للتطوير العقارى وإدارة المشروعات، إن الشركات بدأت فى استغلال الأزمة مؤخرًا بالتحضير لمشروعات جديدة، والإعداد لانطلاقة قوية، بالإضافة إلى إعادة تقييم خريطة السوق العقارية ونظم السداد، موضحًا أن هناك شركات أعلنت تخفيض أقساطها طوال فترة الأزمة وبعضها أوقفها، كنوع من المسئولية المجتمعية، وهو ما يرفع أسهم هذه الشركات لدى العميل.

وأشاد بقرار خفض الفائدة، لأنه يدعم التمويل العقارى، ويعد أداة لتشجيع العملاء على التعامل عبر تلك القناة، متوقعًا أن يحقق القطاع معدلات نمو تقترب من حاجز الـ١٠٪ خلال الفترة المقبلة، فى ظل مساهمة سعر الفائدة فى زيادة عمليات الاقتراض وتقليص الإيداع، بجانب دعم عمليات وتوجهات الاستثمار بدلًا من الاحتفاظ بالأموال فى صورة سائلة فى البنوك.

وأضاف: «قرار خفض سعر الفائدة سيجذب شريحة جديدة من المشترين كانت تتجنب التعامل مع البنوك بسبب ارتفاع سعر الفائدة، وهذه الشريحة ستكون ضمن مشترى الوحدات السكنية بآلية التمويل العقارى»، مشددًا على أن السوق فى حاجة لمزيد من التسهيلات وعوامل الجذب ما يشجع المستثمرين على اقتحام قطاعات جديدة بجرأة أكبر.

واختتم «جرجيوس»: «السوق العقارية قد تتأثر بتداعيات توتر الاقتصاد العالمى بسبب وباء كورونا، فالمعارض العقارية والأحداث التى تنشط القطاع من وقت لآخر أُلغيت، وهو ما يضع المتعاملين فيه من مستثمرين وشركات وعملاء وحكومة فى مواجهة إيجاد فرص بديلة لتنشيط السوق، كإعلان الشركات أن مارس الجارى هو شهر تقديم الخصومات على شراء الوحدات العقارية، كأوكازيون أجمعت عليه الشركات العقارية جميعها».

وقالت رباب فراج، العضو المنتدب لشركة «إن لاند» للتسويق العقارى، إن الكيانات الاستثمارية عادة ما تضع استراتيجيات خلال أوقات الأزمات تستغل فيها السيولة النقدية فى اقتناص فرص استثمارية تتمتع بعائد مجز بمجرد انتهاء الأزمة.

وأضافت: «السوق العقارية فى بداية طريق التوتر جراء ما يعانيه الاقتصاد العالمى ومصر من تخوفات بسبب انتشار فيروس كورونا، ما أضر بمبيعات الشركات وتسبب فى إلغاء المعارض العقارية، وبالتالى لا بد من عوامل جذب وتحفيز ضد هذه الأزمات الطارئة».

وأشارت إلى أن الشركات بدأت أوكازيونات وتخفيضات على أسعار الوحدات السكنية تصل لـ١٥٪، كما أنها بدأت أوكازيونات على الوحدات الإدارية تصل لـ٢٠٪، مضيفة: «فى حالة نجاح هذه الأوكازيونات ستمدد الشركات فتراتها لما بعد مارس».

وتابعت: «فى أوقات الأزمات كثيرًا ما تنخفض أسعار أصول استثمارية أو تستقر وترتفع أسعار أخرى، ووسط هذه الموجة من التقلبات يفضل المستثمرون الاحتفاظ بالسيولة لمواجهة أى مخاطر محتملة أو تدهور شديد فى الأوضاع السائدة».

ورأت أنه بقرار تخفيض الفائدة يكتمل مثلث المسئولية الاجتماعية، سواء من الشركات بتنشيط مبيعات السوق، أو من الحكومة بالحفاظ على مكاسبها الاقتصادية التى حققتها خلال الفترة الماضية.

واختتمت: «الشركات العقارية يمكن أن تتوسع فى الحصول على تمويلات من البنوك لاستكمال مشروعاتها، خاصة أن تكلفة التمويل العقارى ستنخفض بنسبة ٣٠٪ للوحدات التى يتم تمويلها لمدة ١٠ سنوات، و٦٠٪ للوحدات الممولة على ٢٠ عامًا، لذا تراجع سعر الفائدة يدعم نمو قطاع التمويل العقارى، ويدعم رغبة العملاء فى الحصول على تمويلات مقارنة بفترات سابقة وصلت فيها الفائدة على التمويلات إلى ٢٤٪».