رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية حي «الفحامين» قبلة صناعة الأحذية بين أزقة القاهرة القديمة (فيديو)

حي الفحامين
حي الفحامين

أزقة صغيرة، اختلطت فيها رائحة عبق التاريخ مع الغراء، مر عليها المئات من الأيادي العاملة التي أزهقت أرواحها وسط جدرانها، غرقت المنطقة في كميات هائلة من الجلود، الكعوب، مواقد النيران، وكـأن كل ذلك تحمله الجدران على كتفيها أمله في الحصول على قوت يومها. حي الفحامين، أحد أحياء منطقة القاهرة القديمة، عرف بأنه مقصد الكثير لشراء الأحذية، كان في بادئ الأمر أشبه بقلعة كبيرة لهذا المجال، إلا أنه مع تقدم الزمن تغيرت خريطته ليختفي أكثر من ثمانين بالمائة من ورش التصنيع، ليبقى شيوخ المهنة وحدهم في مهب ريح سوق بيع الأحذية. جُسدت حكاية المكان في فيلم سينمائي حمل اسم "الحي"، أخرجه صلاح سري، كان أبطاله كلًا من كمال الشناوي، مجدي وهبه، صفية العمري، علي الشريف، عماد محرم. "الدستور" جابت أزقة حي الفحامين، وحاورت عددا من شيوخ مهنة تصنيع الأحذية في مصر. في التاسع من مارس الجاري، نشب حريق هائل في حي الفحامين، الأمر الذي دفع حي وسط القاهرة، برئاسة ناصر رمضان، اتخاذ عدد من الإجراءات القانونية لمجابهة ورش تصنيع الأحذية التي لا تلتزم باشتراطات الأمان. قال الأسطى عادل، يعمل في مجال تصنيع الأحذية منذ 53 عامًا، ومن أصحاب ورش ربع الفحامين، إن هذا المكان يعد أقدم منطقة تصنيع الأحذية، وبدأ حياته بين جدرانه منذ ستينات القرن الماضي، معلقًا: "زمان كنا شبه مصنع كبير متكون من ورش كتير جدًا". أوضح الأسطى عادل، أن مهمتهم تبدأ بإنشاء التصاميم الجديدة للأحذية، ومن ثم خوض تجربة صناعة النعل، تطويع الخامات الجلدية، الأقمشة، الأخشاب، في تصنيع الهيكل الخاص بالحذاء، منوهًا أنه يعمل معه في هذه الورشة حوالي ما يزيد عن 15عاملًا. تابع صاحب ورشة تصنيع الأحذية، أنه في الماضي كان يصدر المنتجات إلى دول العالم على رأسهم أوروبا، وكان باب التصدير مفتوح لكافة التجار الذين يقدمون على صناعة منتج مطابق لاشتراطات التصدير الخاصة بالدول، معقبًا: "دلوقتي بنطرح كميات كبيرة في السوق بسعر قليل ومحتاجين يفتتح لينا باب التصدير تاني". فيما قال محمد علي، عامل في ورشة أحذية، في منطقة الفحامين، الجمالية، القاهرة القديمة، إن المشهد اختلف تمامًا عن ذي قبل، لأن هناك بعض الورش تركت تصنيع الأحذية، وفتحت مجالا جديدًا لها، كبيع البلاستيكات، وورش تصنيع فرش السرائر. أضاف عامل ورشة الأحذية، أنه يعمل في هذا المجال منذ نعومة أظافره، فكان يعمل في أيام الإجازة الصيفية، حتى نضج وأصبحت هي حرفته الوحيدة التي يصرف منها على منزله، موضحًا: "دي بقت صنعتي". أنهى محمد علي حديثه، قائلًا: "نفسنا نلاقي مكان نسوق فيه شغلنا بره ونكبر فيه ونطور نفسنا أكتر ونبقى بننافس الشركات العالمية".