رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أخطأت التوقيت.. يا هذا


عبارة رائعة، قالها صديقى القديم، الأستاذ دويدار الطاهر، الرئيس السابق لقطاع الإنتاج المتميز بالقنوات المتخصصة فى تليفزيوننا المصرى، والأستاذ الحالى بإحدى كليات الإعلام، تعقيباً على مقالتى قبل الأخيرة..

قال الأستاذ دويدار «لو أن هناك عبودية على الأرض لغير الله، لكان شرف لنا أن تكون للبيادة التى يرتديها من وصفهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنهم خير أجناد الأرض»، فأنعم بها من عبودية ــ والحال هكذا ــ لمن دافع عن شرف التراب المصرى، ومازال، وصان الكرامة الإنسانية لشعب جُل أبنائه هم نسيج هذا الجيش العظيم.

وأوصانى صديقى، والوصية أمانة، أن أحمل، عبر هذا المقال، أمنيته إلى لجنة الخمسين، أن تحصن مدتى رئيس الجمهورية فى الدستور الجديد لنحو خمسين عاماً، تكون خلالها غير قابلة للتعديل، لا بالزيادة أو النقصان، تحت أى دعوى من الدعاوى، وكذلك تحصين مادة عدم جواز إنشاء أحزاب على مرجعية دينية، ولنفس المدة أيضاً، وقد بلغت رسالته، اللهم فاشهد.. وكان مسك ما قاله لى، ن خطأً إملائياً وقع بآية قرآنية فى آخر المقال، حيث جاءت «الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يظنون أنهم يحسنون صنعًا»، والصحيح «وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً»، فجزاه الله خيراً على كل ما جاء بمكالمته، بعد غياب عنى طويل.

أعود للانتماء إلى قواتنا المسلحة، لأتساءل، هل من عيب فى انتماء الإنسان إلى ذاته؟.. فما خلا بيت فى مصر إلا وكان منه ضابط أو جندى قد نال شرف الانتماء لهذه المؤسسة العسكرية، التى هبت جموع الجماهير غاضبة لها ومنتقدة ما جاء فى أولى حلقات برنامج «البرنامج» بعد عودته من الإجازة التى قضاها مقدمه باسم يوسف فى أمريكا!.. عاد باسم وقد بدا تائهاً متخبطاً، ليس له من بر يرسو إليه، ليبدأ حلقة برنامجه بإيحاءات جنسية سخيفة، لم تمنعه شرقيته أو نخوته المصرية، ولم أقل دينه وأخلاقه، عن القيام بها، استدراراً لضحك الناس على أشياء هى من المبكيات على مجموعة انحدرت فى مستواها الأخلاقى باسم الكوميديا البلهاء، وظنت أن الدغدغات الجنسية قد أصبحت جواز المرور إلى مزاج المشاهد المصرى وكارت الرهان للحصول على نسبة عالية من مشاهدته، وفى ذلك سوء ظن بهذا الجمهور الواعى، لأنه وبرغم كل الظروف والتحديات، مازال هذا الجمهور متمسكاً بعفته الأخلاقية، وإن ظن واهم بأنها راحت عبثاً فى حمأة الفوضى التى تعم البلاد، وإلا ما كان هذا الاستهجان الشديد من الجمهور، عبر كل وسائل الميديا المختلفة، لمحتوى الحلقة المسف، وما كانت تلك البلاغات التى تلقاها مكتب النائب العام ضد باسم يوسف، والتى تتهمه بإشاعة الفوضى وتكدير الأمن العام، أو تلك التى تتهمه بأنه تعمد الإساءة لسمعة مصر وتشويه صورتها أمام العالم، خاصة فى الفقرة التى شبهها فيها بامرأة لعوب تخون زوجها مع ضابط، على حد تعبير مقدم البلاغ.

لم يفرق باسم بين زمنين مختلفين فى طبيعتيهما، وردود أفعال الناس على ما يصدر خلالهما.. زمن الإخوان الذى اتسمت فيه القرارات بالازدواجية، حتى إثارة الضحك، وتلك التى استغلها باسم فى الموسم الأول لبرنامجه، فى وقت غضب الشعب فيه كثيراً من الإخوان وتصريحاتهم المتناقضة، حتى إن نقد باسم لهذه الأوضاع كان يخفف من التوتر لدى كثير من الجماهير، ويلبى احتياجات داخلية كثيرة عندهم.. أما الزمن الثانى، فهو ما بعد 30 يونيو، حيث تتعلق عيون الناس وتهفو قلوبهم للقيادة المخلصة والمؤسسة القادرة على حماية مكتسبات هذا الشعب، وبالتالى فإن أى مساس بهما يكون من قبيل الانتحار الإعلامى، لرجل أحبه الناس كثيراً، وقبلوا منه ما كان يأتيه فى حلقاته عن الموسم الأول.. لماذا؟.

لأن المؤسسة العسكرية تبقى فى الوعى الجمعى المصرى، من مقدسات الدولة المصرية، ويجب أن تكون بمنأى عن التهريج، لأن الناس تحب أن تغفو وتصحو على صورتها القوية التى تعرفها منزهة عن النقائص، دون تطاول من أحد أو محاولة الاجتراء عليها، لأن الوطن إذا كان أرضاً وشعباً وحكومة، فإن الجيش يبقى قبل كل هؤلاء، لأنه الذى يحمى، ويحافظ على البقاء.. وهنا مربط الفرس الذى انفك عنه باسم، فوجد ما لا يرضيه من الناس، ومازالت الأيام تجرى بما لا تشتهى نفسه.

إن ذلك لا يعد مهاجمة لحرية الرأى والتعبير، لكنه مراعاة لمفهوم الدولة واحترام مؤسساتها وشعبها، دون سخرية واستهزاء، وإلا دخل ذلك فى إطار ما يمكن تسميته «إهانة الشعب المصرى»، وتلك جريمة لا تغتفر.

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.